- تجار وأصحاب محال في طرطوس ودمشق انتقدوا الحملة، معتبرين أن الإجراءات تخدم مصالح المحتكرين وتضر بالاقتصاد السوري، ووصفوها بأنها تشبه الإتاوات المشرعنة.
- في حلب، تم توقيف سيارات شحن ومصادرة بضائع لعدم حملها بيانات جمركية، مع تفضيل التجار دفع الرشاوى لتجنب الملاحقات القانونية، مما أثار تساؤلات حول فعالية وأهداف الحملة.
قبيل العيد، شهدت أسواق العاصمة دمشق، وأسواق طرطوس وحلب تسيير دوريات مكثفة تابعة لمديرية الجمارك، والتي قامت بدورها بإغلاق محال وأكشاك تحتوي على بضائع مهربة. وقالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إن الدوريات قامت بمصادرة بضائع مهربة بملايين الليرات، وفرضت غرامات مالية طائلة على أصحاب المحال، رغم أن معظم هذه الدوريات لم نكن تحمل تكليفاً رسمياً بالمهمة.
ويقول سامي العلي (اسم مستعار) لصاحب أحد المحال في منطقة المزة بدمشق إن الدوريات التي أجرت عمليات تفتيش بالاعتماد على تقارير مخبريها في المنطقة، صادرت خلالها بضائع، يصفها بأنها بدائل لمنتجات سورية غير موجودة أو قليلة الجودة وباهظة الثمن.
وشملت الدوريات في دمشق كلّاً من محال منطقة المالكي، والجسر الأبيض، وأبو رمانة، ومساكن برزة، وباب توما، وباب مصلى، والمزرعة، وشارع بغداد، وأغلق على إثرها عدد كبير من المحال وصودرت بضائعها المهربة وغرم أصحابها، وأغلبها محال بقالة ومواد غذائية.
أبو حسن، صاحب أحد المحال التجارية الكبرى التي تم إغلاقها، قال لـ"العربي الجديد" إن دورية مكونة من مفتشين وأحد عشر عنصراً مساعداً اقتحمت متجره، من دون إبراز أي وثيقة أو إذن بالتفتيش من النيابة العامة، وقامت بتفتيش المتجر ومصادرة بضائع غذائية قالت إنها مهربة، وتم تغريمه 110 مليون ليرة سورية، وإغلاق المتجر إلى حين البت بالدعوى القضائية ضده".
عروة الحسن (اسم مستعار لأحد عناصر الضابطة الجمركية في دمشق)، كشف لـ"العربي الجديد" أن الدوريات أغلقت خلال الأسبوع الذي سبق العيد في دمشق، 4 متاجر كبيرة ومتجر موبايلات وعشرة محال تجارية متوسطة و 17 محلاً تجارياً و7 أكشاك لبيع السجائر.
وبحسب الحسن، فقد صادرت الجمارك من المحال المغلقة بضائع تتجاوز قيمتها 400 مليون ليرة سورية، في حين تجاوز مجموع الغرامات المالية التي تم فرضها على أصحاب المحال 6 مليارات ليرة سورية، بمعدل تغريم تراوح بين 50 مليون و290 مليون ليرة.
ولفت الحسن إلى أن المعلومات الواردة لإدارة الجمارك عن البضائع المهربة تأتي من عناصر موزعين مخبِرين جمركيين، ولكن من المضحك في الأمر أن ما يحدث لا يعدو كونه لعبة استثمار يقوم بها مسؤولون من المؤسسة نفسها، إذ يقومون عبر وكلاء ببيع مواد مهربة صادرتها الجمارك أثناء دخولها البلاد، ثم ليقوموا بعد ذلك بإرسال الدوريات والتفتيش، وهكذا دواليك، كل فترة زمنية يتم السيناريو نفسه.
وفي مدينة طرطوس قامت دوريات الجمارك بإغلاق 4 محال تجارة مواد غذائية، ومحل لبيع السجائر ومستلزمات الأراكيل بالحجة نفسها، مع مصادرة البضائع المهربة وفرض غرامات على أصحاب المحال.
علاء الصالح (اسم مستعار لأحد تجار الجملة في المدينة)، قال لـ"العربي الجديد" إن استهداف المحال بهذه الطريقة ليس إلا إتاوات مشرعنة، خاصة أن البضائع المصادرة شملت بضائع سورية المنشأ بحجة عدم وجود فواتير نظامية مختومة وبيان جمركي فيها.
وأشار الصالح إلى أن ما يجري يأتي لمصلحة أحد المحتكرين الكبار في البلاد، لأن البضائع التي تم التركيز عليها استثنت البضائع المهربة التي يقوم وكلاؤه بتوزيعها.
ويردف الصالح بنبرة ساخرة (يللا سيدي بدهن يطلعوا رواتب الموظفين من جيابنا.. قلو لفرعون مين فرعنك.. قلو ما لقيت مين يردني).
وتشير المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد" إلى أن قيمة المصادرات والغرامات خلال هذه العملية تجاوزت في طرطوس حد الـ 500 مليون ليرة، شملت بضائع ذات منشأ سوري، بحسب المصادر.
وعلى المقلب نفسه، وفي محافظة حلب، أوقفت دوريات الجمارك عدداً من سيارات شحن البضائع بالجملة بناءً على معلومات مسبقة، وقامت بتفتيشها ومصادرة البضائع التي لا تحمل بيانات جمركية، وتغريم أصحابها وإخطارهم بمراجعة القضاء المختص بالجرائم الاقتصادية، بحسب مصادر من مدينة حلب.
ولم يتمكن "العربي الجديد" من الوقوف على مقدار الأموال وقيمة البضائع المصادرة في حلب، نتيجة تكتم التجار على ذلك ورفضهم الإدلاء بأي معلومات خشية الملاحقات القانونية، إذ رجح مصدر "العربي الجديد" في المدينة أن التجار في حلب يتعاملون مع مثل هذه المسائل بمبدأ "هين فلوسك ولا تهين نفوسك" ويقصد بذلك دفع الرشاوى لإغلاق المحاضر.
ويقول محمد المحمد (اسم مستعار لأحد صغار التجار في دمشق) لـ"العربي الجديد": "تعودنا على سلبطة الجمارك، اليوم تقوم الحكومة وأجهزتها بالإجهاز على الاقتصاد السوري لمصلحة الحيتان الذين يريدون السيطرة على كل شيء في البلاد".
ويضيف: "ما هو الضرر إن تم بيع حليب الأطفال المهرب مثلاً في ظل انقطاع الحليب المستورد نظامياً أو احتكاره من هؤلاء الحيتان لطرحه بأسعار لا قدرة للمواطن على شرائها، سأقول إن الضرر هو أولاً لهؤلاء الحيتان، ومن ثم للعبة "الحصار" التي باتت شمّاعة لكل تردٍّ اقتصادي وخدمي ومعاشي في البلاد".