تواجه أسواق تونس تراجعاً في معروض الخضروات والفواكه بعد موجات حر استمرت لأكثر من 4 أسابيع، ما تسبب في تضرر مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية الموجهة للسوق المحلية، وسط تحذيرات من قفزات جديدة في أسعار الكثير من الأصناف خلال الفترة المقبلة.
وعاشت تونس خلال يوليو/ تموز الماضي على وقع موجة حر غير مسبوقة سجلت خلالها معدلات قياسية للحرارة لم تعرفها البلاد منذ ما يزيد عن 60 عاماً، بينما عاشت مناطق أخرى سحباً رعدية ونزول البرد الذي أتلف مساحات من الغلال الصيفية.
وتزامنت موجة الحرّ مع فترة نضج محاصيل الخضروات على غرار الطماطم والفلفل والبطاطا (البطاطس) والخضروات الورقية وهي مواد تحضر بقوة في الأطباق الصيفية للتونسيين.
وتسجل أسعار الغذاء في الدولة مستويات قياسية بالأساس منذ أشهر، رغم البيانات الرسمية التي تظهر تراجع معدل التضخم. وخلال يونيو/ حزيران الماضي أعلن معهد الإحصاء الحكومي تراجع معدل التضخم إلى مستوى 9.3%، بعد أن كان في حدود 9.6% خلال مايو/ أيار الذي شهد بدوره نزولاً مقارنة بشهر إبريل/ نيسان الذي سجل 10.1%.
ورغم المنحى التنازلي للتضخم لم تعرف أسواق تونس تراجعاً في أسعار المواد الغذائية ولا سيما الخضروات والفواكه واللحوم والبيض، ما يسبب ضغوطاً كبيرة على الأسر التي دخلت معركة مستمرة مع الغلاء.
ويقول أنيس خباش عضو منظمة المزارعين (الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري) إن من المرجح أن تعيش أسواق تونس على وقع شحّ لمواد زراعية مهمة في أطباق التونسيين إلى بداية فصل الخريف بسبب الحر، الذي أثر على دورة الإنتاج الفلاحي الصيفي برمته، مؤكداً حصول أضرار كبيرة في المحاصيل.
ويؤكد خباش لـ"العربي الجديد" وقوع قطاع الزراعة تحت تأثيرات الجموح المناخي الذي عرفته تونس هذا العام ونقص كميات الأمطار، ما تسبب في تقليص المساحات الزراعية بنحو 30%، فضلاً عن تضرر المحاصيل وتراجع نوعيتها، مشيراً إلى أنّ نقص العرض يقابله ارتفاع في الأسعار بحسب قانون السوق الذي يحكمه العرض والطلب.
وقدر عضو منظمة المزارعين النقص المسجّل في المحاصيل الصيفية للخضروات والفواكه بنسبة تتراوح بين 30% و40% مقارنة بالسنوات الماضية، بينما زادت الأسعار بنحو 25%. في المقابل، رأى خباش أنّ الإنتاج المحلي يظل كافياً لتغطية احتياجات السوق التونسية، غير أنّ صادرات فائض الإنتاج لم تعد ممكنة وفق تقديره.
وبلغت صادرات تونس من الفواكه خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري حوالي 14.3 ألف طن مقابل 20.7 ألف طن خلال الفترة ذاتها من 2022.
وتزامن الحرّ مع نقص مخزونات المياه في السدود، حيث أصدرت السلطات منذ مارس/ آذار الماضي أوامر بحظر زراعة أنواع من الخضروات والفواكه الصيفية التي تستهلك كميات كبيرة من الماء.
كما دعت الفلاحين إلى الاكتفاء بريّ الزراعات والغراسات الموجودة من أشجار مثمرة وزراعات كبرى من دون سواها، وعدم برمجة زراعات جديدة خلال بقية الموسم الفلاحي الحالي.