لا يخفي التراجع الطفيف لمعدل البطالة على الصعيد الوطني، فقدان فرص عمل في الأرياف المغربية، التي تأثرت فرص العمل فيها بالجفاف الذي انعكس سلبا على العديد من المحاصيل والطلب.
ويتجلى من بيانات المندوبية السامية للتخطيط، الصادرة أمس الخميس، أن قطاع الفلاحة فقد خلال الفصل الثالث من العام الحالي 237 ألف فرصة عمل على المستوى الوطني، ما يمثل انخفاضا بـ7 في المائة من إجمالي الشغل في هذا القطاع.
ويأتي ذلك في سياق متسم بتراجع معدل البطالة على الصعيد الوطني من 11.8 في المائة إلى 11.4 في المائة، كي تطاول 1.37 مليون شخص في الربع الثالث من العام الحالي، حسب تقرير المندوبية حول سوق الشغل والبطالة.
وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، استقر معدل البطالة في الأرياف في حدود 5.2 في المائة بالأرياف التي تعتمد على الفلاحة كنشاط رئيسي، علما أن مستوى البطالة لا يعكس حقيقة التشغيل في الأرياف التي تعرف انتشار الشغل الناقص والشغل غير المؤدى عنه (المؤمن عليه).
ويرد ذلك إلى انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة 18 في المائة، مصحوبًا بزيادة شبه عامة في أسعار المنتجات الزراعية، حيث يرجح أن تعرف أسعار الحبوب ارتفاعا بنسبة 35 في المائة، حسب التغير السنوي، في أعقاب تراجع إنتاجها بنسبة 67 في المائة، مقارنة بالموسم الفلاحي السابق.
وحقق نشاط القطاع الحيواني تقلصا جديدا، متأثرا بشكل خاص بآثار الجفاف والزيادة في تكلفة إطعام الماشية، حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط، الذي تناول وضعية النشاط الاقتصادي في المغرب.
ويوفر القطاع الزراعي، الذي يمثل حوالي ربع الناتج الإجمالي المحلي، أكثر من ثلث فرص العمل، ويشكل في الأرياف أكثر من 70 في المائة من مجمل فرص العمل.
وفي هذا السياق، يعتبر الخبير الزراعي محمد الهاكش، أن البطالة في الأرياف ترتبط بالجفاف الذي عرفه المغرب في العام الحالي، حيث انعكس ذلك على معدل النمو الاقتصادي الوطني. ويؤكد الهاكش، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الشغل الناقص المرتبط بالدخل غير الكافي أو عدم الشغل مع التكوين، ينتشر بشكل أكبر في الأرياف، التي تعرف كذلك الشغل غير المؤدى عنه.
ولا تؤشر الوضعية المناخية في الموسم الجديد الذي انطلق في شهر أكتوبر/تشرين الأول على تحسّن وضعية سوق الشغل في الأرياف، في ظل تأخر التساقطات المطرية، حسب الخبير الزراعي.
وذهب وزير الفلاحة، محمد صديقي، في تصريحاته الصحافية، يوم الثلاثاء الماضي، إلى أن التساقطات المطرية إلى غاية نهاية أكتوبر لم تتعد 21.8 ملم، أي بانخفاض قدره ناقص 45 بالمائة مقارنة مع سنة عادية، هذا في الوقت الذي لا يتجاوز مخزون المياه في السدود 24 بالمائة، ونسبة عجز قدرها بالناقص 32 بالمائة مقارنة مع الموسم السابق.
وأفضى ضعف مخزون المياه في السدود إلى توقف عملية الري بدوائر دكالة وتادلة والحوز وإسن ودرعة وسهل ملوية وتافيلالت وبهت، ما من شأنه أن يؤثر على النشاط الزراعي، وبالتالي فرص العمل.