البنوك المصرية هدف الأجانب الثمين

15 يناير 2023
جاذبية القطاع المصرفي المصري قد تدفع صانع القرار نحو الإسراع في بيع حصص منه(البنك الأهلي)
+ الخط -

مع الإسراع في موجة بيع أصول الدولة زادت المخاوف لدى البعض من إعلان الحكومة عن بيع حصة من أسهم أكبر بنكين في مصر، هما الأهلي المصري ومصر اللذان يصنفان أنهما أكبر البنوك التابعة للدولة ويحتلان المرتبة الأولى والثانية في السوق من حيث حجم الودائع والقروض والأنشطة المصرفية.

أما بنك القاهرة الذي يصنف أنه ثالث أكبر بنك عام في السوق، فيبدو أن إجراءات دراسة بيعه بدأت بالفعل، حيث أبدت بنوك عربية وأجنبية عدة، منها البنك السعودي الفرنسي، اهتمامًا بالاستحواذ على البنك الحكومي الذي من المتوقع أن تتجاوز القيمة السوقية للحصة المطروحة نحو 3 مليارات دولار.

صحيح أن البنكين العملاقين، الأهلي المصري ومصر، لم يُدرجا ضمن قائمة أصول الدولة المخطط بيعها خلال السنوات الأربع المقبلة بهدف جمع حصيلة تبلغ 40 مليار دولار.

جاذبية القطاع المصرفي المصري للاستثمار الأجنبي وقوته المالية وربحيته العالية ونظافة محفظته قد تدفع صانع القرار نحو الاسراع في بيع حصص مؤثرة من أسهمه

لكن جاذبية القطاع المصرفي المصري للاستثمار الأجنبي وقوته المالية وربحيته العالية ونظافة محفظته قد تدفع صانع القرار نحو الإسراع في بيع حصص مؤثرة من أسهم البنوك القائمة، بهدف حصد مزيد من السيولة الدولارية، وربما تنتقل عملية البيع بسرعة من البنوك المشتركة إلى البنوك الحكومية.

وخلال الفترة الماضية، رأينا كيف باتت البنوك المصرية هدفا للمستثمرين العرب والأجانب الراغبين في شراء أصول مصرية متميزة، واقتناص صفقات مربحة سريعة العائد ومضمونة وقليلة المخاطر.
فقد اشترى الصندوق السيادي الإماراتي حصة الدولة في البنك التجاري الدولي- مصر، وهو واحد من أقوى وأجود البنوك العاملة ليس في مصر وحدها بل في منطقة الشرق الأوسط. وبلغت قيمة الصفقة أكثر من 900 مليون دولار.

وقطع الصندوق السيادي السعودي شوطا مهما في عملية شراء المصرف المتحد التابع للبنك المركزي المصري، في صفقة من المتوقع أن تبلغ قيمتها 600 مليون دولار، علما أن الصندوق السيادي الإماراتي أبدى رغبته أيضا في الاستحواذ على البنك المصري.

وغداً، يشتري مستثمرون عرب وأجانب حصصا في بنوك مصرية أخرى، منها البنك العربي الأفريقي الدولي والتعمير والإسكان وقناة السويس والمصري لتنمية الصادرات والمصري الخليجي والشركة المصرفية العربية والاستثمار العربي وربما العقاري العربي والتنمية الصناعية المصري، وغيرها من البنوك التي لا تزال الدولة تستحوذ على حصص مؤثرة فيها، إضافة إلى بيع حصة الدولة المتبقية في بنوك كبرى، منها الإسكندرية.

قطع الصندوق السيادي السعودي شوطا مهما في عملية شراء المصرف المتحد التابع للبنك المركزي، في صفقة من المتوقع أن تبلغ قيمتها 600 مليون دولار

وفي حال استحواذ الأجانب على هذه الحصص، فإن حصتهم ستقفز داخل القطاع المصرفي المصري، وهنا يكمن الخطر، ويكفي استحوذ الأجانب على ثالث ورابع أكبر البنوك العامة في مصر، وهما، القاهرة في حال إتمام الصفقة، وقبلها الإسكندرية الذي اشتراه بنك سان باولو الإيطالي.

ولو أخذنا في الاعتبار البنوك المصرية المملوكة حاليا لأجانب، لأدركنا خطورة الموقف، فالأجانب والعرب يمتلكون حاليا بنوكاً مصرية كبرى، منها أتش إس بي سي وكريدي أجريكول وقطر الوطني والكويت الوطني والأهلي الكويتي والأهلي المتحد والمؤسسة العربية المصرفية والبركة والتجارة وفا وغيرها.

كما تستحوذ الإمارات على عدة بنوك مصرية منها المشرق وبنك أبوظبي الأول وبنك الإمارات أبوظبي الأول وبنك أبوظبي التجاري ومصرف أبوظبي الإسلامي.

موقف
التحديثات الحية

رقعة ومساهمة الأجانب في القطاع المصرفي تتسع يوما بعد يوم، وهذا أمر يجب التعامل معه بحذر، والخطورة هنا أن البنوك قطاع حساس، فالمشتري الأجنبي لا يشتري هنا مصنعا أو عقارا أو قطعة أرض لا يستطيع تحريكها إذا ما أراد الخروج من الدولة وبيع مساهماته، لكنه يشتري مؤسسات مالية حساسة تدير أموال المودعين وتتعرف على أسرار المجتمع المالية، وتحول أرباحها الرأسمالية نهاية كل عام، وتوجه مدخرات الأفراد بما يحقق مصالحها هي لا مصالح المجتمع والاقتصاد الوطني. 

تستحوذ الإمارات على عدة بنوك مصرية منها المشرق وبنك أبوظبي الأول والإمارات أبوظبي الأول وأبوظبي التجاري وأبوظبي الإسلامي

وهنا لا نتوقع من البنك المملوك لأجانب توفير قروض لمشروعات زراعية وصناعية وإنتاجية، أو ضخ أموال في مشروعات توفر فرص عمل ضخمة، أو لها أبعاد اجتماعية من حيث الحد من الفقر والبطالة والعشوائيات، أو يمول مثلا مشروعا سكنيا موجها للطبقة الفقيرة والمتوسطة وصغار الموظفين، بل يكون همه الأكبر اقتناصاً أكبر من الربحية وتحويلها إلى الخارج.

وهذا يأتي عن طريق التوسع في القروض الاستهلاكية والشخصية وتمويل شراء السيارات والوحدات السكنية والفيلات الفاخرة وتمويل عضوية النوادي الرياضية، وربما تمويل عمليات التجميل وغيرها، أما مشروعات البنية التحتية وزيادة قدرة المجتمع على الاكتفاء الذاتي من الحبوب والأغذية والأدوية ومستلزمات الإنتاج والمواد الوسيطة، فهذا آخر ما يشغل بال تلك النوعية من البنوك المملوكة للأجانب.

 

المساهمون