تتجه أسعار الذهب، اليوم الثلاثاء، نحو تسجيل مستويات مرتفعة غير مسبوقة، وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.5 بالمئة إلى 2124.70 دولاراً للأوقية (الأونصة)، ولا يفصله سوى أقل من 11 دولاراً عن الوصول إلى مستوى مرتفع غير مسبوق، وذلك بعد أن سجل في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول أعلى مستوياته على الإطلاق عند 2135.40 دولاراً. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.4 بالمئة إلى 2133.90 دولاراً.
ما أسباب ارتفاع سعر الذهب؟
قال ريكاردو إيفانجليستا، كبير المحللين في "أكتيف تريدز" لوكالة "رويترز": "نرجح أن نرى الذهب يلامس مستويات غير مسبوقة قريباً مع الخفض المحتمل لأسعار الفائدة الأميركية، في حين نرجح أن تؤدي الضبابية الجيوسياسية العالمية والمخاوف إزاء النشاط الاقتصادي إلى إذكاء الطلب المرتفع على الذهب".
زاد الذهب نحو 50 دولاراً، الأسبوع الماضي، مدفوعاً ببيانات ضعيفة عن الصناعات التحويلية الأميركية وتراجع ضغوط الأسعار.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في أتلانتا رافائيل بوستيك، أمس الاثنين، إنه لا يزال يعتقد أنه سيكون ملائماً أن يوافق البنك المركزي على تخفيضين في أسعار الفائدة، كل منهما ربع نقطة مئوية، بحلول نهاية العام. وينصب تركيز السوق على شهادة رئيس البنك المركزي الأميركي باول، أمام الكونغرس يومي الأربعاء والخميس.
ومن المنتظر صدور بيانات اقتصادية أخرى هذا الأسبوع قد تساهم في تحديد اتجاه توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية. وتشير خدمة "فيد ووتش" التابعة لمجموعة "سي.إم.إي" إلى أن المتعاملين صاروا يرون فرصاً بنسبة 50 بالمئة لخفض أسعار الفائدة الأميركية في يونيو/ حزيران. ومن شأن انخفاض أسعار الفائدة زيادة الإقبال على شراء الذهب الذي لا يدر عائداً.
ويشرح موقع "زيس إذ موني" البريطاني المتخصص، أن سعر الذهب وصل إلى مستوى قياسي، مع تزايد الآمال في خفض أسعار الفائدة الأميركية هذا الصيف، في أعقاب البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع التي نُشرت الأسبوع الماضي.
وحسب الموقع البريطاني يميل المعدن الثمين إلى الأداء الضعيف في بيئات أسعار الفائدة المرتفعة، لأنه لا يدر للمستثمرين دخلاً. وبدلاً من ذلك يميل المستثمرون إلى اختيار السندات والنقد الذي عادة ما يقدم عائداً أفضل.
وقال بنك الاستثمار "تي دي سيكيوريتيز" إن المستثمرين "في رأيين" بشأن الذهب في الوقت الحالي. وأدت البيانات الاقتصادية الصادرة من الولايات المتحدة وقراءات التضخم المرتفعة إلى تأخير التحول الحذر لمجلس الاحتياط الفيدرالي، حيث يتوقع العديد من المحللين الآن أنه قد يؤخر خفض أسعار الفائدة.
وقد يؤدي الهبوط الصعب للولايات المتحدة إلى الهروب إلى أصول الملاذ الآمن، بما في ذلك الذهب.
ومع ذلك، فإن التوقعات بأن الخلفية الاقتصادية ستبدأ في الاعتدال في الوقت المناسب تعني أن العديد من مديري الأموال يقومون ببناء مراكز طويلة في الذهب قبل أي تخفيضات في أسعار الفائدة. إلى جانب البيانات الاقتصادية الأميركية، يبدو أن المحرك الأكبر لارتفاع الذهب الأخير هو دوره كملاذ آمن، خلال حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
واستقرت أسعار الذهب فوق مستوى 2000 دولار للأونصة منذ ديسمبر/ كانون الأول، وسط توترات جيوسياسية، تفاقمت بسبب المخاطر المستمرة في أوكرانيا والشرق الأوسط.
يقول أكسل رودولف، كبير محللي السوق في "IG"، إن الذهب ارتفع "بسبب تدفقات الهروب إلى الأمان، وسط خطاب ألقاه فلاديمير بوتين ذكر فيه أن الأسلحة النووية الروسية قادرة على ضرب أهداف غربية، وفي حين أن الصين، ثاني أكبر مستورد عالمي في العالم، يواصل شراء المعدن الثمين وفقاً لرويترز.
ويضيف هولاندز: "إضافة إلى ذلك، يشهد عام 2024 توجه عدد كبير من البلدان إلى صناديق الاقتراع، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، مما يضيف درجة من عدم اليقين إلى آفاق السياسة المالية.
هل سيستمر سعر الذهب في الارتفاع؟
وفي حين أن الذهب يمكن اعتباره أصلاً آمناً خلال حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إلا أن أسعار الفائدة المستدامة يمكن أن توقف ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.
يقول إيوا مانثي، استراتيجي السلع لدى "ING": "نعتقد أن نهج الانتظار والترقب الذي يتبعه مجلس الاحتياط الفيدرالي سوف يبقي الارتفاع تحت السيطرة. ونتوقع أن يبلغ متوسط الأسعار 2025 دولاراً للأونصة خلال الربع الأول. ومع ذلك، يتوقع البنك أن يجري تداول الذهب بشكل أعلى خلال بقية السنوات.
"نتوقع أن يبلغ متوسط الأسعار 2150 دولاراً للأونصة في الربع الرابع و2081 دولاراً للأونصة في عام 2024 على افتراض أن مجلس الاحتياط الفيدرالي يبدأ في خفض أسعار الفائدة في الربع الثاني من العام ويضعف الدولار.
فيما يلفت موقع "مينت ستايت غولد" إلى أن ثلاثة أسباب تجعل من المرجح أن يستمر الذهب في تسجيل أعلى مستوياته. حيث إن توقعات التضخم آخذة في الارتفاع، وقد يبدأ الين في اتجاه صعودي. وكلاهما يرتبطان بشكل إيجابي بالذهب، أما المحفز الثالث فهو العلاقة الإيجابية بين ارتفاع توقعات المضاربين وسعر الذهب.