استمع إلى الملخص
- تتوقع بنوك استثمارية استمرار التوسع الاقتصادي مع نمو الناتج المحلي بنسبة 2.5%، بينما تتوقع BCA Research ركودًا اقتصاديًا قد يؤدي لانخفاض مؤشر S&P 500 بنسبة 26%.
- تلعب أسعار الفائدة وسياسات الاحتياط الفيدرالي دورًا حاسمًا، مع توقعات بفرص استثمارية جديدة بسبب التطورات التكنولوجية، وزيادة التقلبات بسبب الضغوط الاقتصادية.
بينما بات العالم على مشارف عام 2025 وتسلّم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، كيف يبدو مسار سوق المال الأميركي في وول ستريت التي واصلت ارتفاعها الصاروخي منذ تواتر التنبؤات بفوز الجمهوريين، ثم إعلان النتائج وصولاً إلى اليوم؟
وفق بيانات شركة "فاكت سيت" الأميركية، بلغت القيمة الرأسمالية لسوق وول ستريت حتى نهاية يوم الثلاثاء، 55.2 تريليون دولار، وهو ما يعني أن سوق المال باتت قيمتها تساوى ضعف حجم الاقتصاد الأميركي المقدر بنحو 28 تريليون دولار في العام الجاري. وكسب مؤشر "ستاندرد آند بوورز 500" بعد فوز ترامب وحتى 11 ديسمبر/كانون الأول 1.9 تريليون دولار، وفق نشرة "انفسترز بيزنس ديلي" الأميركية.
وتتوقع بنوك استثمارية، في تقارير، خلال الشهر الجاري، سيناريو لسوق "وول ستريت"، يواجه فيه المستثمرون تقلبات وهشاشة متزايدة في عام 2025، وسط هاجس جمارك ترامب وحروبه التجارية. ويتوقع خبراء أن يتأثر أداء سوق الأوراق المالية الأميركية في عام 2025، بأربعة عوامل رئيسية، هي: النمو الاقتصادي وأرباح الشركات وأسعار الفائدة وسياسات الاحتياط الفيدرالي، والعوامل الجيوسياسية والسياسات التجارية، واتجاهات الإنفاق الاستهلاكي، بالإضافة إلى عوامل أخرى أقل تأثيراً مرتبطة بالتقنية ونفسيات المستثمرين.
على صعيد النمو الاقتصادي وأرباح الشركات الذي يعدّ المحرك الرئيسي لأداء سوق الأوراق المالية، تتوقع بنوك، مثل "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" في تقارير صدرت حديثاً، استمرار التوسع الاقتصادي، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5%. ويتوقع محللو "غولدمان ساكس" أن ترتفع أرباح الشركات بشكل كبير، ويتوقع "غولدمان ساكس" زيادة بنسبة 11% في الأرباح، مما قد يدعم ارتفاع أسعار الأسهم. وعلى العكس من ذلك تتوقع شركة BCA Research البريطانية حدوث ركود في الاقتصاد الأميركي قد يؤدي إلى انخفاض بنسبة 26% في مؤشر S&P 500 بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتحديات الإنفاق الاستهلاكي.
أما بالنسبة لسلوك المستهلك الأميركي الذي يعد أمراً بالغ الأهمية للاستقرار الاقتصادي والنمو، يشعر محللون بالقلق بشأن الانخفاضات المحتملة في الإنفاق الاستهلاكي مع تضاؤل المدخرات الوبائية، وارتفاع معدلات التأخر في سداد بطاقات الائتمان. وتسلط أبحاث "BCA" الضوء على أن استنزاف المدخرات يمكن أن يؤدي إلى انخفاض ثقة المستهلك، وبالتالي انكماش الإنفاق، مما يؤثر سلباً بإيرادات الشركات. ويعتمد الاقتصاد الأميركي في النمو على حجم الإنفاق الاستهلاكي الذي يقدر بقيمة تفوق 19 تريليون دولار خلال العام الجاري.
على صعيد أسعار الفائدة التي يحددها مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وتلعب دوراً حاسماً في تشكيل ظروف السوق، فإذا قرر البنك خفض أسعار الفائدة، كما اقترح "مورغان ستانلي"، فقد يؤدي ذلك إلى تحفيز الاقتراض والاستثمار، مما يؤثر بشكل إيجابي في أسعار الأسهم. ولكن عدم اليقين المحيط بسياسات بنك الاحتياط الفيدرالي المستقبلية قد يساهم أيضاً في تقلبات الأسواق.
أما العامل الرابع والأهم فهو المشهد السياسي، خاصة في ظل إدارة ترامب القادمة، وتداعياتها على ديناميكيات السوق بشكل كبير. وهنالك مخاوف من حروب تجارية محتملة قد تنشأ عن سياسات التعريفات الجمركية الجديدة. وتشير أبحاث شركة "BCA Research "على وجه التحديد إلى المخاوف بشأن "الحرب التجارية العالمية الكبرى"، والتي يمكن أن تعطل سلاسل التوريد العالمية وتؤثر سلباً بأرباح الشركات.
ويتخوف مستثمرون في سوق وول ستريت من الصراعات أو النزاعات التجارية في عهد رئاسة ترامب الثانية، وأن تؤدي النزاعات إلى تقلبات السوق، وتؤثر بسلاسل التوريد العالمية. وينصح مصرفيون المستثمرين بمراقبة التطورات في مناطق مثل أوروبا الشرقية وآسيا، حيث يمكن أن تتصاعد التوترات.
من جانبها تؤكد مؤسسة "سيتي غروب" المصرفية على دور الاضطراب التكنولوجي في تشكيل ديناميكيات السوق بحلول عام 2025. وتتوقع أن تؤدي التطورات في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البلوكشين إلى دفع نماذج أعمال جديدة، وفرص استثمارية. ويعتقد "سيتي غروب" أن الشركات التي تتبنى هذه التقنيات ستشهد على الأرجح زيادة في الإنتاجية والربحية. ويتوقع مصرف "بنك أوف أميركا" في تقرير في ديسمبر الجاري، أن تشهد السوق فترات طويلة من الهدوء، تليها تقلبات كبيرة، والتي يشيرون إليها باسم "ذيول الدهون".
كما تتوقع زيادة بمقدار خمسة أضعاف في تواتر صدمات الهشاشة بمؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، مقارنة بالمتوسطات التاريخية. من جانبه يشير بنك جيه بي مورغان في تقرير هذا الشهر، إلى أنه في حين أن العوامل الفنية تعمل حالياً على قمع تقلبات السوق، فإن مؤشرات الاقتصاد الكلي تشير إلى أن التقلبات يجب أن تكون أعلى مما لوحظ. ويقدر المصرف مستوى عادلاً لمؤشر التقلب أو المخاطر " فيكس" عند حوالي 19 نقطة، مما يشير إلى أنه يجب على المستثمرين الاستعداد لزيادة التقلبات في عام 2025، بسبب الضغوط الاقتصادية المستمرة، وعدم اليقين المحيط بالسياسات الأميركية.