السندات الأميركية في طريقها لتسجيل أفضل شهورها في 40 عاماً

30 نوفمبر 2023
مقر وزارة الخزانة الأميركية بالعاصمة واشنطن (Getty)
+ الخط -

قبل نهاية الشهر بيوم واحد، بدت السندات الأميركية عازمة على تسجيل أفضل أداء شهري لها منذ ما يقارب الأربعة عقود، حيث أدى التفاؤل المتزايد بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي العام المقبل إلى إيقاف عمليات البيع المحموم التي شهدتها الأسواق أوائل الخريف.

وارتفع مؤشر بلومبيرغ المجمع للسندات الأميركية، وهو مقياس يتم تتبعه على نطاق واسع لقياس إجمالي العائدات على أدوات الدخل الثابت في الولايات المتحدة، بنسبة 4.3% حتى الآن في نوفمبر/تشرين الثاني، ما يضعه على المسار الصحيح لتحقيق أفضل أداء شهري له منذ عام 1985.

وتشكل سندات الخزانة أكبر مجموعة في المؤشر الإجمالي، وفي حين أن عوائد السندات لأجل 10 سنوات لا تزال أعلى مما كانت عليه في بداية العام، إلا أن الانتعاش في الأسابيع الأخيرة كان مذهلاً وسمح بازدهار في نواح أخرى من سوق السندات.

وأدى الارتفاع إلى دفع إجمالي عوائد المؤشر هذا العام إلى المنطقة الإيجابية، مما زاد الآمال في قدرته على تجنب تكبد خسائر للعام الثالث على التوالي، وهو ما كان سيعد حدثاً غير مسبوق في ما يقرب من نصف قرن.

وارتفعت أسعار السندات، مع تراجع العائدات، هذا الشهر، بتأثير تنامي توقعات المتداولين بانتهاء دورة رفع الفائدة الأميركية الحالية.

اتبعت أسعار الديون الحكومية في جميع أنحاء العالم سندات الخزانة الأميركية في الارتفاع، تاركة مؤشر بلومبيرغ العالمي المجمع للسندات في طريقه نحو تسجيل أفضل شهر له منذ الأزمة المالية في عام 2008.

وعكست أسعار الديون الحكومية العالمية الاتجاه التصاعدي في الولايات المتحدة، مما دفع مؤشر بلومبيرغ العالمي للسندات باتجاه تسجيل أفضل شهوره منذ اقتراب الأزمة المالية العالمية من نهايتها في عام 2008.

وتشير العقود الآجلة لأسعار الفائدة إلى أن المستثمرين تحولوا إلى التسعير الكامل لخفض بمقدار ربع نقطة بحلول اجتماع بنك الاحتياط الفيدرالي في مايو/أيار، مقارنة بتوقعات سابقة انتظرته في منتصف أكتوبر/تشرين الأول..

وقال جون كيرشنر، مدير المحافظ الاستثمارية في يانوس هندرسون، إنه "إذا تم استطلاع آراء 1000 من مديري المحافظ قبل ستة أسابيع، لم يكن أي منهم ليتوقع الوصول إلى هذه المستويات الآن، ولكن هناك الكثير من الأموال السريعة التي يمكن أن تتحرك خلال حدث واحد أو حدثين فقط"، في إشارة إلى التدفقات التي حدثت في سوق السندات الأميركية خلال الشهر الجاري.

كما أدى الارتفاع إلى انخفاض العائدات على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من أعلى مستوى لها في 16 عاما عند 5.02% قبل شهر إلى مستوى منخفض بلغ 4.25% يوم الأربعاء، وهو أقل من المستويات المسجلة في 20 سبتمبر/ أيلول، عندما نشر البنك الفيدرالي آخر توقعاته الاقتصادية الفصلية، وقد احتوت هذه التوقعات على رسالة مفادها توقع بقاء أسعار الفائدة عند مستويات أعلى لفترة أطول.

وتشجع المستثمرون المتفائلون أمس الثلاثاء بتعليقات أحد صناع السياسة الأكثر تشددا في البنك الفيدرالي، كريستوفر والر، الذي قال إنه واثق بشدة من أن سياسة البنك الفيدرالي الحالية في وضع جيد لإعادة التضخم إلى هدف البنك البالغ 2%.

ونفى آلان روسكين، كبير الاستراتيجيين الدوليين في "دويتشه بنك" بنيويورك أن يكون هذا ما عناه والر، مشيراً إلى أن التعليقات التالية كان لها تأثير كبير. وأضاف: "هو بالتأكيد يفتح الباب أمام خفض أسعار الفائدة في النصف الأول".

وتعززت ثقة المستثمرين أيضاً بمراجعة بيانات الناتج المحلي الإجمالي اليوم الأربعاء، والتي أظهرت أن التضخم كان أبطأ مما كان يعتقد سابقًا في الربع الثالث، مع تعديل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل لدى بنك الاحتياط الفيدرالي لقياس التضخم، بالخفض بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 2.8%.

أيضاً شهدت سندات الشركات ذات الدرجة الاستثمارية، والتي تشكل نحو ربع المؤشر الإجمالي، انتعاشاً قوياً في نوفمبر. وتقلص متوسط العلاوة، أو الفارق، الذي تدفعه الجهات المصدرة عالية الجودة للاقتراض مقارنة بوزارة الخزانة الأميركية إلى 1.14 نقطة مئوية فقط هذا الأسبوع، وهو أدنى مستوى منذ فبراير/شباط 2022

وشهدت صناديق سندات الشركات، بما في ذلك تلك التي تتبع المقترضين ذوي التصنيف الائتماني مرتفع المخاطر، أكثر من 17 مليار دولار من التدفقات النقدية حتى الآن في نوفمبر، مما يمهد الطريق لأكبر صافي تدفقات شهرية منذ يوليو/تموز 2022.

وقال لطفي القروي، كبير استراتيجيي الائتمان في بنك "غولدمان ساكس" لصحيفة "فايننشال تايمز" إن الدافع وراء هذه التدفقات كان الانخفاض في تقلبات أسعار الفائدة، وإدراك المستثمرين أنهم يحظون الآن بأفضل دعم للعائدات منذ 16 عامًا على الأرجح، وأن التوقعات المستقبلية للسياسة النقدية أصبحت أكثر قابلية للتنبؤ بها.

وتزامن انخفاض العائدات أيضًا مع تحول في خطط الاقتراض لوزارة الخزانة الأميركية. وبعد أن توقع مسؤولوها في أغسطس/آب أنهم سيزيدون بشكل كبير حجم مزادات السندات لتغطية النقص الضريبي، قال المسؤولون في أواخر أكتوبر إنهم سيبطئون وتيرة اقتراضها، مما خفف من الضغوط على الأسعار.

ويختتم الاجتماع الأخير للبنك المركزي لعام 2023 في 13 ديسمبر/كانون الأول. وبينما لا يتوقع المستثمرون تغييرا في أسعار الفائدة، فإنهم سيولون اهتماما وثيقا للتوقعات الاقتصادية المحدثة للبنك الفيدرالي، والتي سيتم الإعلان عنها في المؤتمر الصحافي الذي سيتم عقده في أعقاب الإعلان عن قرار البنك.

المساهمون