استمع إلى الملخص
- في عام 2023، بلغ الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة 9.8 مليارات دولار، مع توقعات بزيادة المبيعات إلى 10.8 مليارات دولار في 2024، ويُخطط 71% من المستهلكين للتسوق عبر الإنترنت.
- توسعت الجمعة السوداء لتشمل أسواقًا عالمية مثل أوروبا والصين، حيث تقدم المتاجر تخفيضات كبيرة، وبدأت العروض الترويجية مبكرًا وامتدت طوال نوفمبر.
أصبح يوم "الجمعة السوداء Black Friday"، وهو تقليديًا اليوم الذي يلي عيد الشكر في الولايات المتحدة، ظاهرة تجارية عالمية تتميز بإنفاق استهلاكي ضخم وتخفيضات كبيرة، ما جعله مناسبة سنوية تسهم في تنشيط اقتصادات العديد من الدول، وتساعد على تحسين مستويات رفاهة ملايين الأسر.
ويحل يوم الجمعة السوداء هذا الأسبوع. وتعود جذور هذا اليوم الذي تطلق عليه دول عربية عدة "الجمعة البيضاء" إلى منتصف القرن العشرين، حيث استُخدم المصطلح لأول مرة من قِبَل شرطة فيلادلفيا في الستينيات لوصف الفوضى والزحام المروري الذي كان يحدث في اليوم التالي لعيد الشكر، عندما يتدفق المتسوقون إلى المدينة قبل مباراة كرة القدم السنوية بين الجيش والبحرية. وبمرور الوقت، أعادت شركات التجزئة تعريف المصطلح ليعكس النقطة التي تتحول فيها دفاترها المالية، ورقية كانت أو على الحاسب الآلي، من الخسائر، التي يتم التعبير عنها عادة باللون الأحمر، إلى الأرباح، التي تظهر باللون الأسود، في إشارة إلى بداية موسم التسوق للعطلات.
وتعتمد شركات التجزئة والمستثمرون بشكل كبير على يوم الجمعة السوداء نظرًا لتأثيره الكبير على المبيعات وأداء الأسواق. وفي عام 2023، أنفق المستهلكون في الولايات المتحدة حوالي 9.8 مليارات دولار عبر الإنترنت خلال الجمعة السوداء، بزيادة قدرها 7.46% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لبيانات جمعها بنك كابيتال وان.
ويوفر هذا الارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي فرصة كبيرة لتجار التجزئة لتعزيز الإيرادات السنوية وتصريف المخزون، بينما يراقب المستثمرون هذه الأرقام كمؤشرات على ثقة المستهلك وصحة الاقتصاد. ويمكن أن تؤدي مبيعات الجمعة السوداء القوية إلى ارتفاع أسعار أسهم شركات التجزئة، بينما قد تشير الأرقام المخيبة إلى تحديات اقتصادية.
وفي عام 2024، تشير التوقعات إلى وصول مبيعات الجمعة السوداء إلى مستويات قياسية جديدة، حيث من المتوقع أن تبلغ مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة حوالي 10.8 مليارات دولار، بزيادة قدرها 9.9% عن عام 2023، وفقاً لموقع statistics.blackfriday الإلكتروني، المتخصص في تجميع بيانات يوم الجمعة السوداء. وتأتي تلك التوقعات للنمو على الرغم من حالة عدم اليقين الاقتصادي، مما يشير إلى وجود طلب استهلاكي قوي في الاقتصاد الأكبر في العالم.
وقال الموقع إن حوالي 71% من المستهلكين في الولايات المتحدة يُخططون للتسوق عبر الإنترنت في يوم الجمعة السوداء 2024، مما يؤكد أهمية منصات التجارة الإلكترونية المتزايدة. ويستجيب تجار التجزئة لذلك بتعزيز حضورهم على الإنترنت، وتقديم عروض حصرية لجذب هذا العدد المتزايد من المتسوقين.
الجمعة السوداء تتجاوز حدود الولايات المتحدة
وتوسعت الجمعة السوداء لتتجاوز حدود الولايات المتحدة، مما أثر على الأسواق في أوروبا والصين، وبصورة أقل في العديد من بلدان الشرق الأوسط. وفي المملكة المتحدة، أصبحت الجمعة السوداء حدثًا تجاريًا رئيسيًا، حيث تقدم المتاجر الكبرى مثل أمازون وبوتس وجون لويس تخفيضات كبيرة.
وفي عام 2023، أنفق المستهلكون في المملكة المتحدة ما يُقدر بنحو 9.42 مليارات جنيه إسترليني خلال عطلة نهاية الأسبوع الخاصة بالجمعة السوداء، مما يعكس أهمية هذا الحدث المتزايدة في خريطة مبيعات التجزئة الأوروبية.
وفي الصين، وعلى الرغم من أن "يوم العُزّاب" في 11 نوفمبر/تشرين الثاني يظل أكبر حدث تسوق، إلا أن الجمعة السوداء اكتسبت شعبية بين المستهلكين الباحثين عن العلامات التجارية والمنتجات العالمية. وتُقدم منصات التجارة الإلكترونية الصينية مثل "علي بابا" و"JD.com" تخفيضات كبيرة خلال هذا الحدث لجذب المتسوقين.
والعام الماضي، أنفق المستهلكون الصينيون حوالي 3.5 مليارات دولار في يوم الجمعة السوداء، مع حدوث جزء كبير من المبيعات عبر منصات التجارة الإلكترونية العابرة للحدود. وتُقدم المتاجر التي تستهدف السوق الصينية عروضًا حصرية على العلامات التجارية الغربية، مما يجذب الطبقة الوسطى المتنامية لرغبتها في اقتناء السلع المستوردة.
وبمرور السنين، استُقبلت الجمعة السوداء بحماس من قبل المستهلكين وتجار التجزئة في أوروبا. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، وصلت مبيعات الجمعة السوداء في 2023 إلى 3.7 مليارات يورو، مع كون الإلكترونيات والأزياء الفئات الأكثر شعبية.
وأفاد تجار التجزئة الفرنسيون بزيادات كبيرة في المبيعات خلال هذه الفترة، مع تمديد العديد من المتاجر للعروض الترويجية للاستحواذ على حصة أكبر من إنفاق المستهلكين. ويُعزى نجاح الحدث في أوروبا إلى الحملات التسويقية القوية وتأثير التجارة الإلكترونية المتزايد.
وتظل الجمعة السوداء حدثًا محوريًا لتجار التجزئة في الولايات المتحدة، حيث قام 76.2 مليون شخص بعمليات شراء في المتاجر، بينما تسوق 90.6 مليونا عبر الإنترنت، في عام 2023، في تذكير بالطبيعة المدمجة لسلوك المستهلكين الحديث.
ويتبنى تجار التجزئة استراتيجيات متعددة القنوات، حيث يدمجون بين البيع عبر الإنترنت وفي المتاجر لتلبية توقعات المستهلكين، مع توفي خيارات متعددة، مثل الشراء عبر الإنترنت والاستلام من المتجر وخدمات الاستلام على الرصيف، والتي أصبحت شائعة بين المتسوقين الباحثين عن الراحة، مع تخفيض التكلفة بأكبر قدر ممكن.
ومع تحول الجمعة السوداء إلى حدث عالمي، اشتدت المنافسة بين تجار التجزئة، مما دفعهم إلى بدء العروض الترويجية مبكرًا وتمديدها إلى ما بعد اليوم التقليدي. ويُطلق على هذه الظاهرة اسم "الجمعة السوداء الموسعة"، حيث يقدم التجار العروض طوال شهر نوفمبر لجذب اهتمام المستهلكين وتخفيف الضغط على الطلب. وفي عام 2024، بدأ العديد من تجار التجزئة عروض الجمعة السوداء في أوائل نوفمبر، الأمر الذي منح المستهلكين مزيدًا من الوقت للتسوق ومقارنة العروض.
ويراقب المستثمرون مبيعات الجمعة السوداء عن كثب كمؤشر على ثقة المستهلك وصحة الاقتصاد. وفي عام 2023، أفادت الجمعية الوطنية للبيع بالتجزئة بأن مبيعات العطلات خلال شهري نوفمبر وديسمبر/كانون الأول نمت بنسبة 3.8% مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى رقم قياسي بلغ 964.4 مليار دولار، وفقاً لموقع queue-it.com.
وأشار الموقع إلى أن هذا النمو كان مدفوعًا بالمبيعات في المتاجر وعبر الإنترنت، وهو ما عكس مرونة قطاع التجزئة وسط التحديات الاقتصادية.