الطاقة الشمسية تعيد المزارعين إلى حقول الصومال

20 اغسطس 2022
نقص المياه تسبب في جفاف الأراضي ونفوق قطعان الماشية (فرانس برس)
+ الخط -

تدب الحياة من جديد في بلدة "بعاد" الواقعة على بعد 20 كيلومترا شمال مدينة بلدوين (وسط الصومال)، إذ يعود المزارعون إلى حقولهم، بعدما تمكنوا من الحصول على أجهزة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بما يعينهم على توفير المياه اللازمة لري المزروعات.

وتسبب شح المياه الناتج من انخفاض منسوب مياه نهر شبيلي من جهة، وتراجع فترات هطول الأمطار في عموم البلاد، في هجرة المزارعين لأراضيهم، خلال السنوات الأخيرة.

ومن بين هؤلاء المزارعين فارح عبد السلام فارح، الذي توقف عن زراعة أرضه منذ فبراير/ شباط 2020، بسبب شح الموارد المائية، ليعود الآن بعد أكثر من عامين لإحياء أرضه التي تحولت إلى ساحات جافة.

يقول فارح، إنه كان يضطر لإنفاق ما يقارب 500 دولار للبدء في زراعة الأربعة هكتارات (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) التي يمتلكها، ولكنه الآن يستفيد من أجهزة الرَّي الحديثة التي تعمل بالطاقة الشمسية للحصول على ماء بدون مقابل.

يضيف فارح الذي تبدو السعادة الغامرة على ملامحه، "لقد توقفنا في الماضي عن الزراعة، بسبب التكاليف الباهظة للوقود اللازم لماكينات الرَّي التقليدية، ولكننا الآن ولله الحمد تمكَّنا من العودة إلي فلاحة الأرض واستصلاحها بعدما قامت إحدى الهيئات بتزويدنا بأجهزة الطاقة الشمسية".

وكان الانخفاض المتكرر لمنسوب مياه نهر شبيلي وارتفاع أسعار الوقود، بالإضافة إلى الأعطال الدائمة والمزمنة في ماكينة الرَّي من أهم الأسباب التي أدت إلى عدم حصول المحاصيل الزراعية على الماء الكافي، وكانت النتيجة هي ذبول تلك المحاصيل وجفاف الأرض.

يشير فارح إلى أن تلك الأزمات المتلاحقة أثرت على الوضع المعيشي لأسرته، بسبب عجزه عن الوفاء بالتزاماته العائلية إلى درجة عدم تمكنه من سداد أقساط الرسوم المدرسية لأبنائه، "لقد خسرت في موجة الجفاف وعدم تمكني من زراعة أرضي ما يقارب 80 رأسا من الأغنام و4 أبقار، قمت ببيع بعضها لإعالة أسرتي في حين نفق العديد منها بسبب قلة الماء والكلأ".

يضيف "المساعدات المادية التي كانت تصل إلي من الأهل والأقارب في الخارج، كانت بالنسبة لي طوق نجاة، ولولاها لكان الوضع شبه كارثي على أسرتي".

يتابع فارح بنبرة تفاؤل أنه لا يخشى من نقص المياه بعد الآن، بعدما جرى تركيب مضخة تعمل بالطاقة الشمسية في أرضه ومد خطوط أنابيب تحت الأرض ليستفيد منها المزارعون الصغار من زملائه.

من جهته يقول حسن محمود غودح، أحد مزارعي بلدة بعاد، إنه كان يعاني كثيراً من الحصول على الوقود اللازم لاستخراج المياه بسبب غلاء سعر الوقود وعجزه عن تدبير تكاليفه.

ويضيف غودح أن مشاكلهم كانت تتفاقم بسبب انسداد القنوات التي توصل المياه إلى الأراضي الزراعية مما يتسبب في إهدار الكثير من الطاقة والمياه، الأمر الذي أدَّى إلى أن يتخلى عن زراعة الكثير من المحاصيل الزراعية الضرورية بسبب احتياجاتها إلى كمية كبيرة من الماء، "إذ لم يعد بإمكاننا زراعة الخضروات المطلوبة بشدّة في السوق وبات اهتمامنا مركزاً على الحفاظ بأي وسيلة على الماشية المتبقية لدينا وحمايتها من النفوق".

ويشعر غودح بالتفاؤل بعد حصوله على مضخة تعمل بالطاقة الشمسية، ليتمكن من زراعة المحاصيل التي تخلى عنها سابقا مثل الطماطم والبطيخ والفلفل والشمام وغيرها. كما يأمل أن يتمكن قريباً من سداد الديون التي تراكمت عليه.

ويشير إلى أنه كان من الصعب أن يوفر المياه اللازمة لحقله الصغير الذي يبعد نحو كيلومتر عن بلدة بعاد، خصوصاً أن انخفاض منسوب المياه في نهر شبيلي كان يزيد من صعوبة المحاولة.

وتقوم لجنة من شيوخ وأعيان البلدة بالإشراف على أجهزة الطاقة الشمسية والتأكد من تقسيم حصص الرَّى بالتساوي بين المزارعين مع دعم إشرافي من إدارة المنطقة وإدارة المحافظة.

وكانت وزارة الزراعة التابعة لولاية هرشبيلي (وسط السودان) التابعة للحكومة الفيدرالية، أعلنت سابقاً أن دراسة ميدانية أكدت أن العبء الأكبر على المزارعين كان يتمثل في النفقات المترتبة على توفير الوقود اللازم لمحركات الرَّي، وبناء على ذلك جرى تخطيط مشاريع لإيجاد بدائل مناسبة لمواجهة مشكلة ندرة المياه لدى المزارعين في الولاية.

وصرح وزير الزراعة في حكومة هرشبيلي، يوسف أحمد يلاحو، بأن هذا المشروع يعود بفائدة كبيرة للمجتمع الزراعي في الولاية، مؤكدا أن هذا المشروع رفع عبئاً كبيراَ عن كاهل المزارعين الذين كانوا يستخدمون المحركات القديمة، التي كانت تستنزف الكثير من المال والجهد والوقت خصوصا بسبب الأعطال المتكررة نتيجة انعدام الصيانة الدائمة.

ودعا الوزير المزارعين إلى الحفاظ على هذه التقنيات الجديدة، مشيرا إلى أن خزانات الطاقة الشمسية يمكنها ري نحو 15 كيلومتراً من الأراضي الزراعية يومياً. وتأمل وزارة الزراعة والري في ولاية هيرشبيلي أن تؤدي هذه التقنية إلى زيادة الرقعة الزراعية في الولاية وتحقيق شبه اكتفاء ذاتي من المحاصيل الأساسية.

ويعد هذا المشروع الذي رأى النور منذ 6 أشهر فقط، وأعاد الأمل إلى المزارعين المحليين نتيجة تعاون بين إدارة ولاية هيرشبيلي الفيدرالية ومنظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية.

ووفق تقارير أممية، فإن تراجع الإنتاج الزراعي في السنوات الأخيرة واعتماد الصومال على 80% من الاستيراد خاصة السلع الغذائية، أثر سلباً على الإنتاج الزراعي الذي لايتجاوز 20% من الاحتياجات، ما يؤدي إلى انهيار القطاع تدريجياً، رغم امتلاك الصومال نحو 10 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزارعة، وسط البلاد وجنوبها.

المساهمون