الركود العقاري يتعمق في الصين... المبيعات تهوي 38%

17 أكتوبر 2022
موجة التحفيز الحكومية تفشل في إنعاش قطاع الإسكان (Getty)
+ الخط -

تطل الفقاعة العقارية برأسها في الصين، رغم الإجراءات الحكومية المتعاقبة الرامية إلى بناء جدار سميك يحول دون تصدع القطاع الحيوي. لكن أزمة ديون الشركات وركود المبيعات تدفع نحو أزمة عميقة تمتد لأعوام وتسبب انهيار أعداد كبيرة من البنوك، ولا سيما الصغيرة، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لم تسهم موجة التحفيز الهادفة إلى إنعاش سوق الإسكان، التي تقتصر على مليارات من القروض المصرفية وخفض أسعار الفائدة ودعم المطورين العقاريين، بشيء يذكر لمساعدة الأشخاص الذين يعرضون منازلهم للبيع، وكذلك المطورة.

ما زالت مبيعات المنازل وأسعارها بطيئة، وسط التباطؤ الاقتصادي وقيود "صفر كورونا" التي تتبناها الدولة. إذ تقترب ثقة المستهلك من مستوى قياسي منخفض. وأظهر مسح حديث لبنك الشعب (البنك المركزي الصيني) أن 73% من الأسر تتوقع أن تظل أسعار العقارات دون تغيير أو تنخفض في المدى القريب.

حتى عطلة الأسبوع الذهبي، التي تبدأ في الأول حتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، والتي عادة ما تكون وقتاً جيداً بالنسبة إلى العقارات، أصبحت غير قادرة على لعب دور الشرارة بعد انخفاض المبيعات بنسبة 38% على أساس سنوي، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية.

ويمثل قطاع العقارات نحو ربع الناتج المحلي ونحو 40% من أصول الأسرة. ولا شك في أن انفجار فقاعة بهذا الحجم دون إثارة أزمة مالية أمر صعب بالنسبة إلى أي حكومة، على غرار ما حدث في الولايات المتحدة في 2007-2008. وتشير التقديرات إلى أن سوق المنازل الجديدة فقط تصل إلى 2.4 تريليون دولار.

ويُظهر صُناع السياسة رغبة شديدة في التصدي لتصدعات القطاع من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات، منها سماح الحكومة المركزية أخيراً لنحو 20 مدينة بخفض معدلات الرهن العقاري. كذلك، طلبت الجهات التنظيمية المالية من أكبر البنوك الحكومية تقديم تمويلٍ لا يقلّ عن 600 مليار يوان للقطاع، بل وقدمت بكين أيضاً إعفاءً ضريبياً نادراً للأشخاص الذين يشترون منزلاً جديداً في غضون عام من عملية البيع.

كذلك أقدمت بعض الحكومات المحلية على شراء المنازل بكميات كبيرة من المطورين، وتشجيع الكيانات المملوكة للدولة على القيام بذلك في إطار جهودها الأخيرة لدعم سوق العقارات، وفق تقرير لصحيفة "سيكيوريتيز تايمز"، يوم الخميس الماضي.

لكن حتى الآن، لم تسهم أي من هذه التحركات كثيراً في استعادة الثقة في قطاع عانى من آلام لا حصر لها في الأشهر الـ18 الماضية. فقد أضرت الحملة التي شنتها الحكومة الصينية على الاقتراض، بمطورين مثل "تشاينا إيفرغراند غروب"، ما أدى إلى موجة من التعثر في سداد أكثر من 50 مليار دولار في سوق السندات الدولارية.

وأظهر تحليل أجراه صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، أن 45% من المطورين قد لا يتمكنون من تغطية التزامات ديونهم من خلال الأرباح، ويمكن أن يتعثر 20% منهم إذا حُددت قيمة مخزونهم بأسعار العقارات الحالية.

وتعتبر التداعيات غير المباشرة المحتملة على الاقتصاد هائلة. وترى ملايين الأسر أن أصولها تفقد قيمتها سريعاً، بينما أدت عمليات الإغلاق المفروضة للتصدي لوباء كورونا خلال الأشهر الماضية إلى تراجع ثقة المستهلك.

وبينما شهدت المبيعات في المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي وشنتزن ارتفاعاً طفيفاً في الأسابيع الأولى من سبتمبر/أيلول الماضي، ظلت السوق الإجمالية المقومة بالدولار لأكبر 100 مطور منخفضة بنسبة 25% الشهر الماضي عن العام السابق، ما يجعل الانكماش الحالي، الذي دخل الآن عامه الثاني، يحطم بالفعل الأرقام القياسية، إذ يعد أشد وأطول ركود منذ بدء ملكية المنازل الخاصة في التسعينيات.

هناك معروض كثير بالفعل بعد أن بدأ مطورون مثل عملاق العقارات "إيفرغراند" الاقتراض بجنون خلال العقد الماضي لبناء المزيد من الشقق. وتقدر "بلومبيرغ إيكونوميكس" أن هناك نحو 2.8 مليار متر مربع من العقارات شاغرة حالياً.

ورسم صندوق النقد الدولي صورته القاتمة عن كيفية تحول ركود الإسكان في الصين إلى أزمة مصرفية. في أحد السيناريوهات، قد تتعرض 15% من البنوك الصغيرة للانهيار المالي.

المساهمون