انتقد الملياردير المصري نجيب ساويرس التأخير في تخفيض سعر الجنيه داخل النظام المصرفي، داعياً السلطات المصرية إلى مواكبة السعر المتصاعد في السوق غير الرسمية، لإنهاء أزمة النقص المزمن في العملة الأجنبية في البلاد.
وقال ساويرس في منشور باللغة العربية على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" إن تأجيل الإصلاحات "كارثة ستزيد من حجم الوضع الحرج الذي نعيشه".
التأخير في القرارت المطلوبة …مصيبة ستزيد من حجم الوضع الحرج الذي نحن فيه …واي محاولة لعلاج ازدواجية سعر الصرف بعرض الدولار بسعر اقل من السوق السوداء لن يحالفها النجاح فالصح هو البداية من سعر السوق السوداء و سينزل تدريجيا بعد وجود عرض فكل من لديه سوف يوافق علي البيع عبر القنوات…
— Naguib Sawiris (@NaguibSawiris) January 29, 2024
وانخفض الجنيه المصري في السوق الموازية متجاوزاً 70 جنيها للدولار في الآونة الأخيرة، ما يجعله أضعف بأكثر من 50% من السعر الرسمي البالغ نحو 30.9 جنيهاً.
وتشهد الأسواق المصرية حالياً نوعاً مما يمكن تسميته "التعطيش"، بعد اختفاء مفاجئ للعديد من المنتجات، لا سيما الأجهزة الكهربائية والمنزلية وقطع غيار السيارات والهواتف الذكية، في وقت تصاعدت فيه الأزمات الناجمة عن ارتفاع مديونية الدولة، وعبء سداد أقساط القروض.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تشهد فيه حركة الاستيراد جموداً لعدم القدرة على تدبير الدولار، الأمر الذي دفع بعض التجار الي احتكار السلع وتخزينها انتظاراً لارتفاع كبير في الأسعار خلال الفترة المقبلة.
سعر الجنيه وصندوق النقد الدولي
وجاءت تصريحات ساويرس بالتزامن مع خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في السنة المالية الجارية 2023-2024.
وتوقع الصندوق، في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، المنشور اليوم الثلاثاء نمو الاقتصاد المصري بمعدل 4.7% في السنة المالية القادمة 2024-2025، ما مثل خفضا للتوقعات بواقع 0.3% عن تقديرات الصندوق الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول.
وكانت وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية العالمية قد عدلت نظرتها المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "سلبية"، ما سبب حالة ارتباك في الأسواق، حيث تتصاعد المضاربة ليس فقط على الدولار وإنما الذهب وغيرهما من السلع التي توصف بالمعمرة.
وقال ساويرس: "الطريق الصحيح هو أن نبدأ من سعر السوق السوداء ومن ثم سينخفض تدريجياً، بحيث يتفق الجميع على بيع دولاراتهم عبر القنوات الرسمية إذا تساوت الأسعار".
ويتوقع معظم المحللين أن تنفذ مصر ما سيكون رابع خفض لقيمة العملة منذ أوائل عام 2022 خلال الربع الأول من هذا العام. لكن ساويرس، الذي يصنف سابع أغنى شخص في أفريقيا على مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، أشار إلى أن مصر تحتاج إلى أكثر من مجرد تعديلات تدريجية لحل الأزمة.
وقال الملياردير المصري إن أي محاولة لحل ازدواجية سعر الصرف من خلال طرح الدولار بسعر أقل من السوق السوداء لن تنجح.
وأدت الجولة السابقة من تخفيضات قيمة العملة إلى خفض قيمة الجنيه بمقدار النصف، مما أدى إلى إزعاج الشركات والمستهلكين على حد سواء في أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان. ومن شأن أي تحرك آخر أن يؤدي إلى ارتفاع مؤلم في التضخم، الذي بدأ مؤخراً في التراجع عن مستواه القياسي، والذي بلغ 38% في منتصف عام 2023.
ومن أجل التحوط ضد دوامة انخفاض قيمة العملة والتضخم في البلاد، اتجه المستثمرون المحليون إلى سوق الأسهم. وارتفع المؤشر الرئيسي EGX30 بأكثر من 18% في يناير/كانون الثاني من حيث القيمة الدولارية، لتكون البورصة المصرية ثالث أفضل بورصات العالم أداءً، بعد الأرجنتين ونيجيريا. وفي الوقت نفسه، كان تجار المشتقات المالية يزيدون رهاناتهم على تخفيض قيمة العملة، من خلال العقود الآجلة غير القابلة للتسليم (NDF) على المدى القصير.
وقالت بلومبيرغ إن ساويرس، الذي يمتلك حصصًا في مناجم الذهب عبر شركة La Mancha Resources، يشارك عادة آراءه الصريحة مع متابعيه البالغ عددهم 8.3 ملايين متابع على منصة X. ومع ذلك، فإن تعليقاته الأخيرة تمثل تدخلًا نادرًا نسبيًا منه بشأن العملة، وهي واحدة من أهم الموضوعات الاقتصادية في مصر.
وحصلت مصر على حزمة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي قبل أكثر من عام. لكن البنك الذي يتخذ من واشنطن مقرا له أرجأ مراجعتين للاتفاقية، في انتظار أن تسمح السلطات بسعر صرف أكثر مرونة، والوفاء بالإصلاحات الأخرى الموعودة، قبل تسليم المزيد من الأموال.
وبلغ حجم الديون الخارجية لمصر نحو 164.5 مليار دولار، في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة بـ43.2 مليار دولار عند تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم. وتلتزم الحكومة بجدول سداد مدفوعات للديون بقيمة 42.26 مليار دولار في عام 2024 وحده، منها 6.7 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي.