التزام كبير لموظفي بنوك تونس بإضرابهم.. وصمت رسمي

06 يوليو 2021
مخاوف من المخاطر المالية المترتبة على تعطّل القطاع المصرفي (Getty)
+ الخط -

مثّل إضراب البنوك والمؤسسات المالية والتأمينات، الحدث الأبرز في تونس، أمس الاثنين، فيما يتواصل، اليوم الثلاثاء، توقف العمل في المقرات الرئيسية للمصارف والبنك المركزي التونسي في كامل محافظات البلاد. وفي المقابل، التزمت السلطات الرسمية وجمعية البنوك، الصمت، رغم تداعيات الإضراب المباشرة على الاقتصاد، وتعطل حركة تداول الأموال وكل أشكال العمليات المصرفية، كما لم يصدر أي رد فعل من قبل البنك المركزي الذي شارك موظفوه في الإضراب.

واستجاب، أمس، أكثر من 21 ألف موظف في القطاع المصرفي والمالي وشركات التأمين إلى دعوة نقابتهم العامة للإضراب، وأغلقت البنوك وشركات التأمين أبوابها لأول مرة في تاريخ البلاد، كما أقفلت مقراتها أمام العملاء وتوقفت كل العمليات المالية والأنشطة المصرفية.
وتجمّع موظفو البنوك والمؤسسات المالية، صباح أمس، أمام مقرات عملهم قبل التوجه إلى مقر قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل للمشاركة في تجمع عمالي دعت إليه جامعة البنوك والمؤسسات المالية. وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، إن القطاع البنكي "يدافع عن حقوق منظوريه المهنية والمالية، وإن القطاع الذي يخزّن أرباحاً يساهم في تحقيقها موظفو القطاع بالفكر والساعد ومن حقهم الحصول على حقوقهم".

وأصدرت جامعة البنوك والمؤسسات المالية ترتيبات الإضراب، يوم الجمعة الماضي، تزامنا مع عطلة نهاية الأسبوع في تونس ما تسبب في ضغوط على الصرافات المالية لسحب الأموال من قبل العملاء تجنّبا لشح السيولة لديهم وعدم القدرة على استعمال البطاقات البنكية وكل أدوات الدفع الإلكتروني طيلة أيام الإضراب.

وقال الشاذلي فارح، وهو موظف بالقطاع البنكي وكاتب عام نقابة فرع المصرف الذي يعمل فيه، إن الإضراب حقق نسبة نجاح عالية وصلت إلى 100 بالمائة في أغلب البنوك.

وأكد فارح في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه ليس من السهل أن تتعطل آلة الإنتاج في واحد من أهم القطاعات الحيوية في البلاد، غير أن وصول المفاوضات مع الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية أدى إلى قرار الإضراب، وفق قوله. وأضاف أن الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية أصبحت تحت وصاية لوبي مالي للعائلات المتنفذة التي تتحكم في مصير القطاع بإدارتها لواحد من المصارف الكبرى في البلاد، مشيرا إلى أن هذه العائلات تجر القطاع المالي إلى عواقب وخيمة بسبب التحايل على القانون واللجوء إلى تشغيل الموظفين بعقود هشة إلى جانب التنكر لحقوق الموظفين.
وأكد فارح أن جمعية البنوك والمؤسسات المالية وقعت في إبريل/ نيسان الماضي اتفاقا مع النقابة العامة للبنوك يقضي بتمكين الموظفين من زيادات في الرواتب عامي 2020 و2021، لكنها تنكرت للاتفاق، وتم إسقاط كافة المسار التفاوضي بدفع من العائلات الريعية التي تتحكم في القطاع المالي، حسب قوله.

نبه مختصون في القطاع المالي من تداعيات الإضراب في القطاع المصرفي على اقتصاد البلاد ومستقبل المحادثات الرسمية الجارية مع صندوق النقد الدولي وصورة تونس لدى المانحين

ولم تصدر عن جمعية البنوك والمؤسسات أي ردود فعل أو محاولات للعودة إلى المفاوضات، مكتفية ببلاغ وحيد أصدرته الجمعة، قالت فيه إن الجمعية سعت إلى بحث حلول مع النقابات، غير أن مسار المفاوضات تعطل.
وأكدت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، في بلاغ نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك، أنها اقترحت على الطرف النقابي زيادة استثنائية وغير مسبوقة على كتلة الأجور بنسبة 8 بالمائة، مع مفعول رجعي ابتداء من غرة يناير/كانون الثاني 2021، مبرزة أن ذلك يعني زيادة شهرية تتراوح بين 230 و337 دينارا شهريا لكل عون (موظف) حسب سلم الأجور الحالي.

وأضافت الجمعية أنها قدمت المقترح رغم الظرف الاقتصادي الصعب، والذي قالت إنه اقترن بتراجع نتائج أرباح البنوك بنسبة 30 بالمائة سنة 2020.

ونبه مختصون في القطاع المالي من تداعيات الإضراب في القطاع المصرفي على اقتصاد البلاد ومستقبل المحادثات الرسمية الجارية مع صندوق النقد الدولي وصورة تونس لدى المانحين.
واعتبر الخبير المتخصص في الشأن المالي، عز الدين سعيدان، أن تعطّل القطاع المالي لمدة 48 ساعة، بما في ذلك البنك المركزي التونسي، ضربة موجعة للاقتصاد المحلي ولصورة البلاد لدى المانحين الدوليين.

وأكد سعيدان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه لا يمكن القيام بجرد لخسائر القطاع المالي المترتب عن إضراب البنوك والمؤسسات المالية، غير أن كلفة الإضراب مرتفعة نظرا لتداعياتها على القطاع الخارجي، وفق قوله.

وأضاف أن "توقف العمليات المالية وعمليات المقاصة لمدة 48 ساعة سيصيب الاقتصاد بالشلل التام"، مؤكدا أن الإضراب له تأثيرات غير مباشرة على المبادلات التجارية الخارجية التي لن يتمكن المتعاملون الاقتصاديون من تسيير عملياتهم الخاصة بالتصدير والتوريد التي ستتأخر.

ورجّح أن يتواصل الارتباك المترتب عن الإضراب لمدة أيام أخرى. كما قال سعيدان إن الإضراب يؤثر على الودائع، مشيرا إلى أن السحوبات لن تكون كبيرة، حيث سيكتفي المودعون بسحب بعض الأموال وقفا لمقادير محددة مسبقة في رصيد البطاقات التي يستعملها التونسيون.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

واعتبر أن الإضراب لا يمثل أي خطر على التعاملات التي تتم نقدا. ويرى سعيدان أن الإضرابات والوضع الاجتماعي المحتقن في القطاعات الحيوية يؤثران على محادثات تونس مع صندوق النقد الدولي، ويضعف من قدرة السلطات على إقناع مؤسسات القرض الدولية على مواصلة الوقوف إلى جانب الاقتصاد التونسي.
وفي إبريل/نسيان الماضي، قال صندوق النقد الدولي، في تقرير له حول آفاق الاقتصاد الإقليمي بعنوان "النهوض من الجائحة بناء مستقبل أفضل"، إن تونس ستستوعب نسبة إضافية من أصول البنوك تتراوح ما بين 10% و23% كديون حكومية خلال عامي 2021 و2022، بسبب تأخر تصحيح أوضاع المالية العمومية وبدء التدرج في التعافي الذي قد يستغرق فترة مطوّلة نتيجة بطء نشر اللقاحات، وما قد يترتب عليه من انخفاض في الإيرادات.

أفاد الخبير في البورصة طلال عياد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن السوق المالية تشهد تداولا ضعيفا لم يتجاوز 1.9 مليون دينار في حصة أمس، مقابل معدل تداول يتراوح بين 4 و5 ملايين دينار في ذات الفترة من العام السابق

وأكد التقرير أن البنوك قامت بدور حيوي في تمويل الحكومة سنة 2020، حيث تخطت أكثر من 50% من إجمالي الاحتياجات التمويلية للبلاد.
وتلقي النتائج التي تحققها البنوك بتأثيرها على بورصة الأوراق المالية التي أقفلت حصة الإثنين في الخانة الحمراء، مع تداول ضعيف في أسهم البنوك التي تمثل أكثر من 50 بالمائة من رسملة السوق المالية.
وأفاد الخبير في البورصة طلال عياد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن السوق المالية تشهد تداولا ضعيفا لم يتجاوز 1.9 مليون دينار في حصة أمس، مقابل معدل تداول يتراوح بين 4 و5 ملايين دينار في ذات الفترة من العام السابق، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادي العام وتفاقم الجائحة الصحية أثرا في نتائج بورصة الأوراق المالية. وأكد في سياق متصل أن إضراب البنوك تسبب في تراجع إقبال المشترين على أسهم البنوك خلال حصة الاثنين، حيث تم تداول أسهم 4 بنوك فقط من مجموع 12 بنكا مدرجا في البورصة.

المساهمون