على الرغم من كثرة الوعود التي أطلقتها الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي عند تشكيلها في أيار/ مايو من العام الماضي، إلا أنها لم تتضمن أي إشارة إلى وجود إجراءات حكومية واضحة من شأنها ضمان استعادة ممتلكات وعقارات الدولة، التي سيطرت عليها أحزاب وفصائل مسلحة خلال الفترة التي تلت الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
ممتلكات وعقارات الدولة تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني وغير نظامي، وبعضها بيع بسعر رمزي، بحسب عضو البرلمان السابق صادق المحنا، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن عقارات الدولة تباع وتشترى من دون وجود ضوابط لصالح جهات متنفذة، وسوف يستمر استيلاء الأحزاب على عقارات الدولة حالها حال الملفات الأخرى"، مضيفا أن "الحكومة أضعف من أن تحاسب نملة، لأنها تعتبر نفسها في فترة نقاهة".
وأكد أن ملف ممتلكات وعقارات الدولة لن يفتح لأن المتنفذين والأحزاب هم الذين استولوا عليها. وأشار إلى أن الحكومة غير قادرة على حل قضية عقارات الدولة، أو الطلب من أحد مغادرتها، مؤكدا أن الفاسدين يصولون ويجولون في العراق.
ولم تنجح أي من الحكومات السابقة في إخراج الأحزاب والقوى المتنفذة من عقارات الدولة في بغداد وبقية المحافظات.
وعام 2019، طالب مدير دائرة عقارات الدولة أحمد الربيعي رئاسة الجمهورية بالتدخل والضغط على قوى سياسية موجودة في حي الجادرية الراقي وسط بغداد على نهر دجلة، من أجل السماح للفرق التابعة لدائرته بالدخول إلى المنطقة بهدف جرد العقارات التابعة للدولة فيها، مؤكداً وجود أكثر من 100 ألف حالة تجاوز سكني وزراعي وصناعي وتجاري على عقارات تابعة للدولة في مختلف المناطق في العراق.
رئيس حزب "الخيار" العربي عبد الكريم عبطان أكد لـ"العربي الجديد" أن عقارات الدولة تعد من القضايا المهمة، وأن نسبة الفساد في هذا الملف عالية جدا، وخصوصا في "المنطقة الخضراء" المحصنة وسط بغداد، ومناطق اخرى، مبينا أن كثيراً من الأحزاب والقوى السياسية تسيطر على عقارات الدولة.
وتابع عبطان، الذي كان عضوا بلجنة النزاهة في البرلمان السابق، "حين كنت في البرلمان طلبت تشكيل لجنة لهذا الأمر، وتم التصويت على تشكيلها، لكنها لم تدعم قط"، موضحا أن هذا الملف سبق أن فتح في لجنة النزاهة، لكنه لم يتقدم ولا خطوة واحدة.
وفي السياق، أكدت عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي إخلاص الدليمي، أن عقارات الدولة ذهبت للأحزاب، وهي لا تدر للدولة أي أموال منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، مشيرة في مقابلة متلفزة إلى وجود وزراء استولوا على عقارات تقدر قيمتها بمبالغ مالية كبيرة منذ عام 2010.
وتابعت "لكن القانون معطل في العراق وخصوصا في مواجهة الأحزاب، ولا يستطيع أي رئيس وزراء أن يقف أمام الأحزاب المتمسكة بهذه العقارات ولا تقبل تسليمها ولا دفع بدلات إيجار عنها".
ويقدر مراقبون قيمة العقارات والممتلكات التابعة للدولة، التي تم الاستيلاء عليها من قبل قوى سياسية مختلفة بعد عام 2003، بأكثر من 20 مليار دولار تشمل مبانيَ ومواقع مختلفة، وكانت وافقت آنذاك سلطة الائتلاف المؤقتة الأميركية على أن تشغلها الأحزاب التي شاركت في العملية السياسية عقب الغزو الأميركي للبلاد.
وتشمل هذه الممتلكات مبانيَ وقصوراً وبساتين واستثمارات ومصانع ومنشآت كانت تابعة لأركان حكم الرئيس العراقي السابق الراحل صدام حسين، أو أجهزة المخابرات وحزب البعث، والتصنيع العسكري، والقيادة القومية لحزب البعث، فضلاً عن مواقع عسكرية وأمنية وسياسية مختلفة جرى الاستيلاء عليها من قبل زعامات سياسية وأحزاب مختلفة.