السعودية: قفزة في السياحة وانخفاض الحوالات

24 ابريل 2024
تراجع تحويلات العمالة الأجنبية (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاقتصاد السعودي شهد نموًا في قطاع السياحة بأعلى نسبة نمو للسياح الدوليين في 2023، مع تسجيل إنفاق السياح الزائرين لأعلى معدل تاريخي، مما يعكس نجاح استراتيجية تنويع الاقتصاد وتعزيز القطاع السياحي.
- حوالات الأجانب العاملين في المملكة شهدت انخفاضًا إلى أدنى مستوى منذ خمس سنوات، ما يعكس تأثير سياسات تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية وزيادة التكاليف المعيشية.
- التوجهات الاقتصادية الجديدة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد من خلال توجيه الإنفاق نحو تنمية قطاعات جديدة مثل السياحة وفتح مجالات عمل للسعوديين، مساهمةً في تحقيق رؤية المملكة للمستقبل.

 

مؤشران فارقان كشفت عنهما بيانات الاقتصاد السعودي أخيراً في ما يتعلق بإنفاق السياح الزائرين للمملكة من جانب وقيمة حوالات الأجانب العاملين فيها من جانب آخر، إذ سجل إنفاق السياح أعلى معدل تاريخي له عام 2023، في حين انخفضت حوالات الأجانب إلى أدنى مستوى منذ خمسة أعوام.

وسجل بند السفر في ميزان المدفوعات السعودي خلال العام الماضي أكبر فائض تاريخي عند 48 مليار ريال (12.7 مليار دولار)؛ مدفوعاً بالنمو الكبير للسياح القادمين من الخارج، بحسب وزارة السياحة.
وسجل إنفاق الزوار القادمين إلى السعودية من الخارج رقماً قياسياً خلال العام 2023، وذلك بحسب بيان البنك المركزي السعودي الخاص ببند السفر في ميزان المدفوعات، بإنفاق يصل إلى 135 مليار ريال (نحو 36 مليار دولار). ويعد هذا الرقم هو الأعلى في تاريخ السعودية، ويمثل نسبة نمو قدرها 42.8% مقارنة بعام 2022.

وتصدرت السعودية قائمة الأمم المتحدة للسياحة في نسبة نمو عدد السياح الدوليين في عام 2023 مقارنة بالعام 2019 للدول الكبرى سياحياً، محققةً ارتفاعاً بنسبة 56% في عدد السياح الوافدين، وذلك وفقاً لتقرير الباروميتر الصادر من الأمم المتحدة للسياحة في يناير/كانون الثاني 2024.

وفي المقابل، بلغت قيمة حوالات الأجانب في شهر فبراير/ شباط الماضي، نحو 9.33 مليارات ريال سعودي (2.4 مليار دولار)، في حين كانت قيمتها في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي نحو 10.41 مليارات ريال (2.7 مليار دولار)، لتسجل انخفاضاً بقيمة 1.08 مليار ريال (479 مليون دولار)، بحسب بيانات رسمية.
وتراجع متوسط مستوى الحوالات الشهرية للأجانب المقيمين بالمملكة في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين إلى أدنى مستوى في خمسة أعوام على الأقل.

دمج الإيرادات
يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الإنفاق السياحي في السعودية يزداد عاماً بعد آخر لأن السعودية دمجت السياحة الدينية باعتبارها جزءاً من الإيرادات السياحية ما زاد من حجم الإنفاق السياحي داخل المملكة.
وبذلك سجلت السعودية نسبة تعاف في القطاع السياحي بأكثر من 150% عمّا كان عليه الوضع في عام 2019 قبيل جائحة كورونا، بحسب عايش، مشيراً إلى أن المملكة تمثل ثاني أعلى معدل للنمو في النشاط السياحي على العالمي.

كما ساهم في زيادة الإنفاق السياحي بالسعودية توالي تنظيم المهرجانات وتدعيم البنية التحتية الجديدة والمتطورة وتسهيل حركة الدخول والخروج من المملكة إضافة إلى استقطاب الشركات التي تعمل أو لديها عقود عمل في السعودية لتأسيس مقرات إقليمية لها داخل المملكة، وسهولة الحصول على تأشيرة الدخول لمملكة، والتي لم تعد مقتصرة على مكان محدد، إذ تمكن الحاصل عليها من زيارة كل الفعاليات بالمملكة، بحسب ما يرى عايش.

ويضيف الخبير الاقتصادي أن استقطاب الأندية السعودية للاعبين كبار في كرة القدم قدم إضافة رياضية مهمة إلى عوامل الجذب السياحي، إذ تسعى جماهير اللعبة الشعبية الأولى لمشاهدة هؤلاء اللاعبين في الملاعب السعودية.

وإزاء ذلك، يلفت عايش إلى أن السعودية باتت تقدم نفسها باعتبارها دولة سياحية على التوازي مع كونها دولة نفطية، وربما تستهدف أن تتفوق صورة الدولة السياحية في المستقبل، إذ تراهن على 350 مليار دولار من إيرادات السياحة الدينية في عام 2032 وترغب في أن تكون صورتها جاذبة بوصفها "دولة الشباب والمهرجانات بأنواعها المختلفة، سواء كانت فنية أم رياضية أم ترفيهية" بحسب قوله.

الإنفاق والتكاليف
وفي المقابل، يلفت عايش إلى أن انخفاض حوالات الأجانب في السعودية يعود إلى إنفاق المقيمين في المملكة لجزء أكبر من أموالهم على فعاليات جديدة لم تكن متاحة سابقاً، ما يعكس ارتفاع كلفة المعيشة ومستوياتها في المملكة على كثير من العاملين فيها، الأمر الذي انعكس سلباً على حوالاتهم.

ويضيف عايش أن السعودة، التي تعني تقليص العمالة الأجنبية لمصلحة نظيرتها المحلية، تساهم أيضاً في تقليل وجود العمالة الأجنبية، ومن ثم المساهمة في تقليص قيمة الحوالات خارج المملكة، إضافة إلى زيادة كلف الضرائب والرسوم على المقيمين وأسرهم، سواء في ما يتعلق بمعيشتهم أم في تعليم أبنائهم.
وينعكس ذلك إيجاباً على مستهدف السعودية لتوجيه الإنفاق الداخلي نحو ما يثري العملية الاقتصادية فيها، سواء من جانب العاملين الوافدين أم من جانب السائحين، ما يعظم الإيرادات التي تلعب دوراً في تنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن الاعتماد الأحادي على مورد النفط، بحسب عايش.

وبزيادة استقطاب أعداد أكبر من السياح وتهيئة العوامل التي تقلل من حوالات العاملين الأجانب، تحرك الحكومة السعودية العجلة الاقتصادية والتجارية ومن ثم تحافظ على استمرارية أدائها الاقتصادي، وهي سياسة يراها عايش جزءاً من رؤية المملكة الجديدة للدور الذي يمكن أن تساهم به قطاعات اقتصادية جديدة كالسياحة عبر رفع مستويات الخدمات والمعيشة وزيادة المعروض من برامج الترفيه واستقطاب المزيد من مقرات الشركات.

ومن شأن ذلك أن يفتح مجالات عمل للسعوديين أنفسهم، الذين تستقطبهم الزيادة في الإنفاق من المقيمين في المملكة والعاملين فيها ومن القادمين إليها، ما يفتح ذلك مجالات عمل جديدة لهم ولغيرهم من المستثمرين الذين سيجدون في السعودية الفرصة الأفضل لتحقيق العائد، بحسب عايش.