الحكومة الجزائرية تحضّر آلية تسوية ودية لاسترجاع الأملاك المنهوبة والأموال من الخارج

04 سبتمبر 2021
مساعٍ لرفد المالية العامة بالأموال (Getty)
+ الخط -

كشفت الحكومة الجزائرية عن نيتها عقد تسوية ودية مع رجال الأعمال والمسؤولين المرتبطين بقضايا فساد واختلاس للأموال العامة، وكذا الأموال المهربة إلى الخارج، بهدف استرجاعها ودعم المقدرات المالية للدولة، وفقا لآلية قانونية تعتزم حكومة أيمن بن عبد الرحمن طرحها واعتمادها في وقت لاحق.

وتضمنت وثيقة خطة عمل الحكومة التي ستقدم إلى البرلمان خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في الجزء الخاص بالوقاية من الفساد ومكافحته، طرح "اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، ووضع الآليات القانونية المتعلقة بالهيئة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته"، ما يعني منح هذه الهيئة صلاحية القيام بالتسوية الودية مع مختلسي المال والأملاك العامة بهدف استردادها، بدلا من المتابعات الجزائية.

ويشمل مقترح آلية التسويات الودية، تهريب الأموال إلى الخارج، والذي يسمح للدولة بمعرفة مكان وجود الأموال وتسهيل إعادتها من البنوك الأجنبية المودعة فيها بموافقة أصحابها.

وذكرت الوثيقة أنه ستتم "مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، واستكمال مشروع القانون المتعلق بقمع مخالفة تشريع وتنظيم الصرف وحركات رؤوس الأموال من وإلى الخارج، من أجل تفضيل التسوية الودية على الإجراءات الجزائية، وذلك قصد تعزيز القدرات المالية للدولة، كما ستعكف الحكومة على تعزيز الشفافية فـي تسيير الأموال العمومية وتتبعه والوصول إلى الصفقات العمومية".

 وحرصت الحكومة في نفس السياق على التأكيد على عزمها "مواصلة مكافحة الفساد والمحاباة والمحسوبية، لا سيما من خلال إصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، وذلك من أجل تشديد العقوبات، في ما يخص جرائم الفساد، وتعزيز الجهاز الذي تم وضعه لتسيير الأملاك المحجوزة، مع إدراج أحكام خاصة لتسيير الشركات محل المتابعات القضائية". وكذلك ضمان "حق المواطن في الولوج إلى المعلومات في مجال مكافحة الفساد".

وتجد السلطات الجزائرية صعوبات كبيرة في استرجاع الأموال والأملاك المنهوبة، بسبب تعقيدات قضائية والفترة الزمنية الطويلة التي تتطلبها عمليات الاسترداد من جهة، ومن جهة ثانية لكون الجزائر، وعلى غرار بقية الدول، اصطدمت بصعوبات قانونية وقضائية وعوائق كبيرة في ما يخص محاولتها معرفة مكان أموال عامة وتحويلات مالية كبيرة تم تحويلها من قبل مسؤولين ورجال أعمال من الجزائر إلى الخارج.

ومنذ انتخابه رئيسا للبلاد، وضع الرئيس عبد المجيد تبون مسألة استرجاع الأموال والأملاك المنهوبة، والأموال المهربة إلى الخارج، على رأس أولوياته، وكان قد تعهد في أكثر من مرة، بأنه سيسترجع هذه الأموال، وقال في حوار تلفزيوني "التزامنا لا يزال قائماً وعزيمتنا أيضاً، الأملاك والأموال المنهوبة المسترجعة داخل الجزائر لا تمثل شيئاً مقارنة بما تم تهريبه وإخفاؤه في الخارج، وسيأتي يوم سيبوح فيه هؤلاء بالمال الذي يخفونه، لأن ذلك في صالحهم".

ورأى أن "الأزمة الوبائية عطّلت ظرفياً تحرك المصالح الجزائرية المختصة للتحري واسترجاع هذه الأموال، لكن وجدنا تجاوباً لدى دول أوروبية  للتعاون في مجال الأموال المهربة إلى الخارج لاسترجاعها وكذلك الممتلكات". 

وسبق إعلان الحكومة اليوم عن التفكير في وضع آلية لإجراء تسويات ودية لاسترجاع أموال وأملاك منهوبة أو محولة إلى الخارج، نقاش سياسي حول فكرة التسوية والمصالحة الاقتصادية والمالية، إذ كانت أحزاب سياسية ممثلة في الحكومة والبرلمان، قد اقترحت وضع هذه الآلية، للاستفادة من استرجاع الأموال وتوظيفها للصالح العام.

ففي إبريل/نيسان الماضي، دعا رئيس حزب جبهة المستقبل (حل خامسا في الانتخابات النيابية الأخيرة) بلعيد عبد العزيز إلى التفاوض مع رجال الأعمال الموقوفين في السجن، بتهم تتعلق بقضايا فساد وتهريب الأموال إلى الخارج، لاسترداد هذه الأموال مقابل إخلاء سبيلهم.

 واقترح إنجاز "مصالحة وطنية تسمح بالتفاوض مع رجال الأعمال الموجودين في السجون، ندخل معهم في مفاوضات من أجل استرداد الأموال الموجودة في الخارج مقابل إطلاق سراحهم".

واعتبر أن الجزائر "لن تربح شيئا من بقائهم في السجن، لا فائدة عندما يبقى رجل أعمال يملك ملايين الدولارات في الخارج في السجن، وتتحمل الدولة نفقات إيوائه وإطعامه، الأفضل أن يتم استرجاع الأموال، أعطنا الأموال وخذ حريتك، هاتوا الأموال واذهبوا أنتم الطلقاء".

كما اقترح في الوقت نفسه "آلية للمصالحة مع الإطارات المسجونة التي "أُكرهت على الفساد في عهد عبدالعزيز بوتفليقة". لكن هذا المقترح لا يحظى بإجماع سياسي في البلاد، إذ كانت حركة مجتمع السلم، التي حلت ثانية في الانتخابات النيابية الماضية، وحركة البناء الوطني، قد رفضتا الفكرة. واعتبرتا أن ذلك قد يشجع على الإفلات من العقاب.

المساهمون