بينما تعهدت الصين الخميس بوقف استخدام الفحم الحجري في توليد الطاقة، قالت نشرة "أنيرجي فويس" أمس، إن الصين رفعت مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال استعداداً للشتاء، ما يفاقم من أزمة نقص المعروض العالمي.
وتكافح الصين لتأمين ما يكفي من الوقود لتشغيل المصانع وتدفئة المنازل في الشتاء، ما يرجّح إمكانية أن تواجه الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيناريو مشابهاً لما تمرّ به أوروبا في الوقت الحالي.
ونشرت "أويل برايس" في تقرير أمس أن أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وتداعياتها على قطاع توليد الكهرباء لم تعد مشكلة أوروبية، بل باتت عالمية، في إشارة إلى النقص في الغاز الطبيعي المعروض حالياً لتلبية الطلب العالمي.
وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي من أوروبا وحتى آسيا إلى أعلى مستوياتها الموسمية، مع اصطدام تعافي ما بعد الجائحة بالقيود المطبقة على المعروض، وتدهور الأمر بصورة أكبر بزيادة الإقبال الصيني على الغاز الطبيعي المسال لتعزيز تعافي الاقتصاد.
واضطرت العديد من الشركات الصينية التي تشتري الغاز الطبيعي المسال إلى وقف مشترياتها الفورية حينما بدأت الأسعار ترتفع في الصين، إذ كانوا يراهنون على تراجعها بعد ذلك، ولكن مع عدم تحقق ذلك، فإنها تسارع في الوقت الحالي نحو الشراء.
وطرحت شركة النفط والكيماويات الصينية "تشاينا بتروليوم أند كاميكل" China Petroleum & Chemical والمعروفة بـ"سينوبك" مناقصة يوم الثلاثاء بهدف شراء 11 شحنة غاز طبيعي على الأقل حتى مارس/آذار المقبل، وهي أحد أكبر طلبات الشراء الشتوية من جانب الشركة منذ أشهر.
وأوضح تحليل في نشرة "أويل برايس"، أن أحد أسباب الإرباك في سوق الغاز، هو التوجهات الأوروبية، في الاعتماد أكثر على الطاقة النظيفة، واعتبار ثاني أوكسيد الكربون على أنه غاز غير مستحب، حيث اعتُمِد أكثر على طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء بدلاً من استخدام الغاز.
وخلال صيف 2021 ارتفع الطلب على الغاز، حيث لم تكن طاقة الرياح كافية لتوليد الكهرباء، وهذا ما أثر بإمدادات الغاز الضئيلة. وسبّب هذا الأمر صدمة في أسعار الكهرباء، التي قد تحدث صدمة خلال موسم الشتاء في بريطانيا، حيث شهدت أسعار الكهرباء ارتفاعات أكثر حدة. ورغم كل ذلك، قام الأوروبيون بضرب معدل إنتاج الغاز الطبيعي من خلال فرض ضرائب على الكربون.
وتتوقع نشرة "أويل برايس" أن يعيد الانخفاض الحاد في الإنتاج في المنطقة الأوروبية إلى تراجع إنتاج بعض حقول الغاز، وخاصة بعد خفض الإنتاج في حقل جرونينجن الذي يعتمد عليه كثيراً لإيصال الغاز إلى القارة.
وفي الولايات المتحدة يظهر تقرير تخزين الغاز الأسبوعي أن الوضع أفضل كثيراً من أوروبا، فالمخزونات أقل بنسبة 8% من متوسط السنوات الخمس الماضية.
ويرجع خبراء النقص الكبير في الطلب إلى تردد الشركات في الاستثمار بتوسعات مشاريع الغاز المسال خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا التي ضربت الطلب العالمي وضربت الأسعار.
وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ، قد أعلن في خطاب بثّ الثلاثاء أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة في نيويورك أنّ بلاده لن تبني بعد اليوم في الخارج محطات حرارية تعمل بالفحم الحجري، في تعهّد بالغ الأهمية أشاد به دعاة حماية البيئة.
ووجد التعهد ترحيباً حاراً من المجتمع الدولي. وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من على منبر الجمعية العامة للأمم المتّحدة: "أريد حقّاً أن أشكر الرئيس الصيني شي على ما أعلنه للتوّ بشأن إنهاء تمويل الصين الدولي للفحم الحجري".
وأضاف: "آمل أن تذهب الصين الآن إلى أبعد من ذلك، وأن توقف استخدام الفحم الحجري تدريجاً على المستوى الوطني".
بدوره رحّب مسؤول أميركي بتعهّد الرئيس الصيني. وقال المسؤول للصحافيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة: "نرحّب بهذا الإعلان، لكنّنا نعتقد أيضاً أنّ هناك المزيد الذي يتعيّن القيام به". وأضاف طالباً عدم الكشف عن اسمه: "نأمل أن نرى مزيداً من الخطوات الإضافية التي يمكنهم اتّخاذها، خلال هذا العقد الحاسم، للتقليل من" انبعاثات غازات الدفيئة.
وأوضح المسؤول الأميركي أنّ اتّخاذ الصين إجراءات جديدة من شأنه أن "يساعد في تقريب العالم من مسار يمنع ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية" مقارنة بالمستوى الذي كان عليه ما قبل الثورة الصناعية، وهو الهدف المثالي المحدّد في اتفاقية باريس للمناخ التي توصّل إليها العالم في عام 2015. لكنّ هذا الهدف يبدو بعيد المنال بشكل متزايد.