الجفاف يهدد صادرات الغاز المسال الأميركي

14 مايو 2024
ناقلة غاز مسال تعبر قناة بنما، 22 سبتمبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجفاف الشديد يقلل من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية عبر قناة بنما، مما يدفع المصدرين لاستخدام طرق بديلة أكثر تكلفة.
- الولايات المتحدة تواجه تحديات بسبب تغير المناخ والاضطرابات الجيوسياسية، مع جهود لتلبية الطلب المتزايد على عبور قناة بنما.
- أوروبا تعتمد بشكل متزايد على الغاز الأميركي بعد تقليص واردات الغاز من روسيا، مع توقعات بزيادة الضغط على الإمدادات الأميركية وأهمية الاستثمارات في مشاريع الغاز الطبيعي المسال.

يهدد انخفاض مستويات المياه في قناة بنما بفعل الجفاف الشديد، صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي، إذ تتنظر الناقلات لفترات أطول لعبور الممر المائي الحيوي وصولاً إلى وجهاتها، ما يؤثر سلباً على الإمدادات. في الربع الأول من العام الجاري، وصلت 14 شحنة غاز مسال أميركي فقط إلى آسيا عبر قناة بنما في أميركا الوسطى، في انخفاض حاد مقارنة بمستويات نفس الفترة من 2022 التي سجلت وصول 40 شحنة، وفق تقرير لوكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال" العالمية.

في المقابل وصلت 24 شحنة تحمل ما يقرب من 1.6 مليون طن من الغاز الأميركي إلى آسيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، مع اختيار المصدرين الطريق الأطول بكثير وتجنب بنما التي تعاني من الجفاف وقناة السويس في مصر بسبب استهداف الحوثيين في اليمن السفن الأميركية والإسرائيلية والبريطانية تحديداً.

ويأتي التهديد المائي للشحنات الأميركية، بعدما تخطت الولايات المتحدة قطر العام الماضي 2023، لتصبح أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم للمرة الأولى على الإطلاق في تاريخ الصناعة. وقال كوري غريندال، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة "شينير إنرجي" وهي أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة في تصريحات صحافية أخيراً: "نستخدم القناة (بنما) عندما يكون ذلك مناسباً اقتصادياً، لكن في الوقت الحالي ليس كذلك.. السوق في الشرق الأقصى لا يدعمها حالياً".

محادثات مع منتجي الغاز المسال في الولايات المتحدة

في الأثناء يجري المسؤولون عن قناة بنما محادثات مع منتجي الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة حالياً حول كيفية تلبية الطلب المتزايد على الإبحار عبر القناة، وفق تقرير لنشرة "أويل برايس" الأميركية المتخصصة في الطاقة. وتعمل سلطات القناة على خطط لبناء خزانات مياه كحل للتخفيف من النقص المرتبط بتغير المناخ، فضلا عن العمل مع شركات الشحن لتأمين المزيد من مرور ناقلات الغاز المسال.

تأتي العقبات التي يلقي بها تغير المناخ واضطرابات البحر الأحمر في وقت تتوقع إدارة الطاقة الأميركية آفاقاً مشرقة لصادرات الغاز المسال، لتزيد بنسبة 2% خلال العام الجاري 2024 إلى متوسط 12.2 مليار قدم مكعب يومياً.

وتصدرت الولايات المتحدة قائمة أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في 2023، وفقا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية الصادرة في إبريل/ نيسان الماضي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة صدّرت ما متوسطه 11.9 مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز المسال، بزيادة بلغت نسبتها 12% مقارنة بعام 2022. وتراوح متوسط صادرات الغاز الطبيعي المسال السنوية من أستراليا وقطر، ثاني وثالث أكبر مصدرين للغاز الطبيعي المسال في العالم، بين 10.1 مليارات و10.5 مليارات قدم مكعبة يومياً، بين عامي 2020 و2023.

وأشارت شركة "إنرجي إنتليجنس" العالمية إلى اهتمام قوي بمشاريع الغاز الطبيعي المسال طويلة المدى في الولايات المتحدة. وأفادت وكالة الطاقة الدولية بأن هناك تقديرات بنحو 69 مليون طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال الأميركي ستصل إلى قرار الاستثمار النهائي في العام الحالي، ومن المحتمل أن يكون العام الأكثر أهمية بالنسبة لقرار الاستثمار النهائي منذ عام 2019.

ومع ذلك تشعر أوروبا تحديداً بقلق أكبر من غيرها من الأسواق المستوردة للغاز المسال الأميركي الذي باتت تعتمد عليه بنسبة كبيرة بعد انحسار الإمدادات الروسية كثيراً عقب اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 والعقوبات الغربية الواسعة على موسكو. وفي العام الماضي، استحوذت أوروبا على 66% من إجمالي صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال، تليها آسيا بنسبة 26%، وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط بنسبة 8% مجتمعة.

وكان الاتحاد الأوروبي قد خفض اعتماده على روسيا في واردات الغاز بنحو الثلثين منذ بداية غزو أوكرانيا، وذلك من خلال مزيج من الانقطاع المفاجئ عن موسكو وزيادة واردات الغاز من النرويج والولايات المتحدة. وشكل الغاز الطبيعي المسال الروسي نسبة 5% فقط من استهلاك الطاقة في الاتحاد الأوروبي العام الماضي.

ومن المرجح أن تستمر أوروبا في كونها المستهلك الرئيسي للغاز الطبيعي المسال الأميركي لسنوات قادمة، مع استعداد القارة لقطع المزيد من الغاز الروسي. وذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية أن المفوضية الأوروبية اقترحت فرض عقوبات على قطاع الغاز الطبيعي المسال في روسيا كجزء من حزمة العقوبات الرابعة عشرة التي فرضتها بروكسل ضد روسيا.

ويدعو الاقتراح أيضاً إلى حظر استخدام موانئ الاتحاد الأوروبي وخدماته لإعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال الروسي، وهي خطوة من المرجح أن تجبر روسيا على إعادة النظر في إجراءات تصدير الغاز الطبيعي المسال الخاص بها، بالنظر إلى أنها تزود حالياً آسيا بالغاز الطبيعي المسال عبر أوروبا، لا سيما عبر إسبانيا وبلجيكا وفرنسا كمحاور رئيسية.

وقالت لورا بيج، خبيرة الغاز في شركة تحليلات البيانات "كبلر" في تصريحات لـ" بوليتيكو": "إذا لم يتمكنوا من النقل في أوروبا، فقد يضطرون إلى ركوب ناقلاتهم الجليدية في رحلات أطول"، مضيفة أن روسيا "قد لا تكون قادرة على ذلك".

المساهمون