هوت العملة السورية اليوم الأربعاء إلى 15200 ليرة مقابل الدولار الواحد، في أدنى سعر على الإطلاق منذ ثورة السوريين عام 2011، ليرتفع سعر الذهب بالمقابل، إلى أعلى سعر على الإطلاق، بتسجيل الغرام من عيار 21 قيراطاً 825 ألف ليرة سورية بحسب مصادر من دمشق لـ"العربي الجديد".
ووصف وزير الاقتصاد بالحكومة السورية المعارضة عبد الحكيم المصري تفاقم الحالة بالمتوقع، بعد ما وصفه بـ"خيبة السوريين بمرسوم رئيس النظام زيادة الأجور التي لم تصل إلى 15 دولاراً والضربة التي وجهتها حكومة الأسد للشعب والصناعيين، برفع أسعار حوامل الطاقة ليل أمس والاستمرار بسياسة سحب الدعم".
وفي حين يستبعد الوزير سقوط نظام الأسد من بوابة الاقتصاد، رغم الجوع والفقر الشديدين، لأن بقاء الأسد، حتى الآن، مشيئة دولية برأيه، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن طوراً خاصاً وصعباً على السوريين قد بدأ، ولا بد أن تكون له تبعاته غير المتوقعة، سواء من انتفاضات شعبية أو إضرابات بالمحال والمنشآت الإنتاجية.
ويحمّل الوزير المصري حكومة الأسد وزر تفاقم الأوضاع المعيشية وتهاوي سعر الصرف "إن لم نستبعد القمع والاستبداد والفساد"، لأن استمرار تخفيض سعر الليرة من المصرف المركزي وتفلت الأسواق واستمرار تفقير الشعب "إرادة أسدية" للبقاء بالسلطة. مشيراً إلى نشرة المصرف المركزي اليوم الأربعاء التي خفضت سعر الليرة مقابل الدولار.
ورفع مصرف سورية المركزي، اليوم الأربعاء، سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي للحوالات والصرافة إلى 10700 ليرة للدولار الواحد واليورو إلى 11679.05 ليرة سورية لليورو الواحد. بعدما رفع أمس إلى 10100 ليرة للدولار، و11086.27 ليرة سورية لليورو.
زاعماً خلال بيان أن النشرة بغرض التصريف النقدي وشراء الحوالات الخارجية (التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية).
ويقول أستاذ المالية فراس شعبو لـ"العربي الجديد" إن سورية اليوم دخلت في منزلق التضخم الجامح، بعد سحب الدعم عن المشتقات النفطية وتهاوي سعر الصرف وغلاء الأسعار، إلى جانب الركود بسبب تراجع القدرة الشرائية، مشيراً إلى تمنّع التجار عن تسعير المنتجات بسبب تبدل أسعار الصرف بشكل ساعي وليس يومياً.
ويضيف شعبو أن "الشعب هو آخر هموم نظام الأسد"، إذ يستمر النظام بالإتاوات ومنح ميزات إضافية لـ"عصابة من التجار حوله" بصرف النظر عن الأسعار والاحتكار وقدرة السوريين، حتى على تأمين الخبز.
ويتوقع أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير في إسطنبول تهاوي الليرة إلى ما دون 20 ألفاً مقابل الدولار، إلى جانب هروب المدخرين إلى الذهب، بواقع "عصا معاقبة من يتعامل بالدولار" ولم يتوقع "هبة أو ثورة شعبية" رغم ما وصفه بالاستياء العام في الشارع السوري.
وتشهد العاصمة السورية دمشق اليوم إقبالاً شديداً على العملات الأجنبية، وسط إغلاق أو تمنّع شركات الصيرفة، في منطقتي الحريقة والبحصة، عن البيع والتبديل، كما زاد الطلب على ذهب الادخار (الليرات والأونصات)، ما قلل من العرض ومبيع تلك القطع من السوق اليوم.
ويرى سوريون أن قرارات "المركزي" باللحاق بسعر السوق وعدم ضبط سعر الصرف أو تحسينه، تسببت برفع جنوني للأسعار، بالتزامن مع اختفاء الكثير من المواد بالأسواق نتيجة الاحتكار.
وذكرت صحيفة قاسيون أن نسبة الزيادة بسعر الصرف الرسمي للدولار مقابل الليرة بلغت 234,99% منذ مطلع العام، إذ ارتفعت أسعار المشتقات النفطية رسمياً بنسبة تتراوح بين 50-200%، وارتفعت أسعار الإسمنت رسمياً بنسبة تراوحت بين 76-95%، وارتفعت أسعار خدمات الاتصالات بنسبة 50% تقريباً، وارتفعت أسعار الأدوية رسمياً بنسبة تتراوح بين 130-150%، كما ارتفعت أجور المواصلات بنسبة تقارب 50%.
ووفق الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري، جناح يوسف فيصل، فقد ارتفعت أسعار المؤسسة السورية للتجارة "حكومية" لبعض السلع الأساسية بنسبة 100% تقريباً، إذ كان سعر السكر الحر المباشر في السورية للتجارة يباع مطلع العام بسعر 4600 ليرة للكيلوغرام، وفي آخر تسعيرة وصل إلى 12500 ليرة، بنسبة زيادة 171,73%.
وكان سعر ليتر الزيت النباتي الحر المباشر في السورية للتجارة مطلع العام بـ 14 ألف ليرة، وفي آخر تسعيرة وصل إلى 20 ألف ليرة، بنسبة زيادة 42,85%، لتصل نسبة الزيادات السعرية خلال 8 أشهر بين 130-300%.
ووصف أستاذ السياسات النقدية والمالية في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، إلياس نجمة، التضخم في سورية بأنه من النوع المركب، لأنه تضخم كلفة، من خلال زيادة أثمان السلع التي تتحكم بأسعارها الدولة، وبسبب الفساد المستشري الذي أصبح مشكلة مجتمعية، فضلاً عن أنه تضخم طلب، من خلال عجز الموازنة الذي استفحل من قلة التبصر في السنوات الأخيرة.
وأضاف أستاذ السياسات النقدية، خلال تصريحات نشرتها وسائل إعلامية من دمشق أمس، أنه "يجب أن يكون العلاج إجمالياً ولا يتناول جانباً واحداً من التضخم"، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحديث عن الأسعار من دون التكلم عن الدخول والرواتب والأسباب المتبادلة بينهما، ما يتطلب تطبيق أدوات التحليل الاقتصادي على الظاهرة المالية.
وحول سحب الدعم، يشير نجمة إلى أنه سيزيد من تضخم الأسعار، موصياً بالبحث بصيغ رفع الدعم التي ستعتمدها الحكومة، كما المواد التي سيتناولها الدعم، وكيفية تعامل الحكومة مع إسقاطات رفع الدعم.
وأوضح نجمة أنّ اللجوء لإرضاء الناس برفع الرواتب للتغطية على قضية رفع الدعم أسلوب بدائي، فالقضية ليست نقدية فقط، بل اقتصادية واجتماعية، وآثارها متنوعة وخطيرة وفقاً للفئات الاجتماعية المتنوعة، وخصوصاً الدعم المتصل بوظائف الدولة الأساسية التي استقر عليها النظام العام والفقه المالي الحكومي منذ عشرات السنين، والمتصلة بالتعليم والصحة والأمن والعدل.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد أصدر مساء أمس مرسومين بزيادة الأجور، رفع خلالهما الرواتب للعاملين والمتقاعدين بنسبة 100%، ليصل متوسط الأجور إلى نحو 200 ألف ليرة، في حين يزيد الحد الأدنى لإنفاق الأسرة السورية عن 4.2 ملايين ليرة شهرياً.