الدّعم الخليجي المتآكل واحتياطي مصر الخطر

10 أكتوبر 2015
البنك المركزي المصري (أرشيف/Getty)
+ الخط -


قلت أمس، إن الحكومة المصرية تواجه معضلة شديدة في الحفاظ على المستوى الحالي لاحتياطي النقد الأجنبي الذي فقد أكثر من 3.7 مليارات في 3 أشهر ومنعه من الانهيار لا قدّر الله، وهذه مهمة ليست سهلة في ظل تراجع الدعم الخليجي لمصر وتآكله يوماً بعد يوم، وانخفاض موارد البلاد من النقد الأجنبي، خصوصاً من القطاعات الرئيسية كالصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية.

المهمة العاجلة الآن أمام الحكومة المصرية، هي الحفاظ على مستوى مقبول من الاحتياطي الأجنبي يكفي على الأقل لتغطية واردات البلاد، لمدة 3 أشهر، وهذا يعني أننا نتحدث عن رقم 15.8 مليار دولار، وهذا للأسف غير متوافر حالياً، فالاحتياطي الحالي يكفي لتغطية واردات 2.7 شهر فقط، والمعدل الأخير يقل عن المعدلات العالمية التي تتراوح ما بين 3 و6 أشهر، بل وقد يُدخل مصر دائرة الخطر.

وحسب المعايير العالمية فإنه إذا قل احتياطي مصر الأجنبي عن تغطية واردات 3 أشهر، تصبح الحكومة أمام مشكلة حقيقية، فقد يترتب على هذه الخطوة إعطاء انطباع للمؤسسات الدولية بعدم قدرة الدولة على سداد ديونها الخارجية والأقساط المستحقة عليها سواء لنادي باريس أو الدائنين الآخرين مثل حائزي السندات الدولية وشركات النفط والغاز العالمية، أو على الأقل لا تأخر في السداد رغم التزام مصر تاريخياً بسداد ديونها في مواعيدها، وهذا كله قد يؤدي أيضاً إلى ارتفاع كلفة الاقتراض الخارجي، وربما يصعب الاقتراض أصلاً، مع رفع قيمة التأمين ضد مخاطر السداد.

كما يعطي هذا المعدل المتدني من تغطية الواردات "2.7 شهر" رسالة قوية بضعف قدرة الحكومة على تغطية قيمة وارادتها من الخارج، وهو ما يؤدي إلى رفع كلفة شراء السلع المستوردة من الخارج لأسباب عدة منها رفع كلفة التأمين ضد مخاطرها.

كما أنه إذا قلّت قيمة احتياطي مصر من النقد الأجنبي عن تغطية واردات 3 أشهر، فقد تحدث اضطرابات في سوق الصرف وضعف قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، كما حدث أيام وزارة كمال الجنزوري الأولى، وطوال حكومة عاطف عبيد، ويحدث حالياً، والنتيجة تآكل قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع، حيث إن مصر تستورد 70% من احتياجاتها.

وحل هذه المعضلة الشديدة الخطورة يكمن في إعادة بناء الاحتياطي الأجنبي، مرة أخرى، وهذا البناء لا يأتي عبر الاقتراض الخارجي سواء بشكل مباشر من صندوق النقد الدولي أو دول الخليج، أو بشكل غير مباشر عبر طرح سندات ودعوة البنوك الخارجية والمستثمرين الدوليين إلى الاكتتاب بها.

لكن إعادة بناء الاحتياطي الأجنبي تأتي عبر تنمية الموارد الذاتية كما حدث قبل ثورة 25 يناير، وهذه الخطوة تحتاج إلى استقرار أمني وسياسي حقيقي ينجم عنه عودة موارد البلاد إلى معدلاتها الطبيعية وربما أفضل، وأقصد بالموارد الذاتية هنا مصادر النقد الأجنبي المعروفة كالاستثمارات الأجنبية والسياحة والصادرات وتحويلات العاملين في الخارج وقناة السويس.

وهذا الاستقرار الأمني والسياسي يتطلب تحقيقه أموراً كثيرة، حدّها الأدنى إجراء مصالحة حقيقة داخل المجتمع، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، وتعويض أسر الشهداء من المدنيين، وإطلاق الحريات العامة، وإجراء انتخابات نزيهة، ووقف التحريض الإعلامي ضد المعارضين، والتوقف عن ملاحقة التظاهرات السلمية وتعديل قانون التظاهر، وإعادة الثقة في النظام القضائي.


اقرأ أيضاً: احتياطي مصر الأجنبي يغطي واردات 2.7 شهر فقط

المساهمون