كشفت مصادر مطلعة في مجلس النواب المصري، عن رفض الحكومة طلب أعضاء لجنة الخطة والموازنة في البرلمان خفض ضريبة التصرفات العقارية من 2.5% إلى 1%، وذلك ارتباطاً بالدراسة الاكتوارية التي أعدتها وزارة المالية بشأن الإيرادات المستهدفة من وراء تحصيل الضريبة، والمُقدرة بنحو 9 مليارات جنيه في العام المالي الجديد (2022-2023).
وقالت المصادر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ أعضاء في اللجنة تواصلوا مع وزير المالية، محمد معيط، لمطالبته بتخفيض ضريبة التصرفات العقارية بأيّ نسبة "حفظاً لماء الوجه أمام الرأي العام"، فيما وعد الوزير بدراسة خفض الضريبة بنسبة 0.5% فقط، بحيث تكون 2% لجميع التصرفات العقارية بعد تاريخ 19 مايو/أيار 2013، مقابل ضريبة مقطوعة عليها قبل ذلك بقيمة تتراوح بين 1500 و4000 جنيه (الدولار = نحو 15.7 جنيهاً).
وقرر مجلس النواب مؤخراً إعادة مشروع قانون الحكومة بتعديل قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005، إلى لجنة الخطة والموازنة للمزيد من الدراسة، بعد طلب العديد من الأعضاء إعادة المداولة حول مواده، خوفاً من ملاحقته بشبهة "عدم الدستورية" بعد إصداره.
وأوضحت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أن لجنة الخطة والموازنة لم تنعقد بعد لدراسة الموضوع، لكنّ أعضاءها يتواصلون مع قيادات في وزارة المالية للتباحث حول مطالبهم، منذ رفع جلسات البرلمان يوم الثلاثاء الماضي، بغرض إحداث حالة من التوافق حول التعديلات المقترحة على القانون قبل إقرارها من قبل اللجنة، وإعادة طرحها للمناقشة والتصويت في جلسات البرلمان المقررة الأسبوع المقبل.
وأضافت أنّ الحكومة أبدت اعتراضها الشديد على اقتراحات بعض النواب إزاء فرض ضريبة تصرفات عقارية موحدة على جميع المواطنين، وعدم التمييز في ما بينهم، فضلاً عن تطبيق الضريبة من تاريخ إصدار القانون، وليس بأثر رجعي، بدعوى أنّ ذلك يؤثر سلباً على الإيرادات العامة للدولة، في ضوء إرسال مصلحة الشهر العقاري نحو 600 ألف عقد بيع للوحدات السكنية إلى وزارة المالية سنوياً.
ويقضي تعديل القانون باستمرار العمل بالضريبة العقارية بسعر 2.5% من دون حدّ أقصى من قيمة العقار، وإلزام البائع الأخير بسداد الضريبة مهما تعددت عقود تسلسل الملكية، سواء التصرف في العقارات المبنية أو الأراضي المعدة للبناء بحالتها، أو بعد إقامة المنشآت عليها، أو كانت إقامتها على العقار كله أو جزء منه أو وحدة سكنية منه.
وأفادت المصادر بأنّ النواب المعترضين على القانون، سواء من أعضاء لجنة الخطة والموازنة أو غيرها من اللجان البرلمانية المعنية، اتفقوا على الحشد في الاجتماع المخصص لنظر تعديلات القانون في غضون هذا الأسبوع، بهدف الضغط على ممثلي الحكومة للقبول ببعض التنازلات حيال تعديلات القانون، حتى لا يُترك انطباع لدى المواطنين بأنّ إعادة المشروع إلى اللجنة كان بمثابة "تحصيل حاصل".
ويتعارض المشروع الذي أعدته الحكومة مع المادة 53 من الدستور، والتي نصت على أنّ "المواطنين لدى القانون سواء. وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأيّ سبب آخر".
في حين أورد القانون تمييزاً صريحاً استناداً إلى تاريخ محدد، وهو 19/ 5/ 2013، وبالتالي التفرقة بين المواطنين في تسجيل العقارات، إضافة إلى فرض ضريبة التصرفات العقارية على عقود البيع بأثر رجعي، من دون أن تقدم الحكومة بيانات للبرلمان عن عدد العقارات المستهدفة من تحصيل الضريبة، أو أوجه إنفاقها.
وكان مجلس النواب قد وافق نهائياً على تعديل قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946، انتظاراً لتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه. والذي يهدف إلى إلغاء الاعتراف بـ"صحة التوقيع" الصادر من المحاكم على الممتلكات العقارية، من أجل إجبار المواطنين على توثيق ملايين الوحدات السكنية في الشهر العقاري، بخلاف سداد ضريبة التصرفات العقارية، الأمر الذي يكلفهم أعباء مالية ضخمة في ظل معاناتهم من أوضاع معيشية صعبة.
وتصل رسوم التوثيق في مصر إلى 20 ألف جنيه للوحدة السكنية في المتوسط، وتزيد إلى 100 ألف جنيه فأكثر في حال توثيق مبنى يضم العديد من الوحدات. أما ضريبة التصرفات العقارية فتبلغ قيمتها 25 ألف جنيه للوحدة السكنية البالغ ثمنها مليون جنيه.
وتزعم الحكومة أنّ تلك التعديلات تستهدف مواجهة عزوف المواطنين عن اتخاذ إجراءات الشهر لممتلكاتهم، وصولاً إلى تسجيل الملكية العقارية، من خلال تقليص المستندات المطلوبة لشهر الممتلكات إلى الحد الأدنى، ووضع حدود زمنية للفصل في طلبات الشهر، والاعتراض عليها، وإضافة طرق أخرى للشهر بطريق الإيداع.
ووفق مصادر رسمية، فإنّه من المقرر تطبيق التعديل الجديد على قانون الشهر العقاري في مارس/آذار، بحيث لا يقتصر تطبيق الإلغاء على السنوات القادمة فقط، بل بأثر رجعي بعدم الاعتراف بما تم من "صحة توقيع" على العقارات خلال السنوات الماضية.
كذلك، وافق البرلمان نهائياً على مشروع قانون الإجراءات التي يتطلبها التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، والذي يقضي بإخلاء الأماكن الخاضعة لأحكام قانون الإيجارات القديمة، والمؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكن، خلال مدة لا تجاوز خمس سنوات، وزيادة قيمتها الإيجارية بواقع خمسة أمثال القيمة القانونية السارية، على أن تزداد سنوياً، وبصفة دورية، بنسبة 15 في المائة من آخر قيمة قانونية مستحقة لها.
ويُنذر القانون بطرد الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، والجمعيات الأهلية في مصر من مقراتها الخاضعة لأحكام قانون الإيجارات القديمة، فضلاً عن إخلاء الصيدليات والأنشطة التجارية التي يديرها مجموعة من الأشخاص، وفقاً لأحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.