الجزائر: المضاربة تقفز بأسعار الخضر والفواكه

26 أكتوبر 2021
قفزات هائلة في أسعار البطاطا (فرانس برس)
+ الخط -

"حرام عليهم ما فعلوه بنا، هم أشد فتكاً من الحكومة ومن فيروس كورونا" هي صرخة المواطن عبد الهادي عبد القادر من العاصمة الجزائرية، ضد الغلاء، وهو الذي فوجئ بأسعار الخضر والفواكه في الأسواق.

يقول عبد القادر لـ"العربي الجديد" إنه اضطر للبحث في 3 أسواق عن البطاطا وعندما وجدها، كانت بسعر يفوق 100 دينار للكيلوغرام الواحد، وبنوعية رديئة.
حالة عبد القادر، يتقاسمها جزائريو العاصمة والمحافظات المجاورة لها، إذ فوجئوا بقفزات في أسعار الخضر زادت 200 بالمائة على بعض الأنواع واسعة الاستهلاك كالبطاطا التي قفز سعرها من 45 دينارا إلى 100 دينار (1 دولار أميركي= 137 ديناراً) في ظرف أيامٍ قليلة، والطماطم التي ارتفع سعرها من 60 إلى 120 دينارا، والبصل من 45 دينارا إلى 70.
لهيب أسعار الخضر جعل المواطنين ينتفضون ضد التجار وغياب الرقابة، في ظل اكتواء جيوبهم بغلاء الأسعار في وقت قررت فيه السلطات إشهار سيف التهديدات في وجه "التجار المضاربين".
تقول المواطنة كوثر لـ"العربي الجديد": "ما كنا نخشاه حدث، جشع التجار دفعهم إلى مضاعفة أسعار الخضر في ظرف 72 ساعة". وتضيف نفس المتحدثة لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة غائبة وتركت المواطن بين فكي جشع التجار".
ولقيت هذه التصرفات الاحتكارية من طرف بعض التجار، انتقادات واسعة على مواقع التواصل إذ طالب مواطنون بتشديد الرقابة وتسليط أقسى العقوبات على المضاربين الذين استغلوا وباء كورونا لرفع الأسعار.

واللافت أن القفزات التي عرفتها أسعار الخضر والفواكه، تأتي بعد أيام قليلة من حملة قادها مزارعو الجزائر، لمطالبة الحكومة بالتدخل لتسويق محاصيل البطاطا والطماطم، بعدما سجلوا فائضا في الإنتاج هوى بأسعارها.
ولمواجهة ظاهرة المضاربة التي استفحلت في الأسواق الجزائرية، اقترحت وزارة التجارة قانونا لمكافحة المضاربة عرضته على الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وينتظر عرضه على البرلمان في الأسابيع المقبلة. وحسب مشروع القانون الذي تقدمت به وزارة التجارة الجزائرية، واطلعت عليه "العربي الجديد" فسيتم وضع عقوبات إدارية على المحتكرين، كالشطب والحرمان النهائي من ممارسة النشاط التجاري، وسحب السجل التجاري لسنوات عدة للمتلبسين بممارسة الاحتكار، فيما تصل عقوبة المضاربين بالسلع إلى 30 سنة سجناً نافذاً أو السجن المؤبد إذا ثبت أن نشاطه حدث في شكل منظم.
كما منحت السلطات الجزائرية المزارعين والتجار والموردين، مهلة حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، للتصريح عن كل المخزونات الزراعية والسلع الاستهلاكية الموجودة في مخازنهم. وهددت في حال مخالفة ذلك، بحجزها وتحويلهم إلى القضاء بتهمة المضاربة.
ووسط تبادل الاتهامات، برأ رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج طاهر بولنوار، ذمة التجار.

ووجه الاتهامات للسماسرة الذين ألهبوا الأسعار، مؤكدا أنهم ليسوا تجارا، بل هم وسطاء يستغلون الأزمات لفرض منطقهم بالاحتكار والمضاربة، ويعملون في جنح الظلام وخارج أسواق الجملة، أين يشترون الخضر والفواكه من الفلاحين مباشرة ويعيدون بيعها لتجار الجملة.
وأرجع رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين في تصريحات لـ"العربي الجديد" ارتفاع أسعار الخضر في أسواق الجملة إلى ارتفاع الطلب على الخضر في الأيام القليلة الماضية، بالإضافة إلى نقص التموين خاصة من مادة البطاطا، بعد عزوف المزارعين عن جني محصولهم، خوفا من المضاربة التي تجعلهم الحلقة الأضعف.
وقصد ضبط الأسواق، اضطرت وزارتا التجارة والزراعة للتدخل، من خلال شراء المنتجات واسعة الاستهلاك كالبطاطا من عند الفلاحين مباشرة وإعادة بيعها بأسعار محدّدة لا تتعدى 50 ديناراً للكيلوغرام الواحد، مع تسخير قوات الأمن لاقتحام نقاط تخزين "سوداء" غير مصرح بها وتحويل الخضر المحجوزة للبيع في الأسواق مباشرة.
إلى ذلك، كشف مدير الديوان الجزائري المهني المشترك للخضر واللحوم، عبد العزيز أوشمن، أن "الديوان شرع في ثالث عملية تفريغ لمادة البطاطا من المخازن وضخها في أسواق الجملة والأسواق الجوارية، بغية ضبط الأسعار، والعملية مست 14 ولاية وبمساهمة 30 متعامل مخزن، إذ ستشهد توزيع كميات كبيرة من البطاطا تكفي لتغطية احتياجات الطلب المتزايد".
وأوضح نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "مباشرة الديوان تموين السوق بـ 10 آلاف طن من البطاطا في العملية التي انطلقت في 7 اكتوبر/ تشرين الأول الجاري وستستمر طيلة فترة الفراغ الممتدة إلى أواخر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وستشهد العملية تفريغ مخازن ولايات الجزائر، البليدة، تيبازة، المدية، بومرداس، البويرة، عين الدفلى، الشلف، غليزان، معسكر، مستغانم، سعيدة، سكيكدة، الطارف، ومنها ستتوسع لتشمل تسويق المنتج عبر أسواق الجملة والأسواق الجوارية، إضافة إلى تموين العديد من نقاط البيع المعتمدة بأسعار محددة بـ 50 دينارا للكيلوغرام الواحد من البطاطا بأكياس تزن 5 كيلوغرامات".

المساهمون