الصين تكبح جماح أباطرة شركات التكنولوجيا

12 يوليو 2021
في أحد فروع "ديدي" في الصين (لي شينغلي/ Getty)
+ الخط -

تستمر الحملة التي تشنّها الهيئات الرسمية الصينية على الشركات التكنولوجية، فيما يعتبره عدد من المحللين ضربة قاسية لقطاع كان يتجه بقوة نحو منافسة الشركات الكبرى الأميركية.

ويتلقى رواد الأعمال ومليارديرات الصين الأزمة تلو الأخرى، من جاك ما، مؤسس شركة "علي بابا" وشركة "آنت" للتكنولوجيا المالية التابعة لها، الذي تعرّض لحملة ضخمة ومن ثم اختفى عن الأنظار قبل ثمانية أشهر، وصولاً إلى شركة "ديدي" العملاقة للنقل التشاركي التي تم وقفها من متاجر التطبيقات أخيراً، إثر إدراجها في بورصة نيويورك، وبينهما عدد كبير من الشركات.

آخر القرارات ما أعلنته هيئة تنظيم الفضاء الإلكتروني في الصين، السبت، وينص على أن أي شركة لديها بيانات أكثر من مليون مستخدم لا بد وأن تخضع لمراجعة أمنية قبل إدراج أسهمها في الخارج.

وقالت إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين إن المراجعة الأمنية ستركز على مخاطر تأثير الحكومات الأجنبية على البيانات أو السيطرة عليها أو التلاعب بها، بعد الإدراج في الخارج.

تشدد السلطات الصينية أخيراً الرقابة على توسع عمالقة الصناعة التكنولوجية، ومنهم مجموعتا علي بابا وتينسنت

وتشدد السلطات الصينية أخيراً الرقابة على توسع عمالقة الصناعة التكنولوجية، ومنهم مجموعتا علي بابا وتينسنت، في التمويل والرعاية الصحية وغيرها من المجالات الحساسة، ما أدى إلى تكبد الأسهم الصينية خسائر متواصلة.

وفي مؤشر على تأثر أثرياء التكنولوجيا بالقرارات الرسمية، أوردت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أنه على الرغم من أن أغنى 10 أشخاص في العالم أضافوا 209 مليارات دولار إلى صافي ثرواتهم في النصف الأول من عام 2021، فقد شهد أغنى أباطرة الصين، في مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، تقلص ثرواتهم مجتمعة بمقدار 16 مليار دولار.

كما هبطت أسهم شركاتهم الرئيسية بمعدل 13 في المائة خلال هذه الفترة، وهي المرة الأولى منذ ست سنوات على الأقل التي سجلت فيها انخفاضاً عندما كان سوق الأسهم الصينية الأوسع نطاقاً في صعود.

وانخفض سهم ديدي بنسبة 14 في المائة، منذ ظهوره الأول في 30 يونيو/حزيران، في بورصة نيويورك، مما أدى إلى خفض ثروة مؤسسي الشركة بنحو 800 مليون دولار.

وتقوم الصين أيضاً بالتحقيق مع Kanzhun، المالكة لمنصة توظيف عبر الإنترنت، وشركة "فول تراك اليانس"، وهي شركة ناشئة في مجال النقل بالشاحنات تشبه أوبر. تم إدراج كلتا الشركتين في الولايات المتحدة أخيراً، وفق موقع "ماركت ووتش" الأميركي.

رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ ترتكز على أنه يجب على رواد الأعمال الصينيين وضع أمّتهم في مقدمة المصالح التجارية

في العام الماضي، بعد أن أحبطت بكين الاكتتاب العام لشركة "آنت" للتكنولوجيا المالية، سرعان ما تحولت مكاسب متوقعة بمليارات الدولارات إلى كابوس للمستثمرين العالميين، الذين وجدوا أنفسهم عالقين وسط اكتتاب عملاق بلا أمل في إجرائه.

وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، في هذا السياق، إن رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ ترتكز على أنه يجب على رواد الأعمال الصينيين وضع أمّتهم في مقدمة المصالح التجارية، حيث يتنافس البلدان على المزايا الاقتصادية والتقنية.

بالنسبة للمستثمرين العالميين، فإن الحكومة الصينية يمكن أن تمارس سلطتها لمنع أي صفقة في اللحظة الأخيرة، لضمان عدم وصول بيانات الشركات عن المواطنين الصينيين إلى أيدي الولايات المتحدة.

عملياً، جمعت الشركات الصينية أكثر من 75 مليار دولار من الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة منذ عام 2012، وفقًا لبيانات "ديالوجيك" للبيانات.

وهذا العام، تم طرح حوالي 36 شركة من الصين للاكتتاب العام في الولايات المتحدة، وهو نفس الرقم لعام 2020 بأكمله، وفقًا للبيانات ذاتها.

كان الاكتتاب العام الأولي الأخير لديدي، والذي جمع 4.4 مليارات دولار، هو الأكبر منذ بيع أسهم مجموعة علي بابا القابضة عام 2014، والذي بلغ 25 مليار دولار.

تتنوع دوافع بكين، بحسب  وكالة "بلومبيرغ"، وهي تشمل مخاوف بشأن السلوك المانع للمنافسة في صناعة التكنولوجيا، والمخاطر التي تهدد الاستقرار المالي من منصات الإقراض الخاضعة للتنظيم الخفيف، والانتشار السريع للمعلومات الشخصية الحساسة في أيدي الشركات الكبيرة.

لكن هناك تيار خفي آخر يمر عبر العديد من المبادرات الحكومية الأخيرة، وهو رغبة غير سرية في كبح جماح سلطة أباطرة الأعمال في الصين، الذين حشد بعضهم قدراً هائلاً من التأثير على الاقتصاد البالغ 14 تريليون دولار، وفق الوكالة الأميركية.

المساهمون