السودان يتشبث بطوق المساعدات لمواجهة الأزمات الخانقة

03 ديسمبر 2021
الأزمات المعيشية أحد أبرز أسباب تواصل الاحتجاجات الشعبية (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة السودانية في ظل تدهور أوضاع مختلف القطاعات الاقتصادية واستمرار الاضطرابات السياسية بين المكونين المدني والعسكري.

ويبدو أن السلطات السودانية ستعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الخارجية ولا سيما الأميركية من أجل الخروج من عنق الأزمات المتفاقمة التي تواجهها.

وتوقع مدير إدارة مؤسسات التمويل الدولية والتجمعات الاقتصادية بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أحمد الشريف، انسياب المساعدات الاقتصادية من أميركا والعالم الخارجي عقب تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة وتسلمها مهامها.

وفي تعليق على الاشتراطات الأخيرة التي أعلنتها الخارجية الأميركية لاستعادة صرف مساعداتها المالية المعلقة المقررة بـ700 مليون دولار للسودان منذ الإجراءات التي قام بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال الشريف لـ"العربي الجديد" إن استعادة المساعدات تستدعي من الحكومة إعداد خطة وبرنامج واضح ومقبول للعالم الخارجي، يتناسب وقدراتنا وثرواتنا الموجودة والكامنة حتى تطمئن أميركا والدول المانحة للانسياب الآمن والسليم والمنتظم لمساعداتها للسودان.

وأضاف الشريف أن على الحكومة، الاستفادة كذلك من التعاون الثنائي مع الدول الأخرى مثل الصين ودول الخليج العربي وغيرها، وتطوير شراكاتها مع القطاع الخاص المحلي والخارجي في تأهيل البنى التحتية والاستراتيجية وحفز وتشجيع الاستثمارات، وتطوير مواردها الذاتية لتسيير الاقتصاد لصعوبة حصولها على القروض بسبب متطلبات صندوق النقد الدولي.

وتوقع انسياب التسهيلات بعد حصول السودان على نقطة اكتمال القرار بشأن إعفاء ديونه الخارجية، بعد نحو 39 شهرا، مبينا إمكانية تلقي السودان خلال الفترة المقبلة لقروض ميسرة بقيمة 120 مليون دولار حتى العام القادم 2022.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أخيراً، أن السودان بحاجة إلى إحراز مزيد من التقدم قبل أن تستأنف واشنطن صرف المساعدات المعلقة. وقالت إن انسياب المساعدات يعتمد على ما سيحدث في السودان خلال الساعات والأسابيع القادمة.

وذهب الشريف إلى ضرورة اهتمام الحكومة كذلك بتطوير المراسلات البنكية مع الخارج وانسياب الصادرات تلافيا لحدوث عجز في الميزان التجاري، والحد من انفلات التضخم، وترشيد الإنفاق الحكومي ودعم الدولة للمواطن من خلال تطبيق برنامج الحماية الاجتماعية.

ويعاني السودانيون من أزمات معيشية خانقة وفي مقدمتها الغلاء الفاحش في أسعار السلع والوقود وتدهور الخدمات وتهاوي قيمة الجنيه السوداني، ما أدى إلى تفاقم الفقر. وتبقى الأزمات المعيشية أحد أبرز أسباب تواصل الاحتجاجات الشعبية.

وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية حول نسبة الفقر في السودان، فبينما تقول تقارير الأمم المتحدة إن 46.5 بالمائة من سكان السودان يعيشون دون خط الفقر، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 إن الفقر تراجع إلى 36.1 بالمائة.

وحسب بيانات رسمية، بلغ معدل التضخم في السودان خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، 365.82 بالمائة، مقارنة بـ387.56 بالمائة في شهر أغسطس/ آب الماضي.

وقال المحلل الاقتصادي الأكاديمي، عصام بوب لـ"العربي الجديد" إن أميركا أعلنت منذ بداية إجراءات 25 أكتوبر/ تشرين الأول رأيها بصراحة وبطرق عدة، وهذا يتضح من تجميدها كافة المساعدات للسودان.

وأشار إلى أن إعادة عبد الله حمدوك لرئاسة الوزراء لن تخدم كثيرا في إعادة المساعدات تقدر قيمتها الأولية بـ 700 مليون دولار، مبينا أن هذا التعليق لا يأتي منفردا وإنما يتبعه تجميد مساعدات أخرى من بينها إعفاء الديون.

وأضاف أن القائمين على الأمر لم يلتفتوا إلى أنه رغم التصريحات الأميركية بضرورة إعادة حمدوك إلا أنهم تركوا مدخلا صغيرا وهو اشتراط وجود حكومة مدنية حسب الوثيقة الدستورية، مشيرا إلى تسبب رد الكونغرس الأميركي بمشروع قرار لفرص قانونية بفرض عقوبات فردية على أشخاص واستمرار تعليق المساعدات.

وتابع بوب: "أعتقد أن الولايات المتحدة ستستمر في إرسال المساعدات الإنسانية، ولكنها ستعلق مساعدات أخرى للتنمية والبنيات التحتية حتى تنفذ السلطات السودانية ما تراه من سياسات لدعم الديمقراطية، وأهمها تنفيذ انتخابات مبكرة في السودان".

وأوضح أن تعيين سفير أميركي جديد للسودان لا يخدم أغراض اتخاذ قرار بفك تجميد الإعانات والإعفاءات والمنح.

ودعا إلى ضرورة التفكير الجدي في إحداث إصلاح اقتصادي وسياسي واجتماعي داخلي حقيقي يرضي العالم والشعب السوداني ويحقق الاستقرار المطلوب لضمان تدافع العالم نحو مساعدة السودان.

وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية في العام المنصرم 2020 عن تبرعها بمبلغ 81 مليون دولار في إطار المساعدات الإنسانية للسودان لتوفير الحماية الضرورية والخدمات والاحتياجات الغذائية العاجلة، ومساعدات أخرى بقيمة 700 مليون دولار.

المساهمون