استمع إلى الملخص
- أشادت غورغييفا بجهود مصر في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، مؤكدة على أهمية مكافحة التضخم وتعزيز دور القطاع الخاص، مع التركيز على تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية.
- أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على أهمية الشراكة مع الصندوق لمواجهة التحديات الاقتصادية، مشيراً إلى السعي لجذب استثمارات وتطبيق سياسات مالية مرنة.
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا التي تزور القاهرة رفقة وفد رفيع المستوى، في إطار إجراءات المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي تمهيداً للإفراج عن شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار، من قرض الصندوق البالغ إجماليُّه ثمانية مليارات دولار.
وبحسب بيان للرئاسة المصرية، تناول اللقاء التطورات الخاصة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، الذي يجري بالشراكة مع صندوق النقد، في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي رانيا المشاط، ووزير المالية أحمد كوجك.
وأعرب السيسي عن تطلع بلاده إلى استكمال التعاون مع صندوق النقد خلال الفترة المقبلة، والبناء على ما تحقق بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية، وخفض معدلات التضخم، شرط مراعاة المتغيرات وحجم التحديات التي تعرضت لها مصر في الفترة الأخيرة، بسبب الأزمات الإقليمية والدولية التي كان لها بالغ الأثر على مواردها الدولارية وإيرادات الموازنة. وقال السيسي إن أولوية الحكومة تتمثل في تخفيف الضغوط والأعباء عن كاهل المواطنين، من خلال مكافحة التضخم، والحد من ارتفاع الأسعار، إلى جانب استمرار جهود جذب الاستثمارات الخارجية، وتمكين القطاع الخاص من زيادة معدلات التشغيل والنمو.
وأعربت غورغييفا في لقائها السيسي عن تقديرها لجهود مصر الأخيرة إزاء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ووضع الفئات الأكثر احتياجاً في مقدمة الأولويات، وإحرازها تقدماً في مؤشرات الاقتصاد الكلي رغم التحديات غير المسبوقة في الفترة الراهنة، وهي المؤشرات التي انعكست في النظرة الإيجابية إلى مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية، ورفع تصنيف مصر الائتماني.
كما أعربت غورغييفا، وفق بيان الرئاسة، عن تفهمها الكامل لحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر، في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية، مستطردة بأن الصندوق يسعى بالشراكة مع الحكومة المصرية إلى التوصل إلى أفضل مسارات الإصلاح، التي تراعي جميع الأبعاد ذات الصلة، وعلى نحو يحافظ على نتائج الإصلاحات ذات الأثر الإيجابي على الاقتصاد المصري، ولا سيما تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد، وتعزيز جهود التنمية المدفوعة بنمو القطاع الخاص. وأضافت أن الصندوق يتفق مع الحكومة المصرية على أهمية التركيز على مكافحة التضخم، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد منه.
وتسعى مصر إلى جذب استثمارات واسعة النطاق، في محاولتها التغلب على أزمة اقتصادية طويلة الأمد أدت إلى تضخم قياسي، وارتفاع عبء الديون، وانخفاض حاد في قيمة العملة على مدى العامين الماضيين. ويعاني الاقتصاد المصري سلسلة تداعيات مرتبطة باستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مثل هجمات الحوثيين اليمنيين على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى انخفاض إيرادات قناة السويس بنحو 70%، أي بقيمة تراوح بين 6 و7 مليارات دولار سنوياً.
مراجعة صندوق النقد الرابعة تبدأ الثلاثاء
من جانبه، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الأحد، إن المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع البلاد ستبدأ يوم الثلاثاء. وأضاف مدبولي، خلال مؤتمر صحافي اليوم مع مديرة الصندوق كريستالينا غورغييفا، إن المراجعة ستبدأ يوم الثلاثاء.
وأكد مدبولي أن "الشراكة بين مصر وصندوق النقد دائماً ما كانت مثمرة، والصندوق يدعم مصر في كل خططها وبرامجها الوطنية للإصلاح الاقتصادي. ويتوقع المزيد من الشراكة الناجحة والمثمرة في الفترة المقبلة بين الجانبين". وشدد على أن "رسالة مديرة صندوق النقد واضحة بأننا نتعامل مع عالم يشهد حالة غير مسبوقة من عدم اليقين، وسرعة في وتيرة التغير. وعلى كل الحكومات التعامل مع التحديات غير المسبوقة، وأن تكون أسرع من التغيرات التي تحدث لتحقيق النجاح والنمو الاقتصادي المأمول.
وقال مدبولي إن "شراكة مصر مع صندوق النقد تدار بإيجابية، بما يدعم جهود الحكومة في التغلب على الكثير من التحديات التي واجهتها خلال الفترة الماضية"، مشيراً إلى "تعرض بلاده لصدمات وتغيرات قوية على الصعيد السياسي منذ عام 2011، فضلاً عن صدمات خارجية تتمثل في أزمات تفشي جائحة كورونا، والحرب الروسية في أوكرانيا، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان".
وأضاف مدبولي أن "الأزمات المتلاحقة كان لها تأثير مباشر على الاقتصاد المصري، وعلى الرغم من ذلك استطاعت أن تعبر باقتصادها إلى منطقة آمنة، وإقامة اقتصاد قوي ومرن قادر على مجابهة الصدمات"، مستطرداً بأن "الحكومة المصرية تتطلع إلى أن تثمر الاجتماعات المرتقبة مع الصندوق خلال الأيام المقبلة عن الانتهاء من المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي". وتابع: "الحكومة تضع في اعتبارها ألا يضع برنامج صندوق النقد أي أعباء إضافية على كاهل المواطنين، في ظل الظروف الحالية محلياً ودولياً"، مشدداً على "استمرار التزام الحكومة بتطبيق سعر صرف مرن للجنيه مقابل الدولار، بالتنسيق مع البنك المركزي، في إطار الحفاظ على المكتسبات التي تحققت، وعدم العودة إلى المربع صفر"، على حد قوله.
واستقبل مدبولي، اليوم الأحد، وفداً من صندوق النقد الدولي يضم مديرة الصندوق كريستالينا غورغييفا، ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور، ورئيسة بعثة الصندوق في مصر إيفانا فلادكوفا هولار، والممثل المقيم الأول أليكس سيغورا، بالإضافة إلى الخبير الاقتصادي غاريث إندرسون، والخبيرة الاقتصادية مشيرة كرارة، ومستشار التواصل في الصندوق هاريت تيبولت، ومسؤولة التواصل أنغام الشامي.
كان مدبولي قال الشهر الماضي إن الصندوق طلب تأجيل مراجعته الرابعة للقرض، والتي كان من المقرر إتمامها بحلول 15 سبتمبر/ أيلول أو بعده، وهي واحدة من أصل ثماني مراجعات في البرنامج الذي تمت زيادة حجمه إلى ثمانية مليارات دولار. وكانت كل مراجعة من الثلاث الأولى قد سمحت للسلطات المصرية بالحصول على 820 مليون دولار، واكتملت المراجعة الثالثة في نهاية يوليو/ تموز الماضي.
غورغييفا: الإصلاح الاقتصادي ليس سهلاً
من جهتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي، في المؤتمر الصحافي ذاته، إن "تراجع معدل تراكم الدين في مصر يعني أنها باتت أكثر أماناً، في عالم يموج بالصدمات الاقتصادية"، مشددة على "أهمية خطوات الحكومة الهادفة إلى تحقيق استقرار أكبر للاقتصاد الكلي، وخفض نسبة التضخم".
وأضافت غورغييفا أن "هناك ضرورة في تعزيز دور القطاع الخاص، وخلق فرص عمل لأكثر من مليون شاب مصري يدخلون سوق العمل كل عام، بالإضافة إلى وجود مرونة لدى الحكومة وقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية، والبحث عن الفرص من أجل المصريين".
وقالت غورغييفا إن "استمرار التعاون بين صندوق النقد ومصر يدعم تحقيق مستهدفات اقتصاد قوي ومرن، لكن لا يزال هناك الكثير من الإجراءات التي يتعين الانتهاء من تنفيذها"، معربة عن تطلعها إلى أن "يتوافق فريقا عمل الصندوق والحكومة حول المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي". وعن جهود الحفاظ على سعر صرف مرن وتطبيق سياسات الانضباط المالي، أوضحت غورغييفا أنه "يجب العمل على استهداف معدل نمو أكبر، بالتوازي مع تحقيق معدل تضخم منخفض، من خلال تحقيق المزيد من التنسيق بين مسؤولي السياسات النقدية والمالية في البلاد".
ووجهت غورغييفا رسالة إلى المصريين بقولها إن "الإصلاح ليس سهلاً، لكنني على ثقة تامة أنكم سترون فوائده في صورة اقتصاد مصري أكثر ديناميكية ورخاءً"، مشددة على "أهمية توجيه الدعم الحكومي إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه بالفعل، وتعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية مع الانتهاء التدريجي من الدعم الحكومي". وتابعت: "نتوقع ارتفاع نسبة النمو في مصر إلى 4.2% في العام المقبل، وتراجع التضخم من معدلاته الحالية إلى نسبة 17% في نهاية العام المالي الجاري، ولا سيما أن هذا الأمر مهم للجميع، خصوصاً الفقراء والطبقة المتوسطة في البلاد".
ووقعت مصر حزمة دعم مالي موسعة بثمانية مليارات دولار مع الصندوق في مارس/ آذار الماضي، تلزمها بخفض دعم الوقود والكهرباء وسلع أولية أخرى والسماح بتحرير سعر صرف الجنيه، وهي إجراءات أثارت غضباً شعبياً. ورفعت مصر الشهر الماضي أسعار مجموعة كبيرة من منتجات الوقود للمرة الثالثة هذا العام، مع زيادة أسعار السولار (الديزل) والبنزين بما تراوح بين 11 و17%.
ويعتبر سعر الصرف المرن هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه مصر. ويتداول الجنيه في نطاق ضيق منذ خفض قيمته في أوائل مارس/ آذار الماضي، حينما سمحت السلطات له بالهبوط من نحو 31 جنيهاً إلى 49 جنيهاً للدولار حالياً.