أكثر من أسبوعٍ مرّ ولم يجتمع مجلس الوزراء اللبناني، رغم خطورة الوضع الاقتصادي وعودة التحركات بوتيرة متفاوتة إلى الشارع اللبناني المرفقة بشعاراتٍ بدأت تدعو إلى إسقاط الحكومة التي قرّرت سلك مسار رفع الدعم الكلي عن حاجات أساسية في حياة المواطنين، من دون أن تؤمن أبسط بدائل الصمود في ظل تحليق الأسعار بلا رقيب أو حسيب أو أن تقوم بأي خطوة إصلاحية، خصوصاً في اتجاه استعادة الأموال المنهوبة، علماً أنّ الدعم الخارجي كلّه يتوقف على تنفيذ البرنامج الإصلاحي.
وشهدت عددٌ من الطرقات، أمس الخميس، خصوصاً في بيروت، قطعاً للطرقات من قبل سائقي الشاحنات والسيارات العمومية اعتراضاً على ارتفاع أسعار المحروقات، كما اعتصم السائقون العموميون أمام وزارة الطاقة والمياه، فطلب وزير الطاقة وليد فياض، لقاءهم، وأكد أنه لو لم نصدر الجدول بتسعيرة السوق للعملة المحلية أي 20 ألف ليرة للدولار، فما كان سيحصل تسليم للمحروقات، وخصوصاً البنزين.
وأكد أنّه سيلجأ إلى سياسات ناجحة، ولو كانت موجعة الآن، بعدما أدت كل السياسات الفاشلة لما وصلنا إليه، وخصوصاً على مستوى ملف الدعم.
وعادت المطالب بإسقاط الحكومة في الشارع، بعدما قررت سلك مسار رفع الدعم كلياً، من دون أن تقوم في المقابل بأي خطوة في إطار استعادة الأموال المنهوبة، أو تثبيت سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أو مداهمة أوكار الكارتيلات ومخازنهم وغيرها، وفق ما أكد الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، الذي دعا العمال والفقراء وذوي الدخل المحدود والعاطلين والمعطلين عن العمل للنزول إلى الشارع و"إسقاط الحكومة المقنعة".
وعلى صعيد اللقاءات أمس، بحث الرئيس اللبناني ميشال عون، مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، في قصر بعبدا الجمهوري في نتائج الزيارات التي يقوم بها عدد من الموفدين الدوليين، ومستجدات التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
وعرض عون وميقاتي الأوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات الأخيرة على مختلف الأصعدة، وفق ما أفادت الرئاسة اللبنانية في بيانٍ، وتناول البحث ضرورة الإسراع في إطلاق البطاقة التمويلية، في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات وانعكاساتها على أسعار السلع والمواد الغذائية.
على صعيدٍ ثانٍ، عقد الرئيس اللبناني مجموعة لقاءات ديبلوماسية، إذ أكد للمنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان السفيرة جوانا فرانتسيكا، أن التحضيرات مستمرة لبدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي في أقرب فرصة ممكنة، كما أن التحقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان بدأ أمس من قبل شركة "ألفاريز ومارسال".
وأشار عون إلى أن "الحكومة ماضية في معالجة الشؤون الحياتية الملحة للحد من تأثيراتها السلبية على المواطنين، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وانعكاس ذلك على أسعار السلع"، مشدداً على أن التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت مستمرّ لتحديد المسؤوليات، وفقاً للأصول القانونية المرعية.
وأعربت السفيرة فرانتسيكا عن استعداد الأمم المتحدة لدعم لبنان في كل المجالات التي تساعده على تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي، وتقريب وجهات النظر وتوفير التسهيلات اللازمة لذلك.
كذلك، استقبل الرئيس اللبناني سفيرة فرنسا في بيروت آن غريو، التي نقلت لعون رسالة شفهية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضمنها التزامه الدائم لمساعدة لبنان رئيساً وحكومة وشعباً، وهو ما أكده لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال استقباله له قبل اسابيع تبعاً لبيان الرئاسة اللبنانية.
وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد" إن "هناك امتعاضاً في باريس من تعليق جلسات مجلس الوزراء والتطورات الأمنية الأخيرة في ظل خشية من التصعيد السياسي والأمني، بينما البلد يحتاج إلى استقرار تمهيداً لبدء ورشة الإصلاح والإنقاذ، وتعبيد الطريق أمام الدعم الخارجي المالي الذي يبقى مشروطاً بالبرنامج الإصلاحي كذلك لإجراء الانتخابات النيابية في جو ديمقراطي سليم وآمن".
في سياق اللقاءات "الاقتصادية" استقبل رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، أمس، وفد صندوق النقد الدولي برئاسة المدير التنفيذي في الصندوق محمود محي الدين، ومشاركة المستشارة الأولى للمدير التنفيذي مايا شويري، ووصف كنعان الاجتماع بـ"المثمر".
وقال كنعان "عرضنا للتعاون بين المجلس النيابي والحكومة مع صندوق النقد الدولي، وضرورة توحيد الجهود والرؤى المستقبلية الإصلاحية في المرحلة المقبلة، بهدف الوصول إلى اتفاق لإعادة هيكلة الدين العام، كما المصارف وتنفيذ الاصلاحات البنيوية في المالية العامة وتحديداً في موازنة 2022".