التوقعات بخفض الفائدة تضغط على الدولار والسندات الأميركية

14 سبتمبر 2024
وصل الدولار إلى أضعف مستوى له منذ حوالي 9 أشهر مقابل الين، طوكيو 9 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

تراجع مؤشر الدولار 0.4 % ووصل إلى أضعف مستوى له منذ ما يقرب من تسعة أشهر مقابل الين، في نهاية تعاملات الأسبوع أمس الجمعة، وسط تجدد التكهنات بشأن خفض أكبر لأسعار الفائدة الأميركية قد تصل إلى 0.5% في اجتماعات بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين. ووصل الدولار إلى نحو 140.35 يناً، وهو أدنى مستوى له منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول، مقارنة بنحو 141.80 يناً عند تسوية نيويورك يوم الخميس، وصعد اليورو 0.08 % إلى 1.1083 دولار.

كما سجلت عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات في أحدث تعاملات 3.662 %، بانخفاض عن 3.68 % سجلتها الخميس. وتراجعت عوائد سندات الخزانة لأجل سنتين إلى 3.578 % من 3.648% مسجلة الخميس. واتسع الفارق بين عوائد السندات لأجل عشر سنوات وأجل سنتين إلى 8.7 نقاط أساس، وهو أكبر فارق منذ يوليو/ تموز 2022. وقفزت أسعار الذهب نهاية تعاملات الأسبوع، متجاوزة مستويات مرتفعة قياسية، إذ حفزت التدفقات النقدية وضعف الدولار زخم ارتفاع الأسعار الذي زاد حالة التفاؤل حيال اقتراب خفض أسعار الفائدة.

وجرى تداول الذهب في المعاملات الفورية عند مستويات قياسية وصعد 0.9 % إلى 2582.04 دولاراً للأوقية (الأونصة). وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.2 % إلى 2610.70 دولارات. ويتوقع متعاملون في سوق الذهب أن تقفز أسعار المعدن النفيس إلى مستويات قياسية جديدة، مع التركيز على تحقيق إنجاز ببلوغ الأوقية ثلاثة آلاف دولار، وذلك بدفعة من تيسير البنوك المركزية الكبرى للسياسة النقدية واحتدام سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية. 

تزايد احتمالات خفض أسعار الفائدة 

ومن المتوقع أن يتخذ صناع السياسات قرار خفض الفائدة، مع تباطؤ التضخم وعلى أمل الحيلولة من دون المزيد من تباطؤ سوق العمل مما قد يدفع الاقتصاد إلى الركود. وتتراوح أسعار الفائدة الآن بين 5.25 و5.50 %. وأشارت تداولات عقود أسعار الفائدة الآجلة نهاية تعاملات الأسبوع أمس الجمعة، إلى أن احتمال خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة بنسبة كبيرة الأربعاء المقبل، يتساوى تقريباً مع احتمال خفضها بنسبة معتادة، وذلك مع مراهنة الأسواق المالية على زيادة فرص تحرك المركزي الأميركي بمزيد من الجرأة.

 وتعكس تحركات السوق زيادة الرهانات من جانب المتداولين على أن الاحتياطي الاتحادي قد يحاول منع التدهور في سوق الوظائف، بدلاً من اتباع نهج أبطأ يتمثل في خفض أصغر لسعر الفائدة في البداية وانتظار رؤية ما يترتب على ذلك من نتائج. وقال محللون إن تحول توقعات السوق سببه تقارير صادرة في وقت متأخر مساء الخميس عن صحيفتي وول ستريت جورنال وفاينانشال تايمز تفيد بأن خفض الفائدة 50 نقطة أساس لا يزال خياراً، بالإضافة إلى تعليقات من مسؤول سابق بالمركزي الأميركي تدعم خفض الفائدة بحجم كبير، فقد قال الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الاتحادي في نيويورك الجمعة، إن "هناك احتمالاً قوياً لهذا التحرك وإن أسعار الفائدة حالياً عند ما بين 150 و200 نقطة أساس فوق ما يُدعى بالمعدل المحايد للاقتصاد الأميركي". وأضاف "لم لا نبدأ فحسب؟".

وتتوقع الأسواق بنسبة تبلغ 51 % خفض المركزي الأميركي سعر الفائدة 50 نقطة أساس يوم الأربعاء المقبل، في ختام اجتماعه الذي يستمر يومين، صعوداً من نسبة بلغت 15 % في ساعة مبكرة من صباح أول من أمس الخميس. وتوقعت الأسواق أيضاً خفض الفائدة بواقع 117 نقطة أساس في 2024، ارتفاعاً من 107 نقاط أساس متوقعة في الجلسة السابقة. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير الجمعة، أن مجلس الاحتياط الفيدرالي لا يزال يدرس ما إذا كان سيخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار 0.25 نقطة مئوية، أو 0.5 نقطة مئوية يوم الأربعاء.

وقال صندوق النقد الدولي أول من أمس الخميس، إن "من المناسب أن يبدأ مجلس الاحتياطي الاتحادي دورة تيسير نقدي طال انتظارها في اجتماعه الأسبوع المقبل مع انحسار المخاطر الصعودية للتضخم". وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك في مؤتمر صحافي إن "الصندوق يتوقع تباطؤ الاقتصاد الأميركي في الفترة المتبقية من العام، وأن ينعكس ذلك في توقعاته المحدثة لآفاق الاقتصاد العالمي في أكتوبر /تشرين الأول".

وأوضحت أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن ينهي مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي في الولايات المتحدة عام 2024 عند 2.5 % ويعود إلى هدف البنك المركزي الأميركي البالغ 2% بحلول منتصف عام 2025، وتظهر أحدث البيانات مخاطر صعودية أقل لهذا المسار". وأضافت كوزاك "هذا يعني أننا "نرى بداية وشيكة لدورة تيسير، وفقاً لما يرد من مجلس الاحتياطي الاتحادي، بحسب الحاجة". 

ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى الحد من الطلب في مختلف قطاعات الاقتصاد، ومن ثم يؤدي إلى تباطؤ في سوق العمل، ومن ثم قيام الشركات بتقليص التوظيف، وزيادة معدلات طلبات إعانات البطالة. وأظهرت بيانات حكومية الأسبوع الماضي ارتفاع عدد الوظائف غير الزراعية بأقل من المتوقع في أغسطس/ آب، لكن معدل البطالة انخفض إلى 4.2 % من 4.3 % في يوليو/ تموز.

عمليات بيع للدولار

وقال كاتسوتوشي إينادوم، الخبير الاستراتيجي في "سومي تراست" وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، إن التجار باعوا الدولار عندما علموا أن خيار التخفيض الأكبر لا يزال مطروحاً على الطاولة لدى مسؤولي البنك المركزي الأميركي. وتوقع إينادوم  أن لا ينخفض الدولار أكثر مقابل الين، لأنه من غير الواضح إلى أي مدى سيستمر بنك الاحتياط الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة بعد سبتمبر، وقد لا يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة أكثر من ذلك بكثير. 

وقال تقرير الصحيفة ذاتها، إن المخاوف بشأن أرباح المصدرين اليابانيين في الخارج وسط ارتفاع قيمة الين أدت إلى انخفاض أسهم طوكيو أمس الجمعة، وانخفض مؤشر نيكي للأسهم بنسبة 0.7%. وقال ماسايوكي كوبوتا، الخبير الاستراتيجي في شركة راكوتين للأوراق المالية في طوكيو، إن العديد من الشركات اليابانية وضعت توقعات للسنة المنتهية في مارس/ آذار 2025 على افتراض أن متوسط سعر الدولار سيصل إلى 145 يناً. مشيراً إلى أن "ارتفاع قيمة الين إلى ما بعد هذا المستوى يمكن أن يكون عاملاً في المراجعة النزولية لتوقعات الأرباح". 

ارتفاع ثروات الأسر الأميركية

في سياق مختلف، أظهر تقرير للبنك المركزي الأميركي أن ثروات الأميركيين ارتفعت في الربع الثاني من العام الجاري إلى 163.8 تريليون دولار وهو مستوى غير مسبوق بفضل زيادة أسعار العقارات، فضلاً عن المكاسب في سوق الأسهم. ويرجع الارتفاع في صافي ثروات الأسر والمؤسسات غير الربحية، الذي بلغ 161 تريليون دولار في نهاية الربع الأول وفقاً لما نقلته وكالة رويترز عن تقرير المركزي الأميركي، إلى حد بعيد لزيادة قدرها 1.8 تريليون دولار في قيمة حيازات العقارات ومكاسب قدرها 700 مليار دولار في قيمة حيازات الأسهم.

في الوقت نفسه، ارتفعت ديون الأسر بمعدل سنوي بلغ 3.2 %، وهو الأسرع منذ الربع الثالث من 2022. كما أظهر التقرير أن النقد المتداول شهد انخفاضاً طفيفاً، مع بلوغ إجمالي الأرصدة في البنوك وصناديق أسواق المال وحيازات العملات الأجنبية 18.44 تريليون دولار في نهاية يونيو /حزيران، بانخفاض عن مستوى قياسي بلغ 18.51 تريليون في نهاية مارس/ آذار.

واختتمت سوق الأسهم الربع الثاني قرب مستويات غير مسبوقة، إذ حقق المؤشر ستاندرد اند بورز 500 القياسي عائداً إجمالياً بلغ 4.3 %، بما في ذلك توزيعات الأرباح المعاد استثمارها. وأشار التقرير أيضاً إلى ارتفاع ديون قطاع الشركات 3.8 % على أساس سنوي في الربع الثاني، وذلك مقارنة بزيادة بلغت 4% في الربع الأول. 

المساهمون