- يلفت السيسي الانتباه إلى إنشاء مراكز بيانات وحوسبة حكومية لتعزيز الرقمنة وتوطين البيانات في مصر، مشيرًا إلى بدء تطوير البيانات منذ 2018 لتحقيق استقلالية تكنولوجية.
- يواجه السيسي الانتقادات حول الاقتراض والمشاريع الضخمة بالتأكيد على ضرورة العمل نحو مستقبل أفضل، مشددًا على دور التكنولوجيا والبرمجة في تحقيق دخل أفضل للشباب ودعم الاقتصاد الوطني.
دافع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة له، اليوم الأحد، عمّا أُنجِز خلال الفترة الماضية، لافتاً إلى أنّ "ما تمّ إنجازه في مصر يفوق الخيال، وليس أمام الحكومة إلا الاستثمار في الإنسان وتعليمه". وخلال افتتاح مركز البيانات والحوسبة الحكومية بطريق القاهرة – العين السخنة، أقرّ السيسي بأنّ "الدولة أنفقت أرقاماً كبيرة تصل إلى مليارات الدولارات على مشاريع البنى التحتية"، لكنه ردّ على الانتقادات بشأن هذا الإنفاق بالقول: "نجهز بلدنا للانطلاق الحقيقي، حتى يكون لدينا حكومة متقدمة طبقاً للمعايير العالمية".
وأضاف السيسي: "الناس تقول لنا أنتم تنفقون كثيراً، وأقول لهم إما أن نكون مثل بقية الدول أو نكون من المتخلفين. لا يوجد حل آخر، لأن مصر دولة ليست غنية، ومواردها محدودة". وتابع مخاطباً المواطنين: "لا تلوموني وحدي، لأني سألوم عليكم أيضاً، فأنا أعمل ما لا يفكر فيه أحد منكم. ولو كنت أسير كمسؤول على المسار العادي لم أكن قد وصلت إلى شيء، أو استطعت توفير مليارات الدولارات لتنفيذ المشاريع"، في إشارة إلى القروض الخارجية.
وأكمل السيسي: "المصريون يشعرون بالحزن لأنهم لا يوجدون عملاً لأولادهم من الخريجين، وأنصحهم بعدم تعليم أبنائهم في كليات مثل التجارة والآداب والحقوق، واستبدال ذلك بتعلم الحوسبة، لأن هذا المجال قد يدرّ على صاحبه 100 ألف دولار شهرياً، وهو يعمل من منزله. الناس لا تزال مصرة على تعليم أبنائها مهناً مثل الطب والهندسة والتدريس، وأقول لها تحرروا من هذه المفاهيم". وزاد: "يا مصريين أنتم أهلي وناسي، وتعلمون أن ظروف بلدكم صعبة، وبالتالي يجب أن تنسوا أنفسكم قليلاً، وتفكروا فقط في بلدكم حتى تتقدم. ورغم أن مصر بلد غلبانة (ضعيفة)، إلا أنها أنشأت مراكز للحوسبة والبيانات تحت الأرض لا تستطيع أي قنابل ضربها"، على حد قوله.
وأردف السيسي: "كثير من الناس يقولون إن المشاريع التي ننفذها في العاصمة الإدارية أو غيرها ليست ضرورية، وهؤلاء لا يريدون لنا أن نحلم بأن تأخذ بلادنا مكاناً يناسبها، خاصة أن لديها الإمكانات اللازمة للنمو الحقيقي. يوجد دولة لا يتخطى سكانها سبعة ملايين نسمة، وتمتلك 700 ألف شخص يعملون في البرمجة، بينما لا تمتلك مصر 150 ألفاً في المجال نفسه، وتعدادها يتجاوز 105 ملايين نسمة".
وواصل: "الدولة أنشأت مراكز للحوسبة تحت الأرض فوق خيال المصريين، وأنفقت مليارات الدولارات من أجل تجهيز بنية أساسية تساعد على انطلاقة حقيقية في مجال الرقمنة، وبسرعة تتناسب مع التطور الذي يشهده العالم في هذا المجال. في الماضي كانت مصر تحفظ بياناتها في الخارج بمبالغ طائلة، لكن الحكومة استطاعت توطين هذه البيانات على أراضيها".
وذكر السيسي أن "مصر تحتاج بين 100 و300 مليار دولار سنوياً لأن حجم إنفاقها كبير، ولا تستطيع إنتاج كل ما يحتاجه الناس"، موضحاً أن "فكرة إنشاء مراكز الحوسبة اعتمدت على الموقع الجيد، وضرورة الاستفادة منه، خصوصاً أن 90% من الكابلات البحرية تمر بمصر، بوصفها محوراً رئيسياً لنقل البيانات والاتصالات في العالم".
وقال: "مصر بدأت في مجال تطوير البيانات عام 2018، بالتوازي مع بناء العاصمة الإدارية الجديدة، وكل وزارة في الحكومة كان لديها سيرفر بيانات خاص بها، من دون التأكد من قوة تأمينه أو قدرته على التفاعل مع باقي الوزارات. الآن بات لدينا مركز رئيسي شامل لبيانات كل الوزارات، ولا يستطيع أحد دخول شبكة المركز من غير القائمين عليها، لأنها مؤمنة بشكل كبير للغاية"، على حسب تعبيره.
وأضاف: "الحكومة سعت لأن يكون المركز الرئيسي للبيانات الخاص بها على أعلى مستوى، وفقاً للمعايير العالمية. وأقول للشباب المصري إن وظائف التكنولوجيا توفر مليارات الدولارات، وتحتاج إلى عقل وحاسب فقط، ومن الممكن أن يراوح دخل العامل في مجال البرمجة بين 50 و60 ألف دولار في السنة".
وختم السيسي: "أقول لكل شاب مصري أنت بتجيب (تتقاضى) كام من شغلك؟ لما تجيب أموال كثيرة هاتقدر تصرف على نفسك وأسرتك، وتمتلك سيارة بأموالك، وناس تخدمك. لكن لما تشتغل ودخلك بسيط هايبقى كل تفكيرك إنك تأكل وتشرب!".
وأعيد انتخاب السيسي (70 عاماً) قبيل نهاية العام الماضي لولاية ثالثة حتى عام 2030، بموجب تعديلات الدستور الأخيرة التي سمحت بزيادة فترته الثانية من أربع إلى ست سنوات، ومنحه حق الترشح لولاية تالية، في وقت بلغ فيه التضخم مستويات قياسية بعهده، نتيجة التوسع في الاقتراض من الخارج لإقامة مشاريع "ترويجية" عملاقة، على غرار العاصمة الإدارية الجديدة والقطار السريع والمونوريل.
وارتفعت ديون مصر الخارجية من 45.2 مليار دولار، عند تولي السيسي السلطة عام 2014، إلى 168.04 مليار دولار في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023. ويعاني المصريون في عهده من موجة غلاء غير مسبوقة، وانهيار في قيمة العملة المحلية (الجنيه)، فضلاً عن انقطاع مستمر للكهرباء يومياً بحجة ارتفاع أسعار الوقود عالمياً، وتراجع إمدادات الغاز الطبيعي المستخدم في محطات توليدها.
وتراجع الجنيه المصري مقابل الدولار، في 6 مارس/ آذار الماضي، من متوسط 30.85 جنيهاً إلى نحو 47.90 جنيهاً في البنوك الرسمية، علماً أن سعر صرف الدولار كان لا يتجاوز 15.70 جنيهاً قبل عامين فقط.