الجزائر: المزيد من الخبز المهدور

20 ابريل 2023
رُميت 4 ملايين رغيف في 3 أسابيع (فرانس برس)
+ الخط -

بات الخبز المهدور في الجزائر قضيّة تؤرّق الحكومة التي لم تتمكن من إيجاد حلٍ ناجع لها. وعلى الرغم من أن الخبز يُعَدّ مكونا غذائيا أساسيا بالنسبة إلى الجزائري، إلا أن فاتورة الخبز المدعوم سعره، والمهدور بصفة كارثية، فتحت النقاش في الجزائر حول ضرورة مراجعة نظام الدعم في البلاد، لكبح التبذير خاصة في المواد الاستهلاكية والطاقوية.
وأمام مشاهد تراكم الخبز أمام القمامات في شوارع مختلف محافظات الجزائر، نشرت الحكومة أرقاما مرعبة حول حجم تبذير مادة الخبز في البلاد، حيث كشفت في تحقيق ميداني قامت به مصالحها أن الجزائريين قاموا برمي ما يزيد عن 4 ملايين رغيف في 3 أسابيع.
وحسب الأرقام الرسمية، فإن حجم ما تم إهداره من خبز في نفس الفترة تجاوز مليون كيلوغرام، وكانت محافظة البليدة الأكثر تبذيرا للخبز بـ 566243 رغيف خبز، تتبعها محافظة الجلفة بـ 242972 رغيفا، ثم تلمسان بـ 235447 خبزة، فعنابة بـ 216893 خبزة، والعاصمة الجزائر بـ 150398 خبزة.
وتتكرّر في الجزائر مشاهد الطوابير الطويلة أمام الأفران والمحلات التي تبيع الخبز، فيما يتزايد التهافت على اقتناء الخبز بمختلف أنواعه في المناسبات الدينية، كذلك تتكرّر مشاهد باعة الخبز على الأرصفة، خصوصا على الطرقات السريعة وفي أسواق الخضار والفواكه.
من جهة أخرى، تزدهر عمليات جمع الخبز "اليابس" وبيعه في الجزائر التي يقبل عليها الصغار والكبار على حدّ سواء، وذلك في باحات المباني والشوارع، ثمّ يبيعونه لمربّي الخراف والأبقار والدجاج.

وفي اتصال هاتفي لـ"العربي الجديد" بالأمين العام لاتحاد الخبازين الجزائريين، أكد يوسف قلفاط، أنه على الرغم من تراجع استهلاك العائلات الجزائرية للخبز، إلا أن الإقبال على هذه المادة ما زال كبيراً، مضيفاً أن المخابز على المستوى الوطني تنتج يومياً 23 مليون رغيف خبز لـ 42 مليون جزائري، مقابل 20 مليون رغيف في السنوات الماضية، موجهة للاستهلاك المنزلي، دون احتساب الخبز الموجه للمطاعم والفنادق وغيرها من الخدمات الربحية، ما يجعل كمية ما يُنتج بين 35 و40 مليون رغيف خبز يوميا".
من جهته، رأى الناطق الرسمي باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين طاهر بولنوار، أن "أكثر المواد عرضة للتبذير هي المواد المدعومة من طرف الدولة، كالخبز والحليب والسكر والزيت وغيرها". وأشار بولنوار في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أن "التبذير لا يقتصر على البيوت والمطاعم، بل حتى على مستوى غرف تبريد المواد الغذائية والخضر والفواكه التي صار يمتلكها أصحاب رؤوس الأموال، دون دراية للكثير منهم بشروط الحفظ والتبريد". واعتبر أن همّ هؤلاء الوحيد هو الربح السريع فقط، حيث يفسد كل شهر ما نسبته 10% من هذه المواد داخل غرف التبريد.
وتعتبر الجزائر من أكثر الدول استيرادا للقمح، إذ تقدر فاتورة قمح الجزائر بين 1.2 و1.5 مليار دولار سنويا، فيما حددت الحكومة سعر رغيف الخبز المدعوم بـ 8.5 دنانير، فيما يقدر سعره الحقيقي بـ15 دينارا. وإلى ذلك، قال رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك مصطفى زبدي، إن "العائلة الجزائرية كانت تعتمد على جمع "العولة" وهي عملية ادخار المواد الغذائية خوفاً من نفادها، لكن هذا السلوك دعمه في الوقت الحالي انعدام الثقة بين المستهلك والجهات المختصة، بسبب الارتفاعات المفاجئة في أسعار المواد الاستهلاكية، إذ لا يزال المواطن الجزائري يسرف ويبذر المواد الغذائية بشكر كبير". كما لفت زبدي في حديث مع "العربي الجديد" إلى "انعدام التنسيق بين أفراد العائلة الواحدة في شراء المواد الغذائية الاستهلاكية". وشدد زبدي على ضرورة "مراجعة سياسة الدعم خاصة على المواد التي تشهد تبذيرا كبيرا كالخبز".

المساهمون