عزز توقيع شركات "أوكيو" العمانية و"سابك" السعودية و"البترول الكويتية العالمية"، على اتفاقية لتطوير مجمع بتروكيميائيات في منطقة الدقم الاقتصادية بسلطنة عُمان، من تكثيف دائرة الضوء على قيمة المنطقة في رفع تنافسية الدول الخليجية الثلاث، وتحقيق عوائد استثمارية كبيرة لها، وسط تقديرات لإجمالي مشروعاتها بقيمة 30 مليار دولار.
ويعود اعتماد المشروع إلى زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، السلطنة في ديسمبر/كانون الأول 2021، حيث اتفقت "سابك" و"أوكيو" آنذاك على دراسة إنشاء مجمّع بتروكيميائيات مشترك في الدقم، ضمن 13 اتفاقية تعاون متنوعة، انضمت لها لاحقا شركة البترول الكويتية العالمية.
ويهدف المشروع الذي تم توقيعه الأسبوع الماضي إلى تحقيق عوائد من سوائل الغاز الطبيعي والمواد الأولية الأخرى من مصفاة الدقم في شرق سلطنة عمان، المملوكة لـ"أوكيو" و"البترول الكويتية العالمية"، وذلك لتصنيع منتجات بتروكيميائية تستهدف الأسواق النامية المرتبطة بعدد من المجالات أبرزها الطاقة والتقنيات النظيفة والتنقل والبناء والسلع والرعاية الصحية والتعبئة والتغليف، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
ومع تصاعد التوقعات بشأن مواصلة الطلب على البتروكيميائيات مسار النمو، لا سيما في الأسواق النامية القريبة من سلطنة عمان، تتضاعف أهمية موقع الدقم القريب من الأسواق العالمية، ومن البنية الأساسية التي تم تطويرها في المنطقة، بما يدعم عوائد استثمارية كبيرة لعمان والكويت والسعودية.
كما يصب المشروع في خدمة مستهدفات التوجه نحو "تدوير الكربون" ودمج جوانب الاقتصاد الدائري والالتزام بالمعايير البيئية العالية، وهي المستهدفات التي قادت السعودية الترويج لها في المؤتمر الأخير للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بمدينة شرم الشيخ المصرية، بدعم من الكويت.
لذا، فإن انضمام الشركة السعودية للمشروع يأتي في إطار استراتيجية وأهداف رؤية المملكة 2030، الرامية إلى تطوير وتعزيز أعمال الصناعات التحويلية ومواجهة تحديات صناعة البتروكيميائيات، وأبرزها تحقيق الحياد الكربوني وتوفير منتجات متنوعة ومستدامة، وفق تصريحات للرئيس التنفيذي لـ "سابك"، عبد الرحمن بن صالح الفقيه.
وفي السياق ذاته، جاء إعلان الرئيس التنفيذي لشركة البترول الكويتية العالمية، شافي طالب العجمي، عن دعم الشراكة مع "سابك" و"أوكيو" لاستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية لعام 2040 والمتمثلة في النمو في صناعة البتروكيميائيات ودعم التكامل بين قطاعي التكرير والبتروكيميائيات.
غير أن تطوير منطقة الدقم يشمل 8 مناطق لا يمثل مشروع مجمع البتروكيميائيات سوى واحدة منها، فيما تستهدف منطقة أخرى إنشاء مركز إقليمي لإعادة الشحن، ما يمكن السفن من تفادي المرور بمضيق هرمز، وبالتالي يساهم في تقليل النفوذ الجيوسياسي لإيران.
ولأن منطقة الدقم الاقتصادية تمتد على مساحة قدرها 2000 كيلومتر مربع، وشريط ساحلي على بحر العرب طوله 70 كيلومتراً، فإنها تسمح بتنوع مجالات الاستثمار بها؛ ما يشمل الصناعة والسياحة والتطوير العقاري وإنشاء مجمعات تجارية وصناعات سمكية وغذائية، إضافة إلى الذكاء الاصطناعي وتجارب الطائرات المسيّرة، ومشروعات الهيدروجين الأخضر والأمونيا، فضلا عن "الخدمات اللوجستية"، ما يجعل ميناء الدقم منافسا مستقبليا لميناء جبل علي الإماراتي.
ويعزز من تنافسية المنطقة وقوع الدقم بعيدا على الساحل الجنوبي الشرقي لعمان معززة بشراكات مع إيران والصين والهند والولايات المتحدة؛ ما يجعلها منطقة محايدة تلتقي فيها مصالح القوى المتنافسة والمتصارعة إقليميا ودوليا.
وبلغ حجم الاستثمارات الخاصة بالمنطقة، وفق بيانات رسمية، أكثر من 3.6 مليارات ريال عُماني (9.35 مليارات دولار)، بينما بلغ عدد عقود انتفاع المشروعات الاستثمارية نحو 431 مشروعًا.
يصب المشروع في خدمة مستهدفات التوجه نحو "تدوير الكربون" ودمج جوانب الاقتصاد الدائري والالتزام بالمعايير البيئية العالية،
وتطمح سلطنة عمان لترجمة اهتمامها بالقطاع اللوجستي إلى إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي للبلاد بما قيمته 14 مليار ريال عماني (36.4 مليار دولار)، وفق رؤية 2040.
وبالنسبة لعمان، يمثل مشروع مجمع البتروكيميائيات بالدقم إسنادا قويا لمستهدف السلطنة الخاص بوقف اعتماد البلاد على صادرات النفط الخام والغاز وتنويع مواردها لتشمل صناعات أخرى.
ويأتي التوجه العماني رغم تعاظم إيرادات تصدير الغاز الطبيعي المسال لتحتل السلطنة المركز الثاني في الشرق الأوسط بعد قطر، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة "بلومبيرغ"، إذ تبلغ الطاقة الإنتاجية القصوى للسلطنة من الغاز الطبيعي المسال نحو 11 مليون طن سنوياً، بينما بلغ إنتاجها التراكمي من النفط الخام والمكثفات 289 مليون برميل منذ بداية العام حتى نهاية الربع الثالث، وتتطلّع لزيادة إنتاجها النفطي بأكثر من 10% في 2023، ليصل إلى 1.175 مليون برميل يومياً.
ومن شأن تزامن اتفاقية المشروع مع قرب الانتهاء من مشروع مصفاة الدقم، المملوك لمجموعة أوكيو وشركة البترول الكويتية، الإسهام في تنويع الاقتصاد العماني باستقطاب الاستثمارات الخارجية، حسب ما نقلته صحيفة الرؤية العمانية، الخميس الماضي، عن الرئيس التنفيذي لأوكيو، طلال العوفي.