تراجعت حركة المبيعات بشكل عام في كافة الأسواق المصرية خلال الشهر الجاري بمعدلات تصل إلى 30 في المائة بالمقارنة بالأشهر السابقة، وعزا التجار هذا التراجع الموسمي، إلى توجيه جزء من الإنفاق الاستهلاكي تجاه الدروس الخصوصية، والذي تم تقديره من قبل خبراء اقتصاديين بأكثر من 60 مليار جنيه سنويًا.
ويشير محمد الوكيل، تاجر طيور حية إلى تراجع مبيعاته بمعدل 30 في المائة في هذه الفترة مع بداية الموسم الدراسي، والتي تستمر حوالى شهرين إلى أن يعود السوق لحالته الطبيعية مرة أخري، لافتًا إلى أنه بالرغم من أن أسعار الدواجن البيضاء وصلت هذه الأيام إلى 18 جنيهًا للكيلو وهو ما يمثل خسارة محققة للمربين، إلا أن المبيعات واصلت تراجعها حال كل عام مع بداية دخول الموسم الدراسي.
ويشكو أنور أحمد، ولي أمر إحدى طالبات المرحلة الثانوية من تعرضه لأزمة مالية، بسبب تكاليف دروس ابنته، التي تقطن في إحدى المناطق الشعبية، إذ تتعدى تكاليف الدروس ألف جنيه شهريًا، في حين أن متوسط دخله لا يتعدى 3 آلاف جنيه، ينفق منها على أسرة مكونة من 4 أفراد.
ويشير إلى أنه أمام هذه الأزمة يلجأ لبعض الحلول الاضطرارية، منها، قبول بعض المبالغ النقدية من أشقائه الميسورين كمساعدة، وأحيانًا يتلقى سلفًا من أصدقائه المقربين بدون تحديد موعد سداد، إضافة إلى حصوله على قرض حسن عن طريق جهة عمله، يوزعه على أشهر السنة.
ويقدر عبدالنبي عبد المطلب، الخبير الاقتصادي، حجم الإنفاق الأسري على الدروس الخصوصية في مصر بأكثر من 60 مليار جنيه سنويًا، على أساس أن هناك في مصر 650 ألف طالب في الثانوية العامة، يحصلون على دروس خصوصية في المراكز المنتشرة في أغلب مناطق الجمهورية بمتوسط يومي 100 جنيه، وهو ما يعني حصيلة يومية 650 مليون جنيه وشهرية، 1.95 مليار جنيه، وسنوية حوالى 24 مليار جنيه.
ويضيف: "على أقل تقدير يمكن حساب نفقات دروس الصفين الأول والثاني ثانوي مجتمعين بنفس تكاليف الصف الثالث (24 مليار جنيه) وهو ما يعني أن تكلفة المرحلة الثانوية مجتمعة تصل إلى 48 مليار جنيه، وذلك بخلاف مراحل، الحضانة والابتدائية والإعدادية، ويمكن تقدير تكاليفها في أضيق الحدود بربع قيمة الإنفاق على المرحلة الثانوية (12 مليار جنيه)، ليصل الإجمالي في النهاية إلى نحو 60 مليار جنيه سنويًا".
ويتابع الخبير الاقتصادي: الأسواق الاستهلاكية حتمًا ستتأثر بخروج هذه المليارات، ولكن بحكم أن معظم المدرسين الذين يضطرون لإعطاء دروس الخصوصية هم من الفقراء، فسيعيدون إنفاقها بدلًا من اكتنازها، ولكن في أسواق أخرى كالعقارات أو السيارات على سبيل المثال.
وكانت وزارة التربية والتعليم نفت صرف أية مكافآت مالية للمواطنين حال إبلاغهم عن مراكز الدروس الخصوصية، مشددة على أنه لم يتم إصدار أي قرارات بهذا الشأن.
وأوضحت أن هناك لجاناً تفتيشية تابعة لها ترصد مراكز الدروس الخصوصية وغلقها من خلال شن حملات موسعة بالتنسيق مع وزارة الداخلية باعتبارها منشآت تمارس أنشطة تعليمية بالمخالفة للقوانين واللوائح والقرارات الوزارية المنظمة لذلك، وذلك في إطار الارتقاء بالمنظومة التعليمية.
وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول مؤشرات بحث الدخل والإنفاق في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2017- سبتمبر/أيلول 2018، أن حجم إنفاق الأسرة المصرية، على التعليم يقدر بـ 5.2 آلاف جنيه سنويًا ،وهو ما يمثل 4.5 في المائة من جملة الإنفاق السنوي، وجاء بند الدروس الخصوصية على رأس القائمة بنسبة 37.7 في المائة، أي ما يعادل 1.9 ألف جنيه.
وطبقًا لبيانات "الإحصاء" بمناسبة اليوم العالمي للأسرة، فقد بلغ عدد الأسر في مصر نحو 24.7 مليون أسرة حتى يناير/كانون الثاني 2020، وهو ما يعني أن الأسر تنفق حوالى 49 مليار جنيه على الدروس الخاصة سنويًا ، بحساب تكاليف 2018.