يواجه الشعب الليبي أزمات معيشية خانقة بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع تكاليف الفساد وتواصل الصراع على الريع النفطي.
ويتخوف خبراء اقتصاد من اتخاذ أي خطوات بشأن تجميد إيرادات النفط الذي يعد المورد الوحيد للدخل حالياً في البلاد.
يأتي ذلك بعد تشكيل مجلس النواب لجنة لإعادة هيكلة الميزانية العامة بهدف توزيع الثروة، ولجنة أخرى عبر المجلس لمتابعة الإنفاق العام.
وفي هذا السياق، قال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية عمر زرموح، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "لا يوجد في القوانين والضوابط الاقتصادية شيء اسمه توزيع الثروة بشكل مباشر، ولكن التوزيع يكون للدخول والأنشطة المختلفة". وأضاف أن الإيرادات النفطية سيادية ولا يمكن المساس بها.
وتساءل أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية عن اللجنة التي شكّلها المجلس الرئاسي، وتخوف من تكرار إغلاق النفط أو العودة إلى تجميد الإيرادات من جديد.
وشكك المحلل المالي إدريس الشريف، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، في طبيعة اللجنة العليا التي شكلها المجلس الرئاسي التي تضم أغلبها قيادات وزارية وأجهزة تنفيذية. وقال الشريف هؤلاء أنفسهم مسؤولون عن صرف وإدارة المال العام.
وقال أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية أحمد المبارك لـ"العربي الجديد": "توزيع الثروة ليس كما يعتقد البعض تقسيما بين المناطق أو المحافظات أو البلديات، فإذا كان المقصود الحديث عن استغلال عوائد النفط فإن القانون منذ الستينيات يقسمها إلى 70% للتنمية و30% لدعم الموازنة"، مؤكداً أن العائدات النفطية تحت تصرف "سياسيين غير قادرين على الاتفاق على أي شيء لمصلحة البلاد".
تساءل أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية عن اللجنة التي شكّلها المجلس الرئاسي، وتخوف من تكرار إغلاق النفط أو العودة إلى تجميد الإيرادات من جديد
ومن جهته، يؤكد المحلل النفطي محمد أحمد أن الجهات السيادية الليبية هي المالكة للعائدات النفطية بحكم القانون، وبالتالي فإن عملية نقل الاختصاصات ستواجه تحدياً متزايداً، ليس فقط بسبب سوء التوزيع، بل أيضاً بسبب عدم وجود آليات واضحة للتعامل المالي في هذه الحالة.
وأوضح المحلل النفطي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أجهزة الدولة تنشر تقارير شهرية أحادية لم تمر على أي مراجع محاسبي محايد لاعتماد نتائجها، واصفاً إياها بتقارير إفصاح ولكنها تفتقد الرقابة.
وعرج أحمد على أن التقارير تهدف إلى توضيح وتأكيد نزاهة وصدق الأجهزة المصدرة لها، إلا أنها في نفس الوقت أماطت اللثام عن انحراف غير مسبوق في منهجية توزيع العوائد النفطية نتيجة للقرارات الارتجالية التي لا تتبع أي نمط تخطيطي.
وأشار الخبير الاقتصادي والمصرفي محمد أبوسنينة إلى عدم وجود توافق بين الليبيين حول كيفية الاستفادة من إيرادات النفط وإنفاقها لأغراض التنمية وبناء الدولة وصون حقوق الأجيال المقبلة.
وقال أبوسنينة لـ"العربي الجديد": "ضعف توجهات القائمين على الدولة واتجاههم للسيطرة على إيرادات النفط جعلاهم لا يفكرون في كيفية الاستفادة منه لصالح الجميع".