الحرب تقفز بأسعار "الوزف" في اليمن: غلاء غذاء الفقراء

06 فبراير 2024
الأسماك وجبة مفضلة للمواطنين (محمد حمود/Getty)
+ الخط -

قفزت أسعار "الوزف" بصورة مفاجئة في اليمن إلى مستويات قياسية، مع تجاوز سعر الكيلوغرام للنوع الصافي المائل للون الفضي إلى نحو 6000 ريال بعدما كان 4000 ريال، في حين ارتفع النوع المتوسط من أسماك صغار السردين إلى 3000 ريال.

ويربط كثير من المتعاملين في الأسواق بين هذا الارتفاع الذي يهدد وجبة الفقراء الرئيسية في اليمن، وما يجري في البحر الأحمر من أحداث متصاعدة مع استمرار الحوثيين في استهداف السفن الإسرائيلية والمتعاونة معها والمتجهة إلى موانئها. كما شكلت الهجمات الأميركية والبريطانية تهديدا كبيرا لسبل عيش كثير من اليمنيين العاملين في الاصطياد السمكي. 

ارتفاع أسعار الأسماك 

ويشهد اليمن ارتفاعا متواصلا في أسعار الأسماك، خصوصاً الرخيصة منها، والتي كانت عادة ملاذ كثير من المستهلكين محدودي الدخل مثل أسماك "الباغة" و"الجحش"، والتي قفزت أسعارها بشكل كبير.

واندفع كثير من المواطنين والأسر اليمنية للاعتماد على خيارات بديلة سهلة ورخيصة مثل "الوزف" (صغار سمك السردين)، والذي يحظى برواج لافت في الأسواق المحلية في مختلف المناطق والمحافظات اليمنية.

ويبدأ الصيادون في سواحل اليمن الغربية على البحر الأحمر موسم اصطياد "الوزف" مع دخول فصل الصيف، حيث يملأون شباكهم بكميات كبيرة من صغار أسماك السردين التي تنتشر عادة في هذه المناطق الساحلية من اليمن.

يقول ناصر الجعري، صياد في محافظة الحديدة الساحلية شمال غربي اليمن، لـ"العربي الجديد"، إن صيد "الوزف" عملية سهلة مقارنة باصطياد الأنواع الأخرى من الأسماك بالنظر إلى قيام الموجات البحرية بجرفها إلى الشواطئ والمناطق الساحلية، الأمر الذي يسهل اصطيادها بكميات كبيرة. 

أهم مواسم الصيد 

من جانبه، يوضح هادي عامر، مسؤول جمعية اصطياد سمكي لـ"العربي الجديد"، أن العملية الأهم بعد اصطياد "الوزف"، والذي يصل إلى ذروة موسمه خلال الفترة الراهنة، تتمثل في إجراءات تجهيزه من خلال تجفيفه وتوزيعه على الأسواق لبيعه.

وتمثل الفترة الممتدة من ديسمبر/ كانون الأول إلى نهاية يناير/ كانون الثاني أهم موسم لاصطياد صغار سمك السردين "الوزف" من البحر، والذي يخضع فيما بعد للتجفيف وإضافة الملح إليه كمادة حافظة قبل تداوله في الأسواق، إضافة إلى الموسم الصيفي الذي يبدأ في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران في مثل هذه المناطق الساحلية من اليمن.

ويشير عامر إلى تأثير مستجدات الأحداث الجارية في هذه السواحل الغربية على البحر الأحمر، خاصة الهجمات الأميركية والبريطانية بشكل مباشر على عملية الاصطياد بشكل عام.

ومن ذلك اصطياد "الوزف" في ظل ما يواجهه الصيادون من صعوبات بالغة في اصطياد الأسماك، بسبب هذه الأحداث المتصاعدة في سواحل اليمن الغربية التي تعتبر الموطن الرئيسي لهذا النوع من أسماك السردين صغيرة الحجم التي يطلق عليها اليمنيون "الوزف". 

رواج كبير للوزف 

ويؤكد باعة "الوزف" أنه يحظى برواج كبير، وأنه ملاذ يستقطب الكثير من الأسر والمستهلكين بسبب غلاء الأسماك واللحوم والدواجن، بمقابل رخص أسعاره وسهولة تحضيره، حيث كان سعر الصاع من "الوزف" عبوة 250 غراما قبل الأحداث الأخيرة على البحر الأحمر بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا يزيد عن 2000 ريال (الدولار = نحو 1600 ريال).

ودفعت الأزمة الغذائية المستفحلة كثيرا من اليمنيين إلى إجراء تغيير جذري في أنماط المعيشة والاستهلاك الغذائي وانتهاج نظام تقشف.

الباحث الاقتصادي جمال راوح، يؤكد لـ"العربي الجديد"، على خطورة أن تطاول الأزمة الراهنة أهم وجبة يعتبرها متبقية لليمنيين، حيث أصبح "الوزف" كطعام رخيص سهل الإعداد والتحضير أهم مكون متوفر في موائد نسبة كبيرة من الأسر في مختلف مناطق اليمن خصوصاً المناطق الريفية.

ويلفت راوح إلى أن "الوزف" يعد بمثابة لحم الفقراء في اليمن، حيث لم يعد باستطاعة الكثير شراء اللحوم والدواجن والأسماك، مع ارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية تفوق قدرات محدودي الدخل مع فقدان غالبيتهم لسبل العيش المتاحة.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يعاني فيه اليمن من انعدام الأمن الغذائي الذي لا يزال عند مستويات عالية للغاية، مع توسع نسبة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية، والتي يقدرها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بما يقارب 50%، ناهيك عن ارتفاع نسبة الأسر التي تعاني من عدم كفاية استهلاك الغذاء إلى أكثر من 55%.

المساهمون