السفر مشياً وسط أهوال الحرب في غزة... الاحتلال يدمر وسائل النقل

17 أكتوبر 2024
نازحون فارون من العدوان يسيرون على الأقدام مسافات طويلة وهم يحملون أمتعتهم (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني الفلسطينيون في غزة من أزمة نقل حادة بسبب تدمير البنية التحتية ونفاد الوقود نتيجة الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، مما يضطرهم للسير لمسافات طويلة.
- لجأ السكان لاستخدام بدائل مثل غاز الطهو وزيت القلي لتشغيل المركبات، لكن هذه البدائل أصبحت مكلفة ونادرة، مما أدى إلى توقف معظم وسائل النقل واعتماد الناس على العربات التي تجرها الدواب.
- تتفاقم الأزمة بسبب الازدحام وارتفاع أسعار الوقود، مما يجعل التنقل مكلفًا ويضطر السائقين لاتخاذ تدابير قاسية لمواصلة العمل.

 

يضطر الفلسطينيون في قطاع غزة إلى قطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام بفعل الأزمة الحادة في وسائل النقل والمواصلات نتيجة التدمير الإسرائيلي الممنهج للبنية التحتية، ونفاد الوقود والبدائل اللازمة لتحريك السيارات والعربات والشاحنات المخصصة لنقل المواطنين.
ويتسبب الإغلاق الإسرائيلي المتواصل للمعابر الحدودية منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، في نقص مختلف المواد الأساسية، وأبرزها منتجات الوقود من بنزين وسولار وغيرها، وقد زادت حدة الأزمة بعد اجتياح مدينة رفح منتصف العام الماضي، وصولاً إلى الإغلاق التام الذي يخضع له القطاع منذ بداية شهر أكتوبر الحالي بحجة الأعياد اليهودية.
 

توقف معظم وسائل النقل

دفع النقص الحاد في مشتقات البترول التي يمنع الاحتلال إدخالها منذ بداية العدوان الفلسطينيين إلى الاتجاه نحو بدائل أقل جدوى لتحريك عرباتهم، عبر تحويل محركات العربات للعمل عبر غاز الطهو، أو زيت القلي، إلا أن منع إدخال تلك البدائل ضاعف من أسعارها وزاد من عمق الأزمة، الأمر الذي تسبب بتوقف معظم وسائل النقل عن العمل، وبخلق أزمة شديدة في تنقل المواطنين.

ويواجه الفلسطينيون منذ اليوم الأول للعدوان أزمات مزدوجة في التنقل، بفعل الأعداد القليلة لوسائل المواصلات المتبقية في ظل تدمير أعداد كبيرة من المركبات، والارتفاع الجنوني في الأسعار، في الوقت الذي تتواصل فيه تهديدات الإخلاء من منطقة إلى أخرى، ما يتسبب بمضاعفة حدة الأزمة، جراء نقص العربات مقارنة بالأعداد الهائلة للنازحين.

ودفعت أزمة التنقل الفلسطينيين إلى استخدام العربات التي تجرها الدواب، والتي طاولتها الأزمة كذلك بسبب الاعتماد شبه الكامل عليها، الأمر الذي أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الحمير والأحصنة، ما أجبر المواطنين على السير مشياً على الأقدام في الطرقات المدمرة التي تعاني من الطفح المتواصل لمياه الصرف الصحي جراء استهداف الطائرات الحربية لما يزيد على 80% من البنية التحتية.
ويضطر نازحون من مناطق يهاجمها الاحتلال الإسرائيلي إلى مناطق أخرى، إلى السير على الأقدام مسافات طويلة، وهم يحملون أمتعتهم.

الانتظار الطويل

وتتركز الأزمة بشكل واضح على المفترقات العامة وجوانب الشوارع الرئيسية ومداخل الأسواق التي تشهد تجمهر المواطنين المنتظرين لوسيلة نقل، بينما يتهافت الجميع على العربات التي باتت تحمل ضعف قدرتها الاستيعابية، إلى جانب تركيب المقطورات الحديدية والخشبية خلفها بغرض نقل أكبر عدد ممكن، فيما يضطر من لم يحالفه الحظ إلى إكمال طريقه مشياً على الأقدام، أو انتظار فرصة أخرى قد يحظى بها بعد وقت طويل من الوقوف تحت أشعة الشمس.
ويقول الفلسطيني أسامة زايد إنه يعاني منذ بداية الحرب من عدة أزمات، أبرزها أزمة التنقل، بسبب ارتفاع أسعارها، وتحديداً مع كل عملية نزوح، إلى جانب النقص الشديد في أعداد العربات، الأمر الذي يزيد من تعقيد الواقع المتأزم أصلاً بسبب الأوضاع الاقتصادية.
ويشير زايد لـ "العربي الجديد" إلى أن النقص الشديد في وسائل النقل دفعه إلى الركوب على الكارات التي تجرها الدواب، وعلى الشاحنات المخصصة لنقل المياه والخضار.
ويقول: "على الرغم من خطورة تلك الوسائل إلا أن أسعارها مرتفعة بسبب ارتفاع أسعار الوقود والبدائل، فيما بتنا نفتقدها جراء توقف معظمها عن العمل".
ويبين زايد أن النقص في وسائل المواصلات بات يدفعه إلى إلغاء العديد من التحركات، وتحديداً المشاوير البعيدة التي تحتم عليه ركوب وسيلة نقل غير متوافرة، والاكتفاء بالمهام القريبة، والتي يمكنه العودة منها مشياً على الأقدام في حال عدم مصادفة وسيلة نقل، مضيفاً: "أصبحنا نحسب حساباً لكل شيء، وقد باتت التأثيرات السلبية للعدوان تتحكم حتى في مشاويرنا".
 

مصاعب نقل الأحمال الثقيلة في غزة

بدوره، يوضح الفلسطيني سليمان النواتي، الذي وقف على المفترق المؤدي إلى سوق دير البلح الشعبي وسط قطاع غزة بعد شراء حزمة أخشاب لتدعيم خيمته، أنه لم يتمكن من ركوب وسيلة نقل بسبب الشح الشديد، إلا أنه مجبر على مواصلة الانتظار بسبب ثقل حمله وعدم قدرته على نقله مشياً على الأقدام.

ويشير النواتي لـ "العربي الجديد" إلى صعوبة التنقل منذ بداية العدوان بسبب نقص الوقود والاعتماد على بدائل مكلفة وتسبب الأعطال في العربات على مدار الأيام، كذلك تُحسَب تلك التكاليف على الراكب، على الرغم من عدم الراحة أو الأمان خلال الطريق بفعل الحمل الزائد وعدم توازن العربات وملحقاتها.

ويقول السائق الفلسطيني جعفر مهاوش، إنه توقف عن العمل لفترة طويلة منذ بدء العدوان بسبب نفاد الوقود وزيت السيارات والغلاء الجنوني في أسعار قطع الغيار والبناشر (ثقوب الإطارات)، إلا أنه اضطر إلى العمل مجدداً نتيجة عدم توافر أي مصدر دخل آخر يمكنه توفير متطلبات أسرته المكونة من خمسة أفراد.

ويبين مهاوش لـ "العربي الجديد" أنه أُجبر على اتخاذ قرارات قاسية لمواصلة العمل ومواءمته وفق المستجدات التي فرضها العدوان المتزامن مع الغلاء في كل شيء، حيث اضطر إلى خلط السولار بزيت القلي للتخفيف من أسعاره المرتفعة التي تجاوزت عشرة أضعاف السعر الطبيعي، علاوة على تركيب مقطورة استأجرها لزيادة عدد الركاب، على الرغم من الآثار السلبية لتلك الخطوات التي تضعف المحرك وتؤثر بالعمر الافتراضي لسيارته.
ويلفت مهاوش إلى العديد من الأسباب الإضافية التي تدفعه وبقية السائقين إلى التوقف عن العمل، على الرغم من أهميته، ومنها الازدحام الشديد بسبب ضيق الشوارع جراء تكدس خيام النازحين، وتكسير الشوارع الذي يؤدي إلى العديد من الأعطال، في ظل النقص الشديد بقطع الغيار أو تضاعف أسعارها بشكل غير مسبوق، في الوقت الذي لا يمكن للسائق مواصلة زيادة الأسعار بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها الجميع.