الضغوط الاقتصادية تتصدر أزمات مواطني مناطق سيطرة النظام السوري

10 يناير 2023
رفع النظام خلال العام الماضي أسعار الوقود أكثر من مرة (Getty)
+ الخط -

شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري خلال الأشهر الماضية أزمات اقتصادية متوالية، بدءاً من نقص حاد في الوقود عطل الحياة فيها، وصولاً إلى انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار الأميركي إلى مستويات قياسية.

ورفع النظام خلال العام الماضي أسعار الوقود أكثر من مرة، كان آخرها منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2020، حيث رفع أسعار مشتقات النفط بين 15% و22.5%.

هذا الارتفاع وصل بشريحة من الأسر هناك إلى عجزهم عن تأمين الوقود لسياراتهم ووقود التدفئة، فيما انخفض سعر صرف الليرة إلى مستوى قياسي غير مسبوق، وبلغ 6 آلاف لكل دولار.

ولسد الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وفي السوق السوداء، قال البنك المركزي السوري، الأسبوع الفائت، إنه خفض سعر الصرف الرسمي لعملته إلى 4522 ليرة لكل دولار، نزولاً من السعر الرسمي السابق البالغ 3015.

وتزامنت الأزمات الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام مع استمرار عقوبات "قانون قيصر" التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على النظام السوري نهاية عام 2019.

كذلك وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، في ديسمبر الماضي، ميزانية الدفاع لعام 2023، التي تتضمن "قانون مكافحة المخدرات التي يديرها النظام السوري"، الأمر الذي سيضيق الخناق أكثر على النظام.

ومع فشل روسيا في تحسين صورة النظام السوري دولياً خلال السنوات الماضية، فشلت كذلك بمشروع "التعافي المبكر" الذي حاول النظام تسويقه في المجتمع الدولي العام الماضي، وذلك بسبب غياب جهات ودول مانحة.

وفي ظل غياب أفق الحل السياسي في البلاد، يتوقع مراقبون أن تتوالى الأزمات الاقتصادية خلال الفترات القادمة، مجمعين على أنّ ضحيتها الأكبر هم المواطنون الذين انخفضت قوتهم الشرائية بشكل غير مسبوق، حيث بلغ متوسط الرواتب والأجور أقل من 20 دولاراً شهرياً.

ويقول رئيس مركز ترندز للدراسات الاقتصادية يحيى السيد عمر، إنّ اقتصاد النظام السوري يعاني منذ سنوات من أزمة متصاعدة.

ولا يبدو أنّ لهذه الأزمة حلولاً مرتقبة، "لذلك منذ عدة سنوات، تسعى حكومة النظام لكسب الوقت، من خلال محاولة التعايش معها ونقلها للسوريين، وذلك في انتظار حدوث تغيرات إقليمية أو دولية في صالحها"، بحسب السيد عمر.

ويتابع: "من حيث قدرة حكومة النظام على الصمود في وجه الأزمة الاقتصادية، فإنه وفقاً للمنطق الاقتصادي يفترض أن يسقط النظام من عدة سنوات، لكنه يقوم بشكل مستمر وبنجاح بنقل تأثيرات الأزمة إلى السوريين".

ويشرح قائلاً إنّ "أغلب الأزمات لم تؤثر في حكومة النظام. ففي أزمة المحروقات، على سبيل المثال، شلت حركة السوريين وتوقفت الحياة الاقتصادية، دون أن تتأثر الحكومة مباشرةً، وهذا ينسحب على مختلف الأزمات".

وفي ما يتعلق برفع سعر الصرف الرسمي إلى 4000 ليرة للدولار الواحد و4500 ليرة للدولار في ما يتعلق بالحوالات الخارجية، يوضح السيد عمر أنّ "تأثير هذا التعديل موجود، لكنه محدود، فهو يقلل من العبء المالي على حكومة النظام من حيث تكلفة تمويل المستوردات".

ويلفت إلى أنه "لا يمكن توقع انتعاش اقتصاد النظام دون تقديم دعم خارجي سخي، أو في حال عودة حقول النفط شرقيّ البلاد إليه، وهذا الأمر مستبعد على الأقل في الوقت الراهن".

ويتابع: "حتى في حال حدوث انفراجات سياسية، فانعكاس هذه الانفراجات على اقتصاد النظام ليس بالضرورة أن تظهر مباشرة، فهي تحتاج لوقت طويل نسبياً. لذلك، من المتوقع استمرار النمط الحالي القائم على التعايش مع الواقع".

المستشار الاقتصادي أسامة القاضي، يقول إنه لم يطرأ أي جديد على الاقتصاد السوري كتركيبة من حيث السلع والخدمات.

ويضيف القاضي أنّ النشاط الاقتصادي في مناطق النظام لا يتجاوز 10% من الطاقة الاقتصادية للبلاد، فيما تتجاوز نسبة البطالة 70% والفقر 90%.

ويتابع: "هناك طبقتان فقط في سورية، الثرية والفقيرة، ولم يعد هناك طبقة وسطى أو التي تحتها"، لافتاً إلى أنّ الراتب الشهري لأكبر موظف في النظام لا يتجاوز 250 ألف ليرة (أقل من 40 دولاراً).

ويوضح: "لم يعد هناك معنى للبطالة بمفهوم البطالة في سورية، لأن حتى الذي يعمل لا يستطيع سد رمقه سوى 4 إلى 5 أيام في الشهر، لأنه يحتاج إلى أكثر من مليون ونصف مليون ليرة سورية شهرياً، بينما تراوح الرواتب الشهرية بين 100 و 200 ألف ليرة".

وبيّن القاضي أنه "حتى سعر العملة في سورية غير حقيقي، ولا يعكس واقع الاقتصاد السوري المنهار".

ويبّين أنّ "نسبة مساهمة التجارة والصناعة في الاقتصاد بسيط جداً، والدخل الأكبر يأتي من تجارة الكبتاغون والمخدرات، حيث يقدّر القيمة السوقية لها من 3 إلى 5 مليارات دولار"، وفق قوله.

ويلفت إلى أن التضييق على تجارة الكبتاغون على الحدود الأردنية بدعم مالي أميركي وفقاً للقانون الجديد، سيزيد الضغط على اقتصاد النظام السوري، معتبراً أن الأردن سيستفيد من الجزء الأكبر من المساعدات الأميركية لمكافحة تهريب المخدرات من سورية، البالغة قيمتها 400 مليون دولار.

ويتابع القاضي: "حتى الدول التي تحاول مساعدة النظام وتعويمه (خدمته)، فإنها تصطدم بقانون قيصر وتعرّض نفسها للعقوبات إن قامت بذلك"، مشيراً إلى أن الواقع الدولي لحلفاء النظام يؤشر على أن عام 2023 سيكون "أسوأ" من العام السابق.

(الأناضول)

المساهمون