التضخم يفترس الطبقة الوسطى في ألمانيا

09 فبراير 2022
متجر للسلع الغذائية في برلين (Getty)
+ الخط -

يشعر الألمان بالقلق من الغلاء وصعوبة الحفاظ على مستوى معيشتهم بسبب موجة التضخم وفقدان الرواتب قيمتها، فيما وصلت تكاليف الطاقة والإيجار والتسوق والخدمات إلى أعلى مستوياتها منذ العام 1993.

ووفق بيانات نسبتها صحيفة "دي فيلت" لوكالة الائتمان الألمانية "شوفا"، أضحى حوالي 44 في المائة من الألمان لا يملكون القدرة المالية للحفاظ على مستوى المعيشة الذي اعتادوا عليه.

من جانبها، قالت صحيفة هاندلسبلات الألمانية إن الوضع بات أكثر صعوبة فيما يتعلق بتأمين كلفة التدفئة إن كان بالغاز أو زيت التدفئة، وأنه بحسب الرابطة الفيدرالية لصناعات الطاقة والمياه، فإنّ متوسط الفاتورة يمكن أن يكون أعلى بحوالي 70 في المائة مما كان عليه في السابق.

ويبرز خطر التضخم بتأثيره على عدد من المنتجات والخدمات، وهذا ينطبق بشكل خاص على الغذاء والنقل وينسحب على الترفيه والتسلية الذي بات يثقل جيب المواطن مع تضاؤل القوة الشرائية للمستهلكين.
وأشار تقرير ألماني إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 6 في المائة تقريباً، وأصبحت الخضروات ذات تكلفة أكبر بسبب ضعف المحاصيل في الآونة الأخيرة في البلاد، بسبب ارتفاع مستوى أسعار الحبوب عالمًيا، حتى بات يتعين على المستهلك دفع المزيد مقابل الخبز والحليب والأجبان والألبان.

وأكد مكتب الإحصاء الفيدرالي أن سعر وقود الطاقة للمنازل ارتفع بدرجة قياسية في البلاد. وفي المؤشر العام يتبين أن أسعار الغاز زادت بنسبة 77 في المائة وزيت التدفئة بنسبة 52.6 في المائة ووقود السيارات 25.5 في المائة عن السنوات السابقة، سيما وأن زيادة ضريبة ثاني أوكسيد الكربون قد ارتفعت من 25 الى 30 يورو لكلّ طن.
ومع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، زادت تكاليف النقل بشكل كبير على الأفراد وبالأخص الذين يتنقلون يومياً بين مساكنهم ومراكز أعمالهم.

وبلغ سعر الليتر الواحد من البنزين نحو 1.74 يورو، ما دعا الكثيرين لإعادة التفكير في اختيارهم وسائل التنقل والتي من بينها استخدام النقل المشترك أو القطار بدلاً من السيارة.

وفي السياق، أشار موقع "دويتشلاند فونك" إلى أنه اضحى من المهم للغاية النظر في رفع الأجور والمرتبات لتعويض المواطنين عن التضخم.

 مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، زادت تكاليف النقل بشكل كبير على الأفراد خاصة الذين يتنقلون يومياً بين مساكنهم ومقار عملهم

وفي الإطار نفسه، بينت دراسة لمعهد الاقتصاد الكلي وأبحاث دورة الأعمال (آي أم كاي) التابع لمؤسسة هانز بوكلر، أن الطبقة الوسطى والأسر تأثروا على وجه الخصوص من ارتفاع الأسعار في ألمانيا، حيث ارتفعت سلة الاستهلاك لديها بنسبة 5.5 في المائة، وزادت تكاليف أسعار الغذاء والطاقة والضروريات الأساسية التي يصعب خفض استهلاكها.
وبحسب تقدير أولي لمكتب الإحصاء الفيدرالي، خلال يناير/ كانون الثاني الماضي ارتفعت أسعار السلع والخدمات بنسبة 4.9 في المائة، بعدما وصل الارتفاع خلال ديسمبر/ كانون الأول 2021 إلى 5.3 في المائة.
ورغم اعتبار التضخم مؤشراً رئيساً لارتفاع الأسعار، فإنّ المحرك الآخر هو الاختناقات الناجمة عن اضطرابات سلاسل التوريد العالمية نتيجة لأزمة كورونا ونقص المواد، وبدرجة أقل تكاليف التحول البيئي ايضاً وتداعياتها على مستويات الأسعار والطلب القوي على السلع مقابل النقص في العرض، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط الخام، ناهيك عن الاضطراب الجيوسياسي الناجم عن الأزمة الأوكرانية مع تقليص روسيا إمداداتها من الغاز.

ووفقاً لاستطلاع أجراه معهد "إنسا" لصالح صحيفة "بيلد " فإنّ ثلث المستطلعة آراؤهم، وجدوا أنّ الحكومة الفيدرالية بقيادة المستشار الاشتراكي، أولاف شولتز، مسؤولة بشكل أساس عن ارتفاع معدل التضخم في البلاد.
وتتوقع شبكة "إيه آر دي" الإخبارية الألمانية، أن يبقى معدل التضخم فوق 3 في المائة هذا العام، لكنّ التقديرات عرضة وبدرجة كبيرة للتغيير.

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي فولكر فيلاند فراى في تعليقات لصحيفة "ميركور أونلاين" أنّ معدلات التضخم ستستمر في الارتفاع، والسيناريو المحتمل أن يصل المعدل الوسطي للتضخم إلى 4 في المائة خلال العام 2022.

في المقابل، قال رينيه شوومان العضو المنتدب لمجموعة "ديسلدورف" الاستشارية، التي تدعم الشركات في المفاوضات مع الشركاء التجاريين، إنّ الموجة الكبيرة من الزيادات في الأسعار بالنسبة للمستهلكين لم تأتِ بعد.

المساهمون