يتجه المغرب نحو تحمل فاتورة واردات ومخصصات دعم قياسية في العام الحالي، في سياق الجفاف الذي أصاب محصول الحبوب وارتفاع الأسعار في السوق الدولية جراء الحرب في أوكرانيا.
وتجلى أن إنتاج الحبوب في المغرب في العام الحالي، سينخفض بنسبة 69 في المائة في الموسم الحالي، مقارنة بالموسم الماضي، الذي بلغ فيه ذلك المحصول مستوى قياسياً.
وتفيد بيانات وزارة الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في بيانات مساء أمس الجمعة، بأن محصول الحبوب، المكون من القمح اللين والقمح الصلب والشعير، سيصل في الموسم الحالي إلى 32 مليون قنطار، بعدما بلغ في الموسم الماضي 103 ملايين قنطار.
وتأثر محصول الحبوب بالجفاف الذي عرفه المغرب في العام الحالي، حيث تقدر التساقطات المطرية بـ188 ميليمتراً، بانخفاض بنسبة 42 في المائة، مقارنة بمتوسط الثلاثين عاماً الماضية، وبنسبة 35 في المائة قياساً بالموسم السابق.
ويساهم محصول الحبوب المنخفض في الموسم الحالي، حسب توقعات وزارة وزارة الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في انخفاض الناتج المحلي الخام الزراعي بنسبة 14 في المائة.
ويجد تقلص القيمة المضافة الزراعية، تفسيره في انخفاض النمو الاقتصادي الذي تباينت تقديرات مؤسسات حول مستواه، حيث راوحت بين 1.1 في المائة لدى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد توقع أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي، إلى ما بين 1.5 و1.7 في المائة، عوضاً عن 3.2 في المائة المتوقع في إطار قانون المالية، وهو المعدل الذي كان قد بُني على أساس توقع محصول حبوب في حدود 80 مليون قنطار.
ويؤشر محصول الحبوب في العام الحالي وعدم استقراره على مدى أعوام، على ارتهانه للتساقطات المطرية، حسب محمد الهاكش، الخبير في القطاع الزراعي، الذي يؤكد ضرورة إعادة توجيه السياسة الزراعية بما يجنب الارتهان للسوق الخارجية.
ويشير الهاكش في تصريحات لـ(العربي الجديد) إلى أن محصول الحبوب، الذي يكرس المغرب مستورداً كبيراً، يقتضي تغليب السيادة الغذائية على الأمن الغذائي، الذي أضحى صعب التحقق في سياق النزاعات التي تؤثر في العرض من المنتجات الزراعية في العالم، كما يتجلى في السياق الحالي.
وينتظر أن يفضي التراجع الحاد في محصول الحبوب إلى زيادة الواردات من القمح والشعير في العام الحالي في سياق متسم بارتفاع الأسعار في السوق الدولية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبدأت فاتورة الحبوب بالارتفاع في العام الحالي، حيث زادت مشتريات الشعير بنسبة 25 في المائة في مارس/آذار، لتصل إلى 140 مليون دولار، فيما ارتفعت واردات القمح بنسبة 11.4 في المائة لتبلغ 500 مليون دولار.
وحدا دعم القمح اللين وغاز البوتان، في ظل الأسعار المرتفعة في السوق الدولية، الحكومة إلى مراجعة مخصصات الدعم ورفعها من 1.7 مليار دولار حسب قانون مالية العام الحالي إلى 3 مليارات دولار.
وتجلى أن الدعم الذي يهمّ السكر وغاز البوتان والقمح اللين الموجه لتوفير الخبز بسعر 1.20 درهم، ارتفع في الأربعة أشهر الأولى بنسبة 59.1 في المائة، كي يصل إلى 1.1 مليار دولار، حسب بيانات الخزانة العامة للمملكة.
وبلغ الدعم المخصص للقمح اللين، حسب ما كشف عنه الناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس بعد آخر مجلس للحكومة، حوالى 300 مليون دولار في إبريل/نيسان الماضي، بعدما وصل الدعم المرصود للقنطار الواحد من القمح اللين إلى 10 دولارات، علماً أن سعره تجاوز 50 دولاراً في السوق الدولية.
وترنو الحكومة إلى تكوين مخزون من السلع الأساسية، حيث كان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، قد عبّر عن التوجه نحو تكوين مخزون ثانٍ من القمح اللين بعد ضمان مخزون يغطي خمسة أشهر من الاستهلاك.