قالت مصادر في تكتل أوبك+ إن السعودية وروسيا ازدادتا ثقة بأن ارتفاع أسعار النفط لن يفضي إلى استجابة سريعة من صناعة النفط الصخري الأميركية، الأمر الذي يعكس رغبة في زيادة الإيرادات وتعزيز مبررات عدم زيادة إنتاج التكتل بوتيرة أسرع.
وتقود الدولتان مجموعة أوبك+ التي تتألف من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائهم. وكان تقييد إنتاج التكتل قد دعم موجة صعودية دفعت سعر مزيج برنت إلى 86.70 دولارا للبرميل الشهر الماضي مسجلا بذلك أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات.
وتساعد المؤشرات على تراجع قلق الرياض وموسكو من ارتفاع الأسعار، في تفسير رفض أوبك+ نداءات من الولايات المتحدة ودول أخرى مستهلكة للتخلص بوتيرة أسرع من تخفيضات الإنتاج التي تقررت العام الماضي خلال أسوأ مراحل الجائحة.
وقال مصدر روسي في التكتل: "أوبك+ تبقي عينها على إنتاج النفط الأميركي واحتياطياته، وفي الوقت الحالي ليست لدى التحالف أي مخاوف في هذا الصدد ... فإنتاج النفط الصخري الأميركي يتعافى بوتيرة متواضعة نسبيا".
وكان منتجو النفط قد منوا بانخفاض في الإيرادات خلال الجائحة، وسمح لهم ارتفاع الأسعار بتعويض ذلك النقص في قوائمهم المالية.
وقبل الجائحة تعرضت شركات النفط الصخري الأميركية لضغوط لخفض الإنفاق ومشروعات التوسع وزيادة العوائد للمساهمين فيها. وحدت تلك الضغوط من نشاطها مع ارتفاع أسعار النفط إلى المستويات التي كانت تحفز الإنتاج الصخري في السابق.
ويبدو أن هذا الاتجاه خفف من حدة مخاوف أوبك+، من أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي.
وفي كثير من الأحيان كانت روسيا تبدي في السابق مخاوفها من أن يشجع عدم زيادة إنتاج أوبك للسيطرة على الأسعار المزيد من أعمال الحفر في الحقول الصخرية. وقالت مصادر أوبك+ إن روسيا لم تبد أي مظاهر قلق من هذا النوع أخيرا.
طموحات سعرية
قال جاري روس الرئيس التنفيذي لبلاك جولد إنفستورز وله باع طويل في متابعة أوبك، إنه "ما من شك أن السعوديين والروس رفعوا طموحاتهم السعرية. فقد بدأوا السنة بهدف غير رسمي قدره 75 دولارا لبرنت لكنهم يشعرون بارتياح متزايد للسعر الأعلى".
وأضاف: "ربما تكون الأسباب مزيجا من الاحتياج والسياسة وقدرة السوق على استيعاب ذلك لكون النفط الصخري ملمحا ذا دور أقل هيمنة يتمتع بانضباط في ما يتعلق برأس المال".
وتقوم توقعات أوبك على عدم حدوث نمو في الإنتاج الصخري الأميركي في 2021 وزيادة متواضعة تبلغ نحو 400 ألف برميل يوميا في 2022، وذلك رغم أن توقعات داخلية اطلعت عليها "رويترز" تشير إلى أنه سيتم تعديل تقديرات 2022 بالزيادة.
قبل الجائحة، تعرضت شركات النفط الصخري الأميركية لضغوط لخفض الإنفاق ومشروعات التوسع وزيادة العوائد للمساهمين فيها
وقال مصدر في أوبك+ إن "مسألة النفط الصخري لم تثر منذ عدة أشهر، لا على مستوى الوزراء ولا على مستوى المتخصصين".
وكان المستثمرون عاقبوا شركات النفط الصخري الأميركية التي حاولت زيادة الإنفاق على الحفر في العامين الأخيرين، فانخفضت أسهم الشركات التي لم تخفض حجم موازناتها وتستهدف ثبات الإنتاج.
وقد ابتعدت شركات التشغيل في القطاع الصخري الأميركي عن المواقع النائية، التي تكون الكلفة الاستثمارية فيها أعلى من حوض العصر الجيولوجي البرمي أكبر مراكز الإنتاج الصخري الأميركي في ولايتي تكساس ونيو مكسيكو.
وكان إنتاج الحوض قد بلغ ذروته في مارس/ آذار 2020 بوصوله إلى 4.91 ملايين برميل يوميا وفقا لأرقام وزارة الطاقة الأميركية ومن المتوقع أن يبلغ 4.89 ملايين برميل في اليوم في نوفمبر /تشرين الثاني أي أقل بنسبة 0.5 في المائة من ذروته.
وعلى النقيض من ذلك، يُتوقع أن يبلغ إنتاج بقية الأحواض الصخرية في الولايات المتحدة 3.3 ملايين برميل في اليوم إجمالا في نوفمبر/ تشرين الثاني بانخفاض 27 في المائة عن الذروة التي بلغتها في فبراير /شباط 2020 وبلغت 4.5 ملايين برميل يوميا.
وفي الماضي القريب، كان النمو السريع في إمدادات النفط الصخري يسبب مشاكل في أوبك.
من المتوقع أن تلتزم أوبك+ أيضا بزيادة قدرها 400 ألف برميل في اليوم.
فقد ساهمت زيادة إنتاج النفط الصخري بتشجيع من سياسة خفض الإنتاج التي كانت تتبعها أوبك لدعم الأسعار في وفرة المعروض في الأسواق خلال الفترة 2014-2016. وأدت تلك الوفرة في نهاية الأمر إلى قيام تكتل أوبك+ الذي بدأ يحد من الإنتاج في 2017.
موجة صعودية
في اجتماعها في الرابع من أكتوبر /تشرين الأول كانت أوبك+ تتعرض لضغوط من الولايات المتحدة لبذل المزيد من أجل تهدئة السوق. وقالت المصادر إن التكتل كان أمامه خياران لزيادة الإنتاج إما 800 ألف برميل يوميا أو 400 ألف برميل يوميا كما تقتضي خطته.
وقالت المصادر إن السعودية أوضحت أنها تعارض زيادة تفوق 400 ألف برميل يوميا، ولم تعترض روسيا التي كانت تطالب في وقت سابق من العام بزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع.
وفي أحدث اجتماعات للتكتل اليوم الخميس، من المتوقع أن تلتزم أوبك+ أيضا بزيادة قدرها 400 ألف برميل في اليوم.
وتقول المصادر إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يحرك سياسة النفط في المملكة يحتاج لتمويل مبادرات مثل رؤية المملكة 2030 التي تمثل خطة للإصلاح الاقتصادي.
وقال مصدر سعودي مطلع على التفكير السائد في الحكومة إن "محمد بن سلمان ولي عهد شاب، وسيكون ملكا لسنوات قادمة ومن ثم يحتاج إلى أسعار نفط مرتفعة نسبيا لمساعدته في تحقيق رؤيته".
وتحدث المصدر عن اجتماع الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول فقال: "هو يرسم الخطوط العامة لسياسة السعودية في ما يتعلق بالنفط وأوبك وأعطى تعليمات بضرورة التأكيد في الاجتماع السابق على أنه لن تكون هناك زيادة أخرى".
وليس هناك هدف سعري رسمي لأوبك+ والسعودية وروسيا. وقد تخلت منظمة أوبك عن هذا الأمر منذ سنوات، باعتباره غير عملي. أما الهدف المعلن فهو أن توازن السياسة الإنتاجية بين العرض والطلب.
والسعودية أكثر اعتمادا على أسعار النفط الأعلى من الدول الرئيسية الأخرى في تكتل أوبك+.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن سعر التعادل بين الإيرادات والمصروفات في السعودية يبلغ نحو 80 دولارا للبرميل، أي أعلى من الدول الرئيسية الأخرى الأعضاء في أوبك مثل العراق والإمارات.
أما روسيا، على النقيض من ذلك، فسعر التعادل لديها يبلغ نحو 40 دولارا للبرميل.
وكانت روسيا التي تعتمد على دخل النفط بدرجة أقل من السعودية قد حثت عدة مرات هذا العام على زيادة الإنتاج. وفي يناير/ كانون الثاني، توصلت إلى صفقة لزيادة إنتاجها بينما خفضت السعودية إنتاجها طواعية.
(رويترز)