التضخم يدفع مزيداً من المصريين إلى قاع الفقر

29 نوفمبر 2022
المزيد من الأسر مهددة بالدخول في دائرة الفقر (Getty)
+ الخط -

يواصل الجنيه المصري تراجعه أمام العملة الأميركية ليقترب من رقم قياسي جديد، بعدما تخطى سعر الدولار 24.5 جنيها بالبنوك مقابل 15.64 جنيها في يناير الماضي، واستمرار تذبذبه في السوق الموازية مرتفعا بنحو جنيه واحد خلال أسابيع قليلة.

وباتت المزيد من الأسر المصرية تحت تهديد الدخول في دائرة الفقر وتغيير أنماط الاستهلاك والاستغناء عن سلع أساسية تحت ضربات موجات الغلاء المتعاقبة خلال الفترة الأخيرة.

وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن تذبذب سعر الدولار في السوق الموازية، واستمرار ارتفاعه في البنوك، يعكس حالة عدم الاستقرار التي تشهدها حركة العرض والطلب على العملة، بما يتطلب تدخل البنك المركزي لوضع سعر للدولار أعلى من السوق الموازية يمكّنه من السيطرة على سوق العملات الحرة وعلى رأسها الدولار.

ويعزو مراقبون حالة عدم الاستقرار في سعر الصرف إلى حاجة البنوك لتدبير العملة الصعبة للموردين والمصانع التي تتراكم مطالبها لاستيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج، مع تراجع تحويلات المصريين من الخارج، التي تعد المصدر الأول للدولة من النقد الأجنبي، وعدم وجود تدفقات استثمارية مباشرة، في وقت تتجه فيه الشركات الدولية إلى تصفية حساباتها السنوية خلال الأسابيع المقبلة.

وأظهرت إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي)، تراجع تحويلات المصريين بالخارج إلى 20.9 مليار دولار خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب 2022، من 21.4 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة تراجع 2.3%.

ويخشى عبد المطلب من أن يؤدي عدم استقرار سعر الصرف إلى قفزات جديدة في سعر الدولار، حيث يلجأ البنك المركزي عادة إلى طرح السعر بمعدلات أعلى من السوق الموازية، ليتمكن من السيطرة على سوق العملات، ما قد يرفع سعر الدولار إلى نحو 27 جنيها في الفترة المقبلة.

وحذر من تسبب تراجع سعر الجنيه في إحداث قفزات جديدة في معدلات ارتفاع الأسعار، وخاصة السلع الغذائية والضرورية للمواطنين، والتي تشهد موجات غلاء متتالية منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، زادت حدتها مع لجوء الحكومة للتعويم الثالث للجنيه، مطلع الشهر الماضي.

وتوقع الخبير الاقتصادي أنه في حال ارتفاع قيمة الدولار لأعلى من 25 جنيها، ستحدث طفرات جديدة في حالة الأسعار، ستراوح ما بين 10 و20%، لتضيف المزيد من الضغوط على الأسر المتوسطة والفقيرة.

وارتفع التضخم العام بنسبة 16.2%، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء عن شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما زاد التضخم الأساسي وفقا لأسعار المستهلكين التي سجلها البنك المركزي عن الفترة نفسها إلى 19%، مقارنة بالفترة المناظرة لها عام 2021.

ويتوقع صندوق النقد الدولي، وفقا لدراسة حول آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط، أصدرها في نهاية أكتوبر الماضي، زيادة معدلات التضخم بمصر في ظل استمرار تعرض المنطقة لأجواء من عدم اليقين ومخاطر حدوث تطورات سلبية تؤدي إلى تباطؤ النمو خلال عام 2023، ليصل إلى 3.6%. تؤكد الدراسة ارتفاع معدلات التضخم لأسعار المستهلك في مصر من 8.5% في المتوسط العام سنويا 2022 إلى 12% لعام 2023.

يؤكد خبراء اقتصاد أن زيادة الأسعار ستؤدي حتما إلى وقوع مزيد من الأسر المصرية متوسطة الدخل في دائرة الفقر وأخرى ستتجه إلى الفقر المدقع، في ظل استمرار تراجع قيمة الجنيه والدخول، مع ارتفاع أسعار السلع الضرورية، وعلى رأسها الغذاء والعلاج والمواصلات وخدمات التعليم، التي تمثل الجزء الأكبر من نفقات الأسر المصرية.

ويشير الخبراء إلى أن رفع البنك الدولي الخط العالمي للفقر من 1.90 دولار كحد أدنى للدخل اليومي للفرد، إلى 2.15 دولار، اعتبارا من أكتوبر الماضي، أدى إلى دخول ملايين المصريين تلقائيا في دائرة الفقر المدقع.

يشير الخبراء إلى رصد الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة عام 2019-2020، وجود 29.7% من المصريين في دائرة الفقر، لافتين إلى أن تراجع الجنيه بنسبة 57% وتضاعف أسعار السلع، منذ بداية العام الحالي، أوقع المزيد من الأسر في دائرة الفقر المدقع، ستظهر أرقامها الدقيقة في إحصاءات الدولة خلال المرحلة المقبلة.

كشفت دراسة للجهاز المركزي للإحصاء أجراها على عينة من 17 ألف أسرة في أغسطس/ آب الماضي، عن شكوى 99.8% من المصريين من غلاء أسعار الأغذية، وأكدت 31.9% من الأسر بالمدن عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات الأساسية، ترتفع إلى 37.7% للمقيمين بالريف.

تبين الدراسة أن 65.8% من الأسر تأثرت نفقاتها سلبا على السلع الغذائية وغير الغذائية، وانخفض استهلاك 74% منها على السلع الغذائية و90% انخفض استهلاكها للبروتينات من اللحوم والأسماك والطيور و50% قلت نفقاتها على خدمات النقل والمواصلات. وفقا للدراسة، تعاني 33% من الأسر المصرية من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات الشهرية التي كانت تتوافر لهم قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا.

المساهمون