بعد اكتشافات الغاز وبدء استخراج النفط، تتطلع تركيا إلى التحرر من أعباء الاستيراد المالية، إذ إن فاتورة استيراد الطاقة عامل أساس في عجز الميزان التجاري، رغم ارتفاع الصادرات التركية لأكثر من 180 مليار دولار العام الماضي، وأكثر من 165 ملياراً عام 2020، رغم ما أرخته "كورونا" من إغلاقات وارتفاع أسوار الحدود بوجه التدفق السلعي بالعالم بأسره.
إذ تستورد تركيا سنوياً أكثر من 90% من استهلاك الطاقة من الخارج، أي نحو 53.5 مليار متر مكعب من الغاز ونحو 360 مليون برميل نفط، لتحتل المرتبة الأعلى من حيث الطلب على الطاقة بين دول منظمة التعاون والتنمية.
لكن إجمالي الواردات من البترول انخفض عام 2020 بنسبة 18.4% ليصل إلى 3 ملايين و463 ألفاً و900 طن، بحسب "تقرير قطاع سوق النفط" الصادر عن هيئة تنظيم سوق الطاقة لشهر أكتوبر/ تشرين الأول.
وبيّن التقرير أن شراء تركيا للنفط الخام، الذي يشكل أكبر بند من بين إجمالي واردات النفط، انخفض بنسبة 22.5 بالمائة إلى مليونين و328 ألفاً و557 طناً، وكانت أكبر واردات النفط الخام من العراق بـ 929 ألفاً و798 طناً، والنرويج بـ456 ألفاً و634 طناً، ثم روسيا بـ30 ألفاً و744 طناً.
وسيساعد هذا الأمر، بحسب مراقبين، في تخفيف العجز التجاري الذي بلغ العام الماضي نحو 30 مليار دولار، متحسناً عن عام 2018 البالغ 54.3 ملياراً بنسبة 44.9% قبل أن يعاود الارتفاع خلال العام الجاري، بسبب تراجع إنتاج الصادرات إثر تفشي "وباء كورونا".
ويقول أوزجان أويصال لـ"العربي الجديد" إن فاتورة الطاقة تزيد على 6% من الناتج الإجمالي لبلاده، وهذا الرقم الكبير، أكثر من 42 مليار دولار، سينعكس على التنمية والأسواق والمشروعات الكبرى، إضافة إلى استقلال تركيا طاقوياً، إن لم نقل بدء التصدير بعد سنوات.
ويضيف الاقتصادي التركي أن اكتشافات الغاز خلال هذا العام وما سيُعلَن لاحقاً، ستغير من وجه تركيا الاقتصادي والآمال معقودة على المزيد، سواء في البحر الأسود والمتوسط أو البر التركي بعد تغيير قواعد اتفاقية لوزان التي حددت حقوق تركية بالطاقة.
ويقول وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، أن اكتشاف 405 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي في البحر الأسود كان من بين أهم التطورات التي شهدتها تركيا خلال عام 2020.
ويشير دونماز، خلال تصريحات أمس، إلى أن اكتشاف بئر "طونا -1" في حقل "صقاريا" للغاز الطبيعي في البحر الأسود كان البداية، مؤكداً أنهم يواصلون العمل في الحقل، لافتاً إلى أن سفينة "الفاتح" للتنقيب وصلت إلى العمق المستهدف في أعمالها ببئر "توركالي 1"، مشيراً إلى أن سفينتي "القانوني" و "فيليوس" تستعدان لأداء مهامهما في حقل "صقاريا" خلال الأشهر الأولى من عام 2021.
وفي السياق ذاته، يضيف الوزير التركي أن "مؤسسة البترول التركية" وصلت عام 2020 إلى أعلى إنتاج محلياً وخارجياً على مرّ تاريخها، مبيناً أن إجمالي القدرة المركبة للطاقة ارتفع إلى 95 ألفاً و500 ميغاواط خلال العام الجاري، في حين أن القدرة المركبة للطاقة المتجددة التي دخلت حيّز التشغيل في عام 2020 تجاوزت إجمالي القدرة المركبة للطاقة المتجددة لـ 21 دولة أوروبية، كذلك افتُتح خلال عام 2020 المصنع الأول والوحيد في تركيا وأوروبا لإنتاج الألواح الشمسية المتكاملة.
وحول دخول تركيا عصر الطاقة النووية، قال وزير الطاقة دونماز: إن الأعمال جارية بأقصى سرعة للانتهاء من أعمال إنشاء المفاعل الأول من محطة "آق قويو" للطاقة النووية عام 2023، لأن الأعمال جارية في إنشاء الوحدتين الأولى والثانية من المفاعل، وأن الوحدة الثالثة حصلت على ترخيص البناء، لافتاً إلى أنه قُدِّم طلب منح ترخيص لإنشاء الوحدة الرابعة.