"التشغيل الوطني" في الأردن لا يحل مشكلة البطالة

13 مارس 2024
معدل البطالة بلغ 22.3% خلال الربع الثالث من العام الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

انتقدت منظمات مدافعة عن حقوق العمال برنامج التشغيل الوطني في الأردن، مشيرين إلى أنه لا يحقق الهدف المرجو منه في حل مشكلة البطالة، وطالبوا بإعادة النظر فيه لمعالجة ما وصفوه بالانتهاكات بحق العمال من قبل أصحاب العمل.

ووفق تقرير أصدره المرصد العمالي، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، اطلعت عليه "العربي الجديد"، فإن برنامج التشغيل لم يستهدف السبب الأساسي لارتفاع معدلات البطالة، الذي يتمثل في تراجع قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل كافية لطالبيها، وهو ما يعود إلى اختلالات في السياسات الاقتصادية التي أرهقت الاقتصاد والمجتمع عبر الضرائب غير المباشرة.

ويشير التقرير الذي جاء بعنوان "العمل اللائق في الأردن 2023" إلى أن برامج التشغيل تفتقر إلى استهداف الضعف الكبير في شروط العمل، في معظم فروع القطاع الخاص، وخاصة مستويات الأجور المنخفضة، من خلال تطبيق ما يسمى سياسات العمل المرن.

وفق المرصد العمالي، فإن من أهم تلك الانتهاكات التي يتعرّض لها العمال الأردنيون عدم حصول العديد من المستفيدين من برنامج التشغيل الوطني على الأجر المستحق

ويلفت إلى أن وزارة العمل خاضت في أمور خارج نطاق عملها، وتناست دورها الرئيسي في تنظيم سوق العمل، وزيادة منظومة التفتيش وتطويرها.

وبلغ معدل البطالة في الأردن 22.3% خلال الربع الثالث من العام الماضي 2023، بانخفاض محدود بلغت نسبته 0.8% عن الفترة ذاتها من عام 2022، الذي بلغ آنذاك 23.1%، فيما ثبت معدل البطالة مقارنة مع الربع الثاني من العام نفسه.

ووفق المرصد العمالي، فإن من أهم تلك الانتهاكات التي يتعرّض لها العمال الأردنيون عدم حصول العديد من المستفيدين من برنامج التشغيل الوطني على الأجر المستحق من صاحب العمل، إضافة إلى انتهاكات أخرى تتعلق بساعات العمل الطويلة، وحرمانهم من الإجازات.

ويهدف البرنامج إلى تشغيل 60 ألف عامل وعاملة، وفقاً للموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة العمل بأجور شهرية لا تقل عن 260 ديناراً (185.7 دولاراً) ويدعم البرنامج 150 ديناراً منها، مع بدل مواصلات واشتراكات الضمان الاجتماعي، في حين يلتزم صاحب العمل بدفع نحو 100 دينار للعامل.

كما يلتزم صاحب العمل، وفق البرنامج، بتوقيع عقد لمدة سنة مع العامل المراد تشغيله، يتخللها تدريب للعامل في مواقع العمل من شهر إلى ثلاثة أشهر، ويتكفل البرنامج بتكاليفه.

ونقل "المرصد العمالي" عن عمال قولهم إن المستفيد الأول من برنامج التشغيل هو صاحب العمل، وأن البطالة تدفعهم لقبول ما ينتهك حقوقهم المهنية والعمالية وبأجر أقل بكثير من الحد الأدنى، حتى لا يكونوا عبئاً على أحد، وأنهم لا يحصلون على نسخة من العقد محدد المدة.

خبير التأمينات الاجتماعية: الحكومة حتى الآن، لم تعلن أنها أعدت تقريراً مفصلاً عن نتائج أي من البرامج التشغيلية التي أطلقتها

تعمل (م. أ) في إحدى المدارس الخاصة، وهي إحدى المستفيدات من برنامج التشغيل الوطني العام الماضي. وقالت إن لديها عقد عمل محدد المدة، وأن الأجر المحدد في العقد هو 260 ديناراً شهرياً، بينما لا تحصل إلا على 130 ديناراً.

وأضافت أنها لا تحصل على إجازات سنوية، وإذا اضطرت إلى إجازة يجب أن تكون هناك معلمة بديلة عنها، وهو ما لم تلجأ إليه حتى هذه اللحظة، والعديد من المعلمات يلجأن إلى معلمات أخريات ليستطعن أخذ إجازات مقابل مبلغ مالي يدفع لهن.

ويعمل (أ. أ) في مجال الصحافة لدى أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية منذ خمسة أشهر، وهو أحد المستفيدين من برنامج التشغيل الوطني، وأجره الشهري 92 ديناراً فقط.

وقال إن ما يحصل عليه يذهب نصفه أجور تنقلات من مكان العمل وإليه الذي غالباً ما يكون في الميدان. وأضاف أنه لا يوجد أي جهة يرجع إليها عند تعرضه لأي انتهاك عمالي، وأن وزارة العمل لا تتابع قضايا ممن يستفيدون من برنامج التشغيل الوطني.

وشدد خبراء ومتخصصون في مجال العمل على ضرورة أن تتابع وزارة العمل برامج التشغيل وتقييمها بشكل مباشر، وأن تعمل على مراجعتها مع العمال أنفسهم لمعرفة ما يتعرضون له، وتشجيعهم على تقديم شكاوى حال تعرضوا لأي انتهاك حقوقي، وأن يكون ذلك من خلال تطبيق أو منصة إلكترونية تابعة للوزارة.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي هاشم عقل لـ"العربي الجديد" إن برامج التشغيل، الأصل فيها أن تشكل مدخلاً لكثير من المتعطلين عن العمل، لإيجاد فرص عمل مناسبة في مختلف القطاعات، بحيث يتاح لهم العمل واكتساب الخبرات اللازمة التي تدفع أصحاب العمل لتشغيلهم والتمسك بهم.

وأضاف عقل أن هناك بعض الاختلالات التي يمكن معالجتها بما يرفع الاستفادة من هذه البرامج، بحيث تتحقق الفائدة بتوفير فرص العمل، والحد من البطالة، دون أن تكون هنالك ممارسات غير مشروعة، من قبل بعض أصحاب العمل.

وأشار إلى أنه يتوجب الوقوف على ملاحظات وشكاوى العاملين بموجب برامج التشغيل الوطني ودراستها بالشكل الذي يعالج الانحرافات التي تكتنف الممارسات على أرض الواقع.

بدوره، قال الخبير في قضايا العمل والعمال حمادة أبو نجمة، إن برنامج التشغيل لا يحد من مشكلة البطالة وما يدلل على ذلك أن أرقام ونسب البطالة مستقرة، وأنه من الأفضل تسميته استناداً لما هو عليه الآن بـ"خدمات التشغيل" كأي خدمة يومية قد تقدم للمواطنين.

وأوضح أن برامج التشغيل التي تهدف إلى الحد من البطالة تحتاج إجراءات مختلفة تماماً، ويجب أن تكون من خلال ربط المستفيدين بالوزارات، مثل وزارة الاستثمار، ووزارة الصناعة والتجارة، من خلال وزارة العمل، ويجري ذلك عبر مكاتب تشغيل في المحافظات تربط المستفيدين بأصحاب العمل.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

في السياق، قال خبير التأمينات الاجتماعية والناطق السابق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، موسى الصبيحي، إن من السهل أن تطلق الحكومة برامج للتشغيل مثلما أطلقت برنامج التشغيل الوطني، لكن الأهم هو متابعة سير عمل البرنامج وتقييم نتائجه على أرض الواقع".

وأضاف الصبيحي أن الحكومة حتى الآن، لم تعلن أنها أعدت تقريراً مفصلاً عن نتائج أي من البرامج التشغيلية التي أطلقتها، ولم نعرف مدى تقييم تلك البرامج، ولا الفرص الحقيقية التي وفرتها، وما إذا كانت فرصاً مستدامة أم مؤقتة، مؤكداً ضرورة متابعة تنفيذ البرنامج، ومراجعة أي معوقات تؤثر في تقدمه ونجاحه.

وفي رد لوزارة العمل على تقرير "المرصد العمالي"، قالت إنها تتابع المشتغلين كافة، من خلال البرنامج، عبر الوحدة المسؤولة عن البرنامج داخل الوزارة، وتتابع أي ملاحظات أو شكاوى أو انتهاكات عمّالية تصلها.

وبينت أن عدد الملتحقين بالعمل والموقعين على عقود عمل في البرنامج مع منشآت القطاع الخاص العام الماضي بلغ 32700 شخصاً في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية.

المساهمون