توقع محافظ البنك المركزي التركي شهاب قاوجي أوغلو، اليوم الخميس، أن تتراجع نسبة التضخم من 83.45% إلى ما بين 60.4 و65.2% نهاية العام الجاري، من دون أن يفصح عن الآلية والطرق التي ستصوّب الأسواق وتحد من التضخم وغلاء الأسعار، وفق ما نشرت صحيفة "جمهوريات" عن مجريات الاجتماع.
ويتساءل اقتصاديون أتراك عن الآلية التي يمكن أن تستخدمها حكومة "العدالة والتنمية" لتخفيض نسبة التضخم 20% خلال شهرين، مشككين بجدوى أي إجراء بواقع تصميم تركيا على تخفيض سعر الفائدة إلى خانة العشرات، كما ألمح الرئيس رجب طيب أردوغان أخيراً، ما أوصل سعر صرف الليرة التركية إلى أدنى مستوى بتاريخها والتضخم إلى الأعلى منذ ربع قرن.
وكانت نسبة تضخم أسعار المستهلك قد قفزت بمعدل 3.08% وأسعار المنتجين 4.78% خلال الشهر الماضي، لتصل نسبة تضخم الأسعار السنوي إلى 83.45% وهو الأعلى منذ 24 عاماً، ما زاد من نسبة الفقر عن 13% بواقع زيادة تكاليف معيشة الأسرة التركية عن 22 ألف ليرة، في حين لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور 5500 ليرة رغم الرفع مرتين هذا العام.
وقد بدأ تحسن مؤشرات الأسواق والاستهلاك بعد أن ارتفع مؤشر الثقة الاقتصادية في تركيا بنسبة 3% خلال شهر أكتوبر، وفق ما نشر معهد الإحصاء اليوم الخميس، ليبلغ المؤشر 97.1% خلال أكتوبر وكان قد سجل 94.3% خلال سبتمبر/أيلول الماضي.
إلا أن الاقتصادي التركي مسلم أويصال يتوقع زيادة نسبة التضخم وليس تراجعها، لأن مستوى الأسعار بارتفاع مستمر جراء تراجع سعر صرف العملة التركية، اليوم الخميس، إلى 18.163 ليرة مقابل الدولار، وهو أدنى سعر بتاريخ الليرة منذ إلغاء الأصفار الستة مطلع يناير/كانون الثاني عام 2005.
ويقول أويصال لـ"العربي الجديد" إن سعر الصرف ونسبة التضخم "لم يعودا أولوية للحكومة"، ربما لأنها تعتقد بسهولة السيطرة عليها، بعد جني حصيلة السياحة والصادرات المتوقع بلوغها 300 مليار دولار، الأعلى بتاريخ تركيا، أو من خلال إصدار قرارات جديدة قبل نهاية العام "كما هو متوقع"، سواء على صعيد حماية الإيداع بالليرة أو حتى تدخل المصرف المركزي مباشرة بالسوق وتحسين سعر الليرة عبر بيع الدولار.
لكن ذلك، يستدرك أويصال، لا يمكن أن يعيد لليرة سعرها التي دخلت فيه العام الجاري، وقت لم يزد سعر صرف الدولار عن 13 ليرة، بل التوقعات بتهاوي الليرة إلى مستوى 20 مقابل الدولار، إن خفض المصرف المركزي سعر الفائدة، خلال الشهر الأخير من العام الجاري، لتصل إلى ما دون 10% كما يقول المسؤولون.
وكان المركزي التركي قد خفض، الشهر الجاري، وللمرة الثالثة على التوالي، سعر الفائدة المصرفية بنحو 150 نقطة أساس، لتهبط من 14% في يوليو/تموز إلى 10.5% اليوم. الأمر الذي ساهم بتراجع سعر صرف العملة التركية وزاد بالتالي من ارتفاع الأسعار.
في المقابل، يشكك أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، بإجراءات المركزي التي يمكن أن تحسن من سعر الليرة ونسبة التضخم، إذ برأيه تحتاج الأسواق مدة من الزمن لتستوعب الصدمة الإيجابية، في حين أنها تستجيب بسرعة لأي صدمة سلبية، فحين يجرى تخفيض سعر الفائدة تتأثر الليرة والأسعار مباشرة، في حين تحتاج الأسعار خاصة، لمدة لكي تنخفض، لأن عذر المنتجين أن تكاليف الإنتاج كانت خلال الأسعار السابقة.
ولكن، لا يستبعد أستاذ المالية شعبو، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، اتخاذ الحكومة التركية "إجراءات غير متوقعة" خلال الشهر الأخير من هذا العام، استعدادا للانتخابات، لأن الوضع المعيشي بات الهم الأكبر لدى الناخب التركي، كأن تسرّع الحكومة من وتائر تنفيذ المشروعات الكبرى لتنشّط الأسواق وتبدل من المؤشرات الاقتصادية، أو يتدخل المصرف المركزي مباشرة في السوق أو ربما لدى الحكومة "مفاجآت" مثل بيع الغاز الروسي للقارة الأوروبية باليورو بعد أن تستورده من روسيا بالليرة والروبل، فتبدل وقتها من الطلب على العملات الأجنبية ويتحسن سعر الليرة وينخفض التضخم.
ويختم المتخصص شعبو بأن قلب النسب ليس بالأمر اليسير، خاصة إن أخذنا بالاعتبار ضخ كتل كبيرة من العملة التركية بالأسواق، نهاية العام أو مطلع العام الجاري، من خلال زيادة الأجور كما وعدت تركيا برفع الحد الأدنى إلى مستوى التضخم، فوقتها الأرجح أن يزيد التضخم ويتراجع سعر صرف الليرة.