لم يكن الفلاح الجزائري بورحلي بوعلام، من محافظة "عين الدفلى" غرب العاصمة، يتوقع أن يتحول موسم جني محصول "الطماطم" إلى كابوس يؤرّقه، ليس لشحّه وإنما لعدم القدرة على تصريفه في الأسواق، التي تشهد تخمة في المعروض.
يقول بوعلام، لـ "العربي الجديد" إن محصوله من الطماطم لهذا العام فاق 350 طنا، واضطر إلى توجيه نصف الكميات في شاحنات نحو المصانع المنتجة للمواد الغذائية، بينما وضع النصف الثاني من المحصول في غرف تبريد خاصة، إلى حين بيعها.
حال الفلاح بوعلام مثل حال المئات من الفلاحين الناشطين في شعبة زراعة الطماطم، التي تعيش "أزمة وفرة إنتاج"، دفعتهم إلى القلق على هذه النعمة التي تحولت إلى نقمة، خصوصاً أن مدة صلاحية "الطماطم" لا تطول كثيراً مقارنة مع الأصناف الأخرى، بخلاف تكلفة الإنتاج.
وحسب الأمين العام للاتحاد العام للفلاحين الجزائريين، عبد اللطيف ديلمي، فإن "الجزائر تواجه أزمة وفرة في إنتاج الطماطم، مشابهة لنفس السيناريو الذي عاشته البلاد دورياً مع محاصيل إنتاج "البطاطا" التي تسجل سنوياً نسباً قياسية، دفعت الحكومة الجزائرية إلى التدخل لشراء المحاصيل وإيجاد حلول لتصديرها. وقال ديلمي، لـ"العربي الجديد" إن "إنتاج الطماطم بلغ في الهكتار الواحد (10 آلاف متر مربع) بين 900 و1000 قنطار، مقابل معدل موسمي لا يتعدى 600 قنطار".
من جانبه، كشف رئيس المجلس الوطني متعدد المهن لفرع الطماطم، معزوزي مصطفى، أن إنتاج الجزائر من محصول الطماطم الصناعية لهذه السنة سيبلغ 20 مليون طن، منها 12 مليون طن موجهة للإنتاج الصناعي. كاشفاً في حديث مع "العربي الجديد" أن "27 وحدة صناعية لتحويل الطماطم تنتج 35 ألف طن يومياً من المحصول".
وفي ما يتعلق بالعراقيل التي تواجه وحدات الإنتاج والتحويل، أكد مصطفى أنّ "هذه الوحدات التحويلية تشهد ضغطاً كبيراً على مستواها، خصوصاً هذه السنة التي تتميز بوفرة الإنتاج. ولحلّ المشكلة، جرى اتخاذ إجراء من أجل تحويل فائض إنتاج الطماطم إلى بعض الولايات لتخفيف الضغط على هذه الوحدات، وذلك للتحكم وكبح إتلاف محصول الطماطم، كما عهدناه خلال السنوات الماضية".
وأمام هذه المعطيات، أضحت مصانع الأغذية الحلّ الأمثل للفلاحين من أجل إنقاذ موسمهم، إذ لا يكاد يخلو طريق مؤدٍّ إلى هذه المصانع من مشهد الطوابير الطويلة للشاحنات والجرارات ومركبات النقل في رحلة تفريغ حمولتها، ليسيطر اللون الأحمر على طرقات وشوارع كثير من مناطق البلاد.
توصل المزارعون والمصانع إلى اتفاق يحفظ حقوق الطرفين، يتم من خلاله تحديد السعر المرجعي للتسويق بـ 17 ديناراً (0.9 دولار) للكيلوغرام، مع استفادة الطرفين من دعم الدولة المقدر بـ 1.5 دينار للكيلوغرام الواحد للمصنع ودينارين للكيلوغرام للمزارع.
وقال مسؤول التخزين في إحدى الشركات المنتجة للطماطم المُعلبة، قمر الدين مصباحي، إنّ العرض بات يفوق الطلب بكثير، بما يتجاوز طاقات تخزين الشركات. وأضاف مصباحي لـ "العربي الجديد" أنّ "هناك من الفلاحين من يمكث 4 أيام في الطابور لكي يبيع محصوله".
كشف رئيس المجلس الوطني متعدد المهن لفرع الطماطم، معزوزي مصطفى، أن إنتاج الجزائر من محصول الطماطم الصناعية لهذه السنة سيبلغ 20 مليون طن
وعكس الحلول التي تم التوصل إليها خلال أزمة "وفرة محاصيل البطاطا" وبعض الفواكه في السنوات الماضية، استبعد رئيس جمعية المصدّرين الجزائريين، ناصر باي، أن يكون التصدير حلاً ممكناً في الوقت الراهن "وذلك لعدم توفر الجزائر على آليات تساعد على ذلك، بالإضافة إلى البيروقراطية التي تجمد طلبات التصدير". وقال: "نحن أمام محصول مدة صلاحيته تبلغ بضعة أيام فقط. وحتى الجارة الشرقية تونس منعت دخول كلّ ما هو منتج فلاحي من الجزائر حفاظاً على إنتاجها".
وكانت الحكومة الجزائرية قد منعت استيراد 15 صنفاً من الفواكه الموسمية والفصلية، منذ مطلع يوليو/تموز الجاري، وذلك بهدف حماية الإنتاج المحلي وكبح فاتورة الواردات. وحسب المراسَلة المستعجلة التي وجهتها جمعية البنوك الجزائرية، لمختلف البنوك المعتمدة، يحوز "العربي الجديد" نسخة منها، فإنّ "وزارة التجارة الجزائرية قررت رفع قائمة الفواكه الممنوعة من الاستيراد لتشمل 15 نوعا من الفواكه، ويتعلق الأمر بالحمضيات، المشمش، الكرز، الخوخ، البرقوق، العنب، الإجاص، التفاح، اللوز، التين، الرمان، الزعرور، السفرجل".
وتمتد مدة تجميد الاستيراد بالنسبة لبعض الأصناف إلى غاية 31 يناير/كانون الثاني 2023، مع الأخذ في الاعتبار المخزون العام الموجود في غرف التبريد، وذلك بقصد السماح للفلاحين بتسويق محاصيلهم.