الحرب الروسية الأوكرانية تهدد إمدادات القمح في العالم

06 مارس 2022
قد تواجه الدول التي تعتمد على واردات القمح من أوكرانيا نقصاً بدءاً من يوليو (Getty)
+ الخط -

تهدد الدبابات والصواريخ الروسية التي تدك أوكرانيا أيضا الإمدادات الغذائية وسبل العيش في أوروبا وأفريقيا وآسيا لمن يعتمدون على الأراضي الزراعية الشاسعة الخصبة في منطقة البحر الأسود، المعروفة باسم "سلة خبز العالم".

واضطر المزارعون الأوكرانيون إلى إهمال حقولهم، حيث يفرّ مئات الآلاف أو يقاتلون أو يحاولون البقاء على قيد الحياة.

وتم إغلاق الموانئ التي تصدر القمح وغيره من المواد الغذائية الأساسية إلى جميع أنحاء العالم لتحويلها إلى خبز ومعكرونة وعلف للحيوانات. وتسود مخاوف من أن روسيا، وهي بدورها قوة زراعية كبرى، قد توقف صادراتها من الحبوب ردا على العقوبات الغربية.

وبينما لم تقع بعد اضطرابات عالمية في إمدادات القمح حتى الآن، إلا أن الأسعار ارتفعت بنسبة 55 بالمائة قبل أسبوع من الغزو، وسط مخاوف مما يمكن أن يحدث بعد ذلك.

وإذا طال أمد الحرب، فقد تواجه الدول التي تعتمد على واردات القمح من أوكرانيا نقصا بدءا من يوليو/ تموز، بحسب ما ذكر مدير مجلس الحبوب الدولي أرنو بيتي، لوكالة "أسوشييتد برس"، ما قد يؤدي بدوره إلى انعدام الأمن الغذائي وإلقاء مزيد من الأفراد في براثن الفقر في دول مثل مصر ولبنان، حيث يهيمن الخبز المدعوم من الحكومة على الأنظمة الغذائية هناك.

أما في أوروبا، فيستعد المسؤولون لنقص محتمل في المنتجات الواردة من أوكرانيا، وزيادة أسعار علف الماشية، ما يعني زيادة تكلفة اللحوم والألبان، إذا سيضطر المزارعون إلى تحميل العملاء هذه التكاليف الإضافية.

تسود مخاوف من أن روسيا، وهي بدورها قوة زراعية كبرى، قد توقف صادراتها من الحبوب ردا على العقوبات الغربية

وتقوم روسيا وأوكرانيا بتصدير ما يقرب من ثلث صادرات القمح والشعير في العالم. وتعتبر أوكرانيا أيضا موردا رئيسيا للذرة، والرائدة عالميا في استخراج زيت دوار الشمس.

تداعيات على الفقراء

الصراع الطويل سيكون له تأثير كبير على بعد 2400 كيلومتر في مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ يعتمد الملايين على الخبز المدعوم المصنوع من الحبوب الأوكرانية للبقاء على قيد الحياة، ويعيش حوالي ثلث السكان في فقر.

وقال أحمد صلاح (47 عاما)، وهو أب لسبعة أطفال من القاهرة: "الحروب تعني النقص، والنقص يعني ارتفاع الأسعار. أي ارتفاع ( للأسعار) سيكون كارثيا، ليس فقط بالنسبة لي، ولكن بالنسبة لغالبية الناس".

اضطرت شركة توريد القمح الحكومية في مصر، والتي تستورده عادة من روسيا وأوكرانيا، إلى إلغاء طلبين خلال أقل من أسبوع: أحدهما بسبب ارتفاع السعر، والآخر بسبب قلة الشركات التي عرضت بيع إمداداتها.

وقد يؤثر الارتفاع الحاد في تكلفة استيراد القمح بشدة على قدرة مصر على الحفاظ على أسعار الخبز عند مستواها الحالي المدعوم.

وكتبت ميريت مبروك، الزميلة بمعهد الشرق الأوسط، في تحليل مؤخرا، أن "الخبز مدعوم بشكل كبير في مصر، ووجدت الحكومات المتعاقبة أن تخفيض هذا الدعم هو القشة الوحيدة التي يجب إبعادها عن ظهر البعير بأي ثمن".

في سورية التي مزقتها الحرب، أعلنت الحكومة مؤخرا خفض الإنفاق والحصص الغذائية الأساسية.

وفي لبنان، حيث دمر انفجار هائل في ميناء بيروت عام 2020 صوامع الحبوب الرئيسية في البلاد، وتسعى السلطات جاهدة لتعويض النقص المتوقع في القمح، حيث توفر أوكرانيا 60 بالمائة من إمداداته.

ويجري مسؤولون لبنانيون محادثات مع الولايات المتحدة والهند وكندا لإيجاد مصادر أخرى للدولة التي تعاني من انهيار مالي.

وحتى قبل أن تهدد الحرب بالتأثير على إمدادات القمح في أفريقيا جنوب الصحراء، كان المواطنون في كينيا يطالبون بأسعار أقل للغذاء عبر وسوم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أدى التضخم إلى تآكل قدرتهم الشرائية. والآن باتوا يستعدون لما هو أسوأ.

وقال وانديل سيهلوبو، كبير الاقتصاديين في غرفة الأعمال الزراعية في جنوب أفريقيا، إن الدول الأفريقية استوردت منتجات زراعية بقيمة 4 مليارات دولار من روسيا في عام 2020، كان حوالي 90 بالمائة منها قمحا.

في نيجيريا، يعتقد أصحاب مطاحن الدقيق أن نقص إمدادات القمح من روسيا سيؤثر على أسعار الخبز، والذي يعتمد عليه مواطنو أكثر الدول الأفريقية سكانا.

أوكرانيا كانت ثاني أكبر مورد للقمح لإندونيسيا العام الماضي، حيث وردت إليها 26 بالمائة من استهلاكها من القمح. وقال كاسان مهري، رئيس قسم البحوث بوزارة التجارة، إن ارتفاع أسعار المعكرونة سيضر أصحاب الدخل المنخفض.

وتسهم أوكرانيا وروسيا أيضا بنسبة 75 بالمائة من صادرات زيت دوار الشمس عالميا، وهو ما يمثل 10 بالمائة من زيوت الطهي، وفقًا لإحصاءات مؤسسة "آي اتس اس ماركت".

وفي بغداد، قال رعد حبسي، تاجر التجزئة العراقي، إنه وعراقيين آخرين مستعدون لدفع المزيد مقابل زيت الطهي.

وأضاف أنه "بمجرد بيع المخزون سنشهد زيادة في الأسعار. من المحتمل أن نستورد بديلا من تركيا، لكن لا شك أن تركيا ستستفيد من الوضع في أوكرانيا لترفع أسعارها بدورها".

(أسوشييتد برس)

المساهمون