استمع إلى الملخص
- **تعميق العلاقات الاقتصادية**: الانتخابات البريطانية الأخيرة قد تعزز العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا ودول الخليج، مع لقاءات رفيعة المستوى واستئناف المفاوضات بشأن اتفاقية تجارية حرة.
- **تنويع الاستثمارات**: تركز دول الخليج على تنويع استثماراتها في بريطانيا، خاصة في مجالات العقارات والطاقة المتجددة، لتقليل الاعتماد على النفط والغاز.
على الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة المتحدة، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ثمة حماسة متصاعدة بين المستثمرين البريطانيين للاتجاه نحو الفرص الجديدة التي قد تتيحها الشراكات الاقتصادية المتنامية مع الخليج استناداً إلى إحصاءات حديثة نشرتها هيئة التجارة البريطانية، تفيد بتخطي الاستثمارات الخليجية في بريطانيا حاجز الـ 100 مليار دولار العام الماضي.
ويمثل الارتفاع في حجم الاستثمارات الخليجية في بريطانيا في 2023 نسبة 20% مقارنة بعام 2022، ما يعكس الثقة المتزايدة لدول الخليج في الاقتصاد البريطاني، وهو ما تعزز بعد نتائج الانتخابات البريطانية الأخيرة، التي جرت في 4 يوليو/تموز الماضي، وأسفرت عن فوز حزب العمال.
وتؤكد بيانات مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني بشأن التجارة بين بريطانيا ودول الخليج، تحقيق زيادة بنسبة 15% خلال النصف الأول من العام الحالي، ما يشير إلى ديناميكية هذا التعاون الاقتصادي.
وتشير بيانات أخرى صادرة عن البنك المركزي البريطاني إلى أن القطاع المالي البريطاني اجتذب استثمارات خليجية إضافية بقيمة 30 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
تقارب مع الخليج
ويشير الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الانتخابات العامة البريطانية، التي أسفرت عن سقوط حكومة حزب المحافظين بقيادة ريشي سوناك، من شأنها أن تدفع باتجاه استمرار تعميق العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
وينوه إسماعيل، في هذا الصدد، بلقاء رئيس الحكومة البريطانية الجديدة، كير ستارمر، بأمير قطر الشيخ، تميم بن حمد آل ثاني، في باريس 3 أغسطس/آب الجاري، مشيراً إلى أن العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا ودول مجلس التعاون مرشحة للتطور، خاصة في مجالات مثل العقارات.
ويعزز من هذا التطور استئناف المفاوضات بين بريطانيا ودول المجلس هذا الخريف بشأن التوصل إلى اتفاقية تجارية حرة، وفقاً لما أعلنه وزير التجارة والعمل البريطاني الجديد، جوناثان رينولدز، إذ بلغ حجم الصادرات البريطانية إلى الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي حوالي 61 مليار جنيه إسترليني عام 2022، رغم التحديات التي فرضها وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
وتحظى بريطانيا باستثمارات خليجية ضخمة، من أبرزها الاستثمارات القطرية التي تبلغ وحدها 50 مليار دولار، وتستمر في التصاعد، وذلك في إطار برامج تنويع الاقتصاد، إضافة إلى برامج الإمارات والسعودية الاستثمارية، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط بكونه مصدراً رئيسياً للإيرادات، بحسب إسماعيل.
ويخلص إسماعيل إلى أن الفرص سانحة لتعاون واعد بين بريطانيا ودول الخليج في مجالات الطاقة المتجددة، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، خاصة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ ازداد اهتمام الحكومة البريطانية بتقوية نشاطاتها الاقتصادية مع الدول الصديقة، لا سيما تلك المصنفة شريكاً استراتيجياً ومصدراً موثوقاً للطاقة التقليدية.
وفي السياق، يشير أستاذ الاقتصاد بجامعة نيس الفرنسية، آلان صفا، إلى أن المملكة المتحدة تشهد تحولات سياسية واقتصادية مهمة في أعقاب الانتخابات الأخيرة، مؤكداً أن العامل الأهم بالنسبة للمملكة المتحدة هو قوتها في الأسواق المالية، حيث تستثمر دول الخليج الكثير من أموالها في بريطانيا، كما أن جزءاً كبيراً من تمويل الشركات الخليجية يمر عبر الأسواق المالية البريطانية.
وعلى صعيد الطاقة، يلفت صفا إلى توجه حزب العمال نحو السياسات الأوروبية، ما قد يعني الاعتماد بشكل أقل على النفط والغاز في السنوات القادمة، وزيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، ويرى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى انخفاض الطلب على النفط والغاز من دول الخليج، مقارنة بما كان عليه في السابق. وللتعامل مع هذه التغيرات، يشدد صفا على ضرورة تنويع دول الخليج علاقاتها الاقتصادية مع مختلف البلدان، وعدم الاعتماد على عدد محدود من الشركاء التجاريين، لافتاً إلى أن زيادة عدد الشركاء التجاريين يوفر لدول الخليج فرصاً أكبر للتكيف مع التغيرات التي تحدث في بعض البلدان.
وعلى الصعيد المالي، يؤكد صفا أهمية تنويع العلاقات المالية لدول الخليج، سواء من ناحية الاستثمارات في الأسواق العالمية، أو استخدام هذه الأسواق لتمويل شركاتها واستراتيجياتها المستقبلية، مشيراً إلى أن هذا التنويع يساعد في حماية دول الخليج من تقلبات أسعار العملات.