الصادرات المغربية أمام تحدي ضريبة الكربون الأوروبية

23 مارس 2021
الحكومة تسعى إلى حل مشاكل المصدرين لتنشيط التجارة (Getty)
+ الخط -

يتجه المغرب نحو تخليص منتجاته من الكربون، حتى يتسنى له التصدير إلى الاتحاد الأوروبي، الذي بلور خطة نحو فرض ضريبة على الصادرات التي تستعمل في الإنتاج طاقات غير الطاقات المتجددة.
وعمدت العديد من البلدان الأوروبية إلى اتخاذ قرار يرمي إلى التوجه نحو سن ضريبة على المنتجات المستوردة متمثلة في ضريبة الكربون، حيث تطبق على جميع المنتجات بواسطة طاقة أخرى غير الطاقات المتجددة.
وكان البرلمان الأوروبي تبنّى قرارا له علاقة بآليات تكييف انبعاثات الكربون في الحدود بما يوافق منظمة التجارة العالمية، علما أن الفكرة التي تعود للتسعينيات من القرن الماضي الرامية إلى فرض ضريبة الكربون، تستهدف البلدان التي لا تطبق اتفاق باريس.
ويراد من اتفاق باريس، الذي جرى تبنّيه في قمة المناخ بالعاصمة الفرنسية باريس في 2015، والذي دخل حيز التطبيق في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، الحد من انبعاثات الكربون إلى مستوى دون 2 في المائة وحتى 1.5 درجة، مقارنة بالمستوى السابق للتصنيع.
وأكد المركز المغربي للظرفية، في دراسة له، أن الصادرات المغربية في السوق الأوروبية، يجب أن تراعي تدبيرا غير جمركي له علاقة ببصمة الكربون، حيث إن عدم مراعاتها سيفرض على المصدرين أداء ضريبة إضافية متمثلة في ضريبة الكربون.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويلاحظ المركز أن فرض ضريبة الكربون من قبل الاتحاد الأوروبي، يمثل نوعا من التحدي للصادرات المغربية، خاصة أن البلدان المنافسة بدأت تستعد لذلك التدبير، عبر ملاءمة منتجاتها مع التوجيه الأوروبي في مجال انبعاث الغازات الدفيئة.
غير أنه يرى أن المغرب يتوفر على استراتيجية الطاقات المتجددة التي بلورها منذ عدة سنوات، حيث يمكن أن تساعده على الاستجابة للتدبير الأوروبي الخاص بخلو الصادرات من الكربون، في الوقت نفسه الذي وضع برنامجا يستهدف النمو الاقتصادي الأخضر.
وكانت بعثة المفوضية الأوروبية في الرباط أشارت إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وصلت إلى 35 مليار يورو في العام الماضي، حيث يتشكل ذلك المبلغ من 15 مليار يورو من صادرات المملكة في اتجاه الاتحاد الأوروبي و20 مليار يورو واردات المغرب منه.

تمثل التجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي حوالي 60 في المائة من المبادلات التجارية للمملكة مع العالم

وتمثل التجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي حوالي 60 في المائة من المبادلات التجارية للمملكة مع العالم، حيث يعتبر المغرب أول شريك للاتحاد في جنوب البحر الأبيض المتوسط، حسب تقرير البعثة.
وكان وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، عبّر عن ارتياحه لعمل المملكة على مشروع، يتمثل في استهلاك الطاقة المتجددة من أجل تحسين تنافسية المنتجات المغربية.
ويعتبر مراقبون أنه، بغض النظر عن سعي البلدان الأوروبية إلى التوفر على منتجات خالية من الكربون، إلا أنها تسعى إلى نوع من الحمائية، ما يفرض على الصناعة المغربية ملاءمة تطورها مع عدم التخلص من الكربون.
ويتوفر المغرب على خطة متقدمة في مجال إنتاج الطاقات المتجددة، حيث يسعى في أفق 2030 إلى إنتاج حوالي نصف الكهرباء عبر الطاقات المتجددة، حيث وضعت عدة مشاريع لاستغلال الطاقات الريحية والشمسية.

كانت بعثة المفوضية الأوروبية في الرباط أشارت إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وصلت إلى 35 مليار يورو في العام الماضي

ويطرح على المغرب تحد يتمثل في تحويل تلك الطاقة المتجددة إلى المناطق الصناعية بأسعار تنافسية، خاصة أن استعمال تلك الطاقة سيفضي إلى تقليص الفاتورة الطاقية التي تشكل أحد أهم مكونات إنفاق الصناعة.
ويعتبر الاقتصادي على بوطيبة، أنه مهما كانت الاعتبارات التي تحرك الأوروبيين عندما يفرضون ضريبة الكربون، فإنه يتوجب على المملكة الانخراط في هذا المنحى، على اعتبار أن الاتحاد الأوروبي يعتبر أهم شريك تجاري للمملكة.
ويشير بوطيبة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن المغرب بدأ في مراعاة الجوانب ذات الصلة بالبيئة في العديد من السلع والخدمات، وهو ما يؤشر إليه الاعتماد على علامات خضراء، مشددا على أن ذلك يراعي المعايير الأوروبية التي يحاكيها المغرب من أجل تعزيز حضوره في تلك السوق.

وتبنى المغرب استراتيجية "تطوير أخضر"، التي تندرج ضمن السياسة الصناعية، حيث تعد بمساعدات لمواكبة الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الصغيرة جدا، علما أن تلك الاستراتيجية ترمي إلى تقليص التلوث الصناعي ودعم بروز صناعات خضراء.
وتواجه الصادرات المغربية معوقات عديدة، ليس فقط من دول الاتحاد الأوروبي، بل امتدت إلى دول أخرى، إذ أصدرت لجنة التجارة الدولية الأميركية قراراً، في مارس/آذار الجاري، يفرض رسوما جمركية إضافية على واردات الأسمدة من المغرب، وهو ما دفع الحكومة المغربية إلى التحرك من أجل مواجهة هذه الإجراءات.

المساهمون