الجزائر: عراقيل تهدّد شركات النقل عبر تطبيقات الهاتف

23 فبراير 2023
وزارة النقل ترفض الاعتراف بشركات النقل عبر تطبيقات الهاتف (بلال بنسالم/ Getty)
+ الخط -

تعيش شركات نقل الأشخاص عبر تطبيقات الهواتف النقالة، أو ما يعرف بـ"في تي سي"، ضغطاً كبيراً بسبب الفراغ القانوني الذي ينظم نشاطها، وسط تخبط بين الجهات الحكومية المختصة في الجزائر، فيما يبقى سائقو السيارات في معركة يومية مع شرطة المرور التي تعتبر نشاطهم خارجاً عن القانون وغير مصرَّح به.
في وسط العاصمة الجزائرية، أكد سائق عبر أحد التطبيقات المتخصصة "يسير"، كمال خ. لـ"العربي الجديد" أنه "في معركة يومية مع الشرطة التي سحبت منه رخصة القيادة مرتين في ظرف 4 أشهر".

ويكشف السائق الذي رفض ذكر اسمه كاملاً، لـ"العربي الجديد" أن "المشكل يكمن في أن وزارة التجارة منحت سجلاً تجارياً لشركات نقل الأشخاص عبر تطبيقات الهاتف، مع السائق، أي إيجار السيارة مع السائق لمدة محددة وعلى مسار محدد، لكن في المقابل ترفض وزارة النقل الاعتراف بهذه الشركات، تحت ضغط نقابات سيارات الأجرة، وعندما نقدم العقد المقدم لنا مع شركات النقل للشرطة تطالبنا برخصة وزارة النقل، وهنا تُسحَب رخصة القيادة وتُحجَز السيارة بمخالفة نقل الأشخاص دون رخصة رسمية".

وشهدت الجزائر منذ 2017 ظهور أكثر من 15 شركة نقل للأشخاص عبر تطبيقات الهواتف الذكية، أو ما يُعرف بـ"vtc"، وكانت شركة "يسير" أول شركة تطلق خدمات نقل الأشخاص عبر التطبيقات، ولاقت هذه الشركات إقبالاً كبيراً من الجزائريين بسبب تردي شبكة النقل، وغلاء تسعيرة النقل عبر سيارات الأجرة.

كذلك ساعدت هذه الشركات الجزائريين، وخاصة من ذوي الدخل المتوسط، في ضمان مصدر قوت إضافي خارج ساعات العمل، لكون الشركات المختصة في نقل الأشخاص تتعاقد مع السائقين بعقود حرة "freelance"، ما جعل الإقبال عليها يتضاعف وتتسع جغرافية نشاطهم إلى عدة ولايات في الجزائر.
وإلى ذلك، يقول الشاب الجزائري سليم ذ. إن هذه "التطبيقات تساعده في كسب دنانير إضافية تعينه على تحمّل غلاء المعيشة، فشركات النقل تأخذ ما بين 17 و 25 بالمائة من ثمن الرحلة، على أن يأخذ صاحب السيارة الباقي، لكن المشكل تحول إلى مشكل قانوني، وخصوصاً مع شرطة المرور، التي ترفض الاعتراف بنا، وتصرّ على أننا خارجون عن القانون".

وأضاف المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد" أن "سائقي السيارات باتوا يضعون أيديهم على قلوبهم في كل رحلة توصيل، كذلك فإن دائرة نشاطنا بدأت تضيق. فمثلاً، نحن ممنوعون من دخول المطارات والمحطات البرية لنقل المسافرين ومراكز التسوق والترفيه، بسبب ضغط سائقي الأجرة". 

وأحدثت رقمنة نقل الأشخاص في الجزائر، في السنوات الأخيرة، عبر عديد الشركات على غرار "يسير"، "وصلني" و"تم تم"، ثورة حقيقية في قطاع النقل، استحسنها الكثير من الجزائريين، كبديل مناسب للقضاء على مشكلة التنقل، وكضربة قاضية لاحتكار سائقي الأجرة وتسلطهم، غير أنها على النقيض أفرزت انتقادات شديدة من طرف بعض نقابات ومنظمات سيارات الأجرة، وصل إلى حد وصفها بـ"الشركات الشبح" وبأنها غير قانونية وتشكل خطراً على المسافرين وطالبوا وزارة النقل للتدخل.
وفي السياق، اعتبر رئيس المنظمة الجزائرية للناقلين الخواص (القطاع الخاص)، حسين بورابة، أن "هذه الشركات تُعَدّ خطراً على الاقتصاد وعلى المواطن، فمن غير المعقول أن تستقل عائلة سيارة نفعية ليس لها أي معايير أو مواصفات سيارة أجرة، فلا هي مصبوغة، ولا السائق واضح ومعروف الهوية، فمن المستحيل أن يثق أي شخص بالسائق ويركب معه".

وتساءل بورابة في حديث مع "العربي الجديد": "هل هذه الشركات تعمل بطريقة قانونية ونظامية؟ وهل تحوز اعتماداً من وزارة النقل؟ وعليه، على أي أساس يدفع هؤلاء الضرائب؟ وهل لهم سجل تجاري؟ وإذا كان لديه الرخصة من الجهات الوصية، فلماذا لا تسوي الشركة وضعية السائقين، وتضع على السيارة الاسم والرقم؟".

ويتابع: "ما يحدث أن هذه السيارات تشبه كثيراً الناقلين غير النظاميين، ولكن بقناع الشركة، وبأنه إذا كان لديهم الوثائق والاعتماد من مديرية النقل، عليهم أن يظهروه للعلن. أكيد هناك مخاوف لأنها استقطبت الزبائن، ولأن تسعيرتها جد معقولة، في الوقت الذي يشترط علينا الاحتكام للعداد".
وفي خطوة منها لإيجاد حل وسط، عرضت الحكومة على البرلمان قانوناً تحت مسمى "المقاول الذاتي"، يسمح للشركات التي تقدم خدمات عبر الإنترنت أن تسوّي وضعيتها بعد طرح دفتر أعباء ينظم النشاط، وهو ما استحسنته شركات نقل الأشخاص عبر التطبيقات الإلكترونية. 

وتؤكد مكلّفة التسويق في إحدى شركات النقل عبر التطبيقات، ميساء رفاحي، أن "المشكل يكمن في فهم القانون، فنحن لدينا سجل تجاري على أننا شركات تؤجر سيارات مع سائق لزمن محدد في اليوم مقابل أجرة، أي أن الزبون يؤجر السيارة مع السائق لزمن محدد، يتنقل بها لمكان معلوم، مع وجود فاتورة توثق الخدمة، وبالتالي كل شيء قانوني، وحاولنا تبسيط الأمور مع الشرطة ونقابات الأجرة، لكن يصرون على ضرورة حيازة رخصة من وزارة النقل".
وأضافت رفاحي أن "قانون المقاول الذاتي حل وسط، والأكيد أننا نريد مصلحة المواطن والبلاد، نحن نعمل وفق القانون ونحاول ضمان خدمة تتماشى والتطور التكنولوجي فقط".

المساهمون