استمع إلى الملخص
- رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور وأسعار الفائدة لدعم العمال، لكن التضخم انخفض ببطء ليصل إلى 49.4% في سبتمبر 2023، مع توقعات بالوصول إلى خانة الآحاد بحلول 2026.
- تتطلب التحديات الاقتصادية العالمية إجراءات حاسمة، مثل تحسين مناخ الأعمال، لكن زيادة الأجور قد تعيق خطط تخفيض التضخم وتؤثر على الليرة.
لا يزال الاقتصاد التركي، يعاني ارتفاع معدل التضخم وتذبذب الليرة، رغم مرور أكثر من عام ونصف العام على الفريق الاقتصادي الحكومي وطرحه "برنامج الإنقاذ"، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى تحذير أنقرة من مخاطر التباطؤ في خفض التضخم.
وحث صندوق النقد الدولي تركيا على تسريع جهودها في مكافحة التضخم، مشيراً إلى أن الزيادة المرتقبة في الأجور قد تشكل نقطة تحول سياسية مهمة. وفي بيان صدر عن الصندوق بعد زيارة روتينية للدول الأعضاء، تُعرف باسم "المشاورات بموجب المادة الرابعة"، أكد الصندوق أن "النهج التدريجي الذي تتبعه السلطات في مكافحة التضخم يطيل الفترة التي قد تظهر خلالها المخاطر".
وأوصى الصندوق بضرورة اتخاذ إجراءات أكبر وأسرع لتقليص عجز الموازنة، وحث على تنسيق السياسات المالية والنقدية وسياسات الدخل بشكل أكثر فعالية. كما أشار إلى أن ربط الأجور بتوقعات التضخم المستقبلية بدلاً من التضخم الفعلي السابق يمكن أن يسهم كثيراً في كبح الأسعار.
ورفعت تركيا الحد الأدنى للأجور مرتين في عام 2023 في محاولة لدعم العمال المتضررين من أزمة غلاء المعيشة في عام الانتخابات. وفي عام 2024، رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور مرة واحدة فقط رغم الدعوات المستمرة من النقابات العمالية وأحزاب المعارضة. كذلك رفعت أسعار الفائدة تدريجياً خلال عام إلى 50% بعد أن كانت 8.50%.
ومهدت إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو/أيار 2023 الطريق أمام تحول اقتصادي في السياسات. وبالرغم من هذه الإجراءات، أظهرت البيانات الأخيرة انخفاض التضخم انخفاضاً أبطأ من المتوقع ليصل إلى 49.4% على أساس سنوي في سبتمبر/أيلول الماضي، مقابل 51.97% على أساس سنوي في أغسطس/آب.
رئيس الفريق الاقتصادي وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، قال بعد إعلان نسبة التضخم أخيراً إن الحكومة التركية تعمل بجد لتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق انخفاض دائم في معدل التضخم، مشيراً إلى أن هذه الجهود تهدف إلى إعادة الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.
وأضاف شيمشك أن خطط الحكومة تتوقع انخفاض معدل التضخم إلى خانة الآحاد بحلول عام 2026، وهو ما يعتبر هدفاً استراتيجياً طويل الأمد في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة. وأوضح أن هذه الإصلاحات تشمل تعزيز الانضباط المالي، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وكذلك تعزيز الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية لتجنب الاعتماد المفرط على الاستيراد.
وأشار إلى أن الحكومة تدرك أن التحديات الاقتصادية العالمية، إلى جانب تأثير التضخم على الأوضاع المعيشية للمواطنين، تتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة ومستدامة. كما شدد على أهمية التعاون مع المؤسسات الدولية والخبراء الاقتصاديين لتحقيق هذه الأهداف، مع التركيز على تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية لتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
ويرى المحلل الاقتصادي التركي باكير أتاجان لـ"العربي الجديد"، أن أي رفع كبير للحد الأدنى للأجور، يزيد من معروض الليرة بالسوق وقد يعيق خطط تخفيض التضخم ويزيد من تراجع سعر الليرة، في حين أن رفع الحد الأدنى، مطلع العام المقبل، سيسير بالتوافق مع الخطة الاقتصادية.
ويخشى محللون من ضخ مزيد من العملة التركية في الأسواق، ما يزيد من تراجع الليرة، التي سجلت، أمس الأحد، 34.405 ليرة مقابل الدولار. وأجلت الحكومة زيادة الحد الأدنى للأجور، منتصف العام الجاري، مكتفية بزيادة مطلع العام، حين رفعت الحد الأدنى إلى 17002 ليرة تركية (494.2 دولاراً)، على الرغم من أنه أقل من الحد الأدنى لمستوى المعيشة والفقر، وفق بيانات نقابية.
ووفق المحلل التركي فإنه لا بد من البحث عن طرق أخرى لتحسين مستويات المعيشة، مثل خفض نسبة الضرائب وتدخل الدولة لضبط الأسعار ودعم الإنتاج الزراعي والصناعي، بجانب تطبيق زيادة معقولة للأجور.
وتظهر بيانات صادرة عن الاتحاد التركي لنقابات العمال "Türk-İş" لشهر أيلول/سبتمبر أن تكلفة المعيشة الشهرية للموظف الأعزب وصلت إلى 25706 ليرة.
وبدأت تركيا، منذ إعادة انتخاب الرئيس، رجب طيب أردوغان وتشكيل الحكومة العام الماضي، بوضع خطة لمواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة، معلنة برنامجاً اقتصادياً، ومن ثم تعديله الشهر الماضي، لتحسين الأداء والمؤشرات خلال أعوام 2025-2027.
وتضمنت التعديلات توقعات ببلوغ التضخم 41.5% بحلول نهاية العام المقبل 2025، مقارنة بتوقعات 33% في البرنامج السابق، و17.5% في نهاية 2026 مقابل التقديرات السابقة البالغة 9.7%.
كما خفضت الحكومة من سقف توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025 من 4.5% إلى 4%، في حين تتراجع توقعات النمو للعام الحالي من 4% إلى 3.5%، ولعام 2026 من 5% إلى 4.5%، فيما حُدد هدف النمو لعام 2027 بـ5%.