"الذهب الأحمر" في غزة... حصاد وفير يقلق المزارعين في ظل كورونا وقيود الاحتلال

17 ديسمبر 2020
حصاد الفراولة في قطاع غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يخالط الأمل القلق عند المزارع الفلسطيني محمد سلمان، في ظل بدء إنتاج دونماته العشرة المزروعة بمحصول التوت الأرضي (الفراولة) أو الذهب الأحمر كما يُطلق عليه في بلدته بيت لاهيا شمال قطاع غزة، في ظل جائحة فيروس كورونا من جهة، وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي الذي يضع قيوداً معقدة على التصدير، تدفع المزارعين للتراجع عن تسويق منتجاتهم خارجياً.

وتزايدت في السنة الأخيرة مساحة الدونمات المزروعة بالتوت الأرضي، نتيجة توجه كثير من المزارعين إلى استبدال زراعة الخضار بزراعة التوت أملاً في الحصول على نسبٍ أعلى من الربح على أثر تذبذب أسعار الخضار التي ربما تسبب لهم خسائر في بعض الأوقات.

وتسيطر حالة من الإحباط على المزارعين بشكل عام بسبب تعثر التصدير للخارج من جهة، وجائحة كورونا التي دفعت الجهات الحكومية في غزة لاتخاذ إجراءات صارمة كان أبرزها إغلاق الأسواق العامة، وتقييد حركة المواطنين، عدا عن القرار الأخير الذي يقضي بإغلاق شامل يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع على أثر تفشي كورونا في القطاع.

وبحسب الإحصائيات الأولية، فإنّ مزارعي قطاع غزة زرعوا 2500 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) من الفراولة في أراضيهم، والتي من المتوقع أن تنتج نحو 8 آلاف طن من المحصول، الذي سيتم تسويقه محلياً في ظل الإغلاق وقيود التصدير.

المزارع أحمد فلفل (67 عاماً) وهو عضو مجلس الجمعية التعاونية لمزارعي التوت الأرضي في قطاع غزة، أمضى قرابة الخمسين عاماً في مهنة الزراعة والتي كانت زراعة التوت في بلدته بيت لاهيا أبرزها.

وعلى غير سابقه يحمل فلفل أملاً بأن يتم السماح لمزارعي التوت الأرضي بتسويق منتجاتهم إلى الضفة الغربية المحتلة، معربا عن أمله في أن يعود هذا الموسم عليهم بأرباح وفيرة بعد أن زادوا من حجم المساحات الزراعية.

ويقول فلفل لـ"العربي الجديد" إنّ أكبر تحدٍ أمام مزارعي التوت الأرضي هو إغلاق الأسواق بسبب جائحة كورونا التي تعصف بالعالم بأسره، مبيناً أنّه حتى اللحظة لم يتم السماح لهم بالتصدير وسط إجراءات إسرائيلية معقدة لمتابعة كل شيء في ملف التصدير والمحصول الذي يتم الموافقة على تصديره.

ويوضح عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية، أنّهم أرسلوا قبل نحو 10 أيام عينة إلى مختبر إسرائيلي لمتابعة صحة المحصول وخلوه من المبيدات، "لكن لم يصل أي رد رغم أنّ النتيجة تخرج بعد أقل من أسبوع، حيث إن هناك تسويفاً في الرد".

وعدا عن الإجراءات المعقدة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على التصدير وخاصة للتوت الأرضي، فإنّ المزارعين يتكبّدون تكاليف عالية جداً تمنعهم من التصدير بشكل يعود عليهم بالربح الوفير، عدا عن خشيتهم من تلف المحصول نتيجة الإجراءات التي تعيق عملية التصدير وتؤدي إلى تلفه وخسارة المزارعين.

ويبدأ موسم قطف التوت الأرضي في قطاع غزة منذ بداية ديسمبر/ كانون الأول، ويستمر حتى مطلع مارس/ آذار من كل عام، وتُعرف بلدة بيت لاهيا بأنّها مركز زراعته في قطاع غزة نظراً لخصوبة أرضها وعذوبة المياه فيها.

ويشير عضو الجمعية التعاونية لمزارعي التوت، إلى أنّ نسبة زراعة التوت ازدادت بأكثر من 800 دونم خلال العام الحالي عن الأعوام السابقة، لافتاً إلى أنّ كثيراً من المزارعين اتجهوا إلى زراعته بعيداً عن زراعة الخضار التي قد تسبب لهم الخسارة في حين أن زراعتهم للتوت قد توفر لهم أرباحاً أفضل من زراعة الخضروات.

وبدأت زراعة التوت الأرضي في قطاع غزة خلال ستينيات القرن الماضي بمساحة تجريبية تقدر بدونم ونصف فقط، ومع النجاحات التي حققها المزارعون، ازدادت المساحة تدريجيا حتى بلغت 2500 دونم عام 2005، قبل أن تتراجع بفعل الحصار والقيود والاعتداءات الإسرائيلية إلى 450 دونما فقط عام 2015، ولكنها تعود الآن إلى عهدها الأول بـ2500 دونم على أثر توجه المزارعين لزراعتها إثر تذبذب أسعار الخضار.

ويوفر موسم قطف التوت الأرضي فرص عمل لمئات العمال خلال الموسم الذي يمتد إلى أربعة أشهر، عدا عن ارتباط آلاف أسر التجار والباعة بهذا الموسم.

المساهمون