وافق مجلس الوزراء السعودي على قرار الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، لتبني الرياض شراكة طويلة الأمد مع الصين على الرغم من المخاوف الأمنية الأميركية.
قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن المملكة العربية السعودية وافقت على مذكرة بشأن منح المملكة صفة شريك الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون. ومنظمة شنغهاي للتعاون اتحاد سياسي وأمني لدول تغطي معظم أوراسيا، بما في ذلك الصين والهند وروسيا، وتمثل المجموعة، بحسب بيانات "بي بي سي"، ما يقرب من 44 في المائة من سكان العالم، إذ تمتد من المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهندي في الشرق إلى المحيط الهادئ وبحر البلطيق في الطرف الآخر، وتشكل أكثر من 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يجعلها تنافس أكبر المنظمات التمويلية الدولية.
وقالت مصادر لوكالة رويترز إن الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون نوقش خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وشرحت أن وضع الشريك في الحوار سيكون الخطوة الأولى داخل المنظمة قبل منح المملكة العضوية الكاملة في منتصف المدة.
وأثارت علاقات الرياض المتنامية مع بكين مخاوف أمنية في واشنطن حليفتها التقليدية. وتقول واشنطن إن المحاولات الصينية لممارسة نفوذها حول العالم لن تغير سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. فيما يشرح موقع "إنترناشونال بانكيرز" المتخصص أن هذه المنظمة تصطف في وجه مجموعة المنظمات متعددة الأطراف التي يقودها الغرب، مثل مجموعة السبعة.
كما تعتبر المنظمة بعد تأسيسها بنكاً للتنمية مشروعاً لمنافسة المنظمات الدولية التمويلية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. وتأسست منظمة شنغهاي للتعاون من قبل الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان في عام 2001، وانضمت أوزبكستان بعد ذلك بوقت قصير.
وقعت الدول الست على ميثاق منظمة شنغهاي للتعاون في يوليو/ تموز 2002، ودخلت منظمة شنغهاي للتعاون حيز التنفيذ في سبتمبر/ أيلول 2003. مع انضمام الهند وباكستان إلى عضوية كاملة في عام 2017، توسعت منظمة شنغهاي للتعاون لتشمل ثمانية أعضاء كاملين، وأربع دول مراقبة - أفغانستان، بيلاروسيا وإيران التي أصبحت تتمتع العام الماضي بالعضوية الكاملة ومنغوليا، وتسع دول مصنفة كشركاء في الحوار مع أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا ونيبال وسريلانكا وتركيا ومصر وقطر. على هذا النحو، تقف منظمة شنغهاي للتعاون اليوم كأكبر منظمة إقليمية في العالم من الناحيتين الجغرافية والسكانية، بحسب "إنترناشونال بانكيرز".
ومنذ حوالي عام 2005، وسعت منظمة شنغهاي للتعاون مسؤولياتها عبر السعي إلى تحقيق التكامل السياسي والاقتصادي بين أعضائها، وتسهيل الاتفاقيات التجارية عبر الحدود، وتعزيز المشاريع المشتركة للدول الأعضاء في مجالات مثل الطاقة والبنية التحتية، وتغير المناخ، واستقرار سلسلة التوريد، والتنمية الاقتصادية المستدامة...
وتعتبر "سي أن بي سي" أنه لطالما ارتبطت المصالح السعودية بمصالح الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، الصين وروسيا. بكين هي الشريك التجاري الأكبر للرياض، حيث بلغت قيمة التجارة الثنائية 87.3 مليار دولار في عام 2021. تعد الصين مستهلكاً رئيسياً لصادرات النفط السعودية المعتمدة على الهيدروكربونات، وبشكل منفصل، الرياض حليف وثيق لروسيا في سياسات إنتاج النفط الخام لتحالف أوبك+.
ولكن مجلة "ذا إيكونوميست" تشرح أن تضارب الرؤى بين أعضاء المنظمة لا يجعلها تشكل تهديداً كبيراً للغرب. وتعتبر أنه كان من المتصور أن تكون المنظمة منتدى يمكن من خلاله للصين وروسيا إدارة علاقات الجوار. لكن الصين، العضو الأكثر نفوذاً، على الرغم من أنها تشارك روسيا المشاعر المعادية لأميركا، إلا أنها أقل انزعاجاً من المفاهيم الكبرى للاصطفاف الأيديولوجي، كما يقول يو جي من مؤسسة تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية في لندن.
ويسلط توسع منظمة شنغهاي للتعاون الضوء على الأولويات المتضاربة في كثير من الأحيان لأعضائها، بحسب "ذا إيكونوميست". إذ إن أي ناد يضم كلاً من الهند وباكستان، على سبيل المثال، من غير المرجح أن يحقق إجماعاً بسهولة. الهند لديها أيضا خلاف حدودي تاريخي ومعقد مع الصين. في غضون ذلك، قُتل في عام 2021 أكثر من 50 شخصاً في اشتباكات على الحدود بين قيرغيزستان وطاجيكستان. إن استمرار مثل هذه الخلافات الثنائية ترك سمعة لمنظمة شنغهاي للتعاون بأنها لا تشكل تهديداً.