في خطوة غير متوقعة ومخالفة لما تتخذه المصارف المركزية حول العالم بعد رفع "الفيدرالي الأميركي"، الأربعاء، سعر الفائدة 0.75%، أعلن البنك المركزي التركي، اليوم الخميس، خفض سعر الفائدة للشهر الثاني على التوالي، بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك في العاصمة أنقرة.
وقررت لجنة السياسة النقدية (MPC) خفض معدل الفائدة من 13 بالمائة إلى 12 بالمائة، لأن "الآثار الضعيفة للمخاطر الجيوسياسية على النشاط الاقتصادي العالمي آخذة في الازدياد"، بحسب بيان المصرف المركزي التركي، مضيفاً أنه تُجرى مراجعة توقعات النمو العالمي للفترة القادمة نزولاً، ويُقيّم الركود بشكل متزايد على أنه عامل خطر لا مفر منه.
وتراجع سعر صرف الليرة التركية ظهر اليوم، فور انتشار خبر تخفيض سعر الفائدة لتتراجع من 18.14 عند افتتاح اليوم، إلى 18.45 مع توقعات بمزيد من التراجع، بحسب أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير فراس شعبو.
وكان المصرف المركزي التركي قد خفض سعر الفائدة مئة نقطة أساس من 14 إلى 13% في شهر اغسطس/آب الماضي، على عكس التوقعات التي أطلقها اقتصاديون برفع أسعار الفائدة المصرفية، لامتصاص ولو جزء من التضخم الذي اقترب من 80% على أساس سنوي.
ويصف شعبو لـ"العربي الجديد" خطوة المصرف المركزي اليوم "باللعب بالنار"، ففي الوقت الذي ترفع المصارف المركزية حول العالم سعر الفائدة، تخفضها تركيا لترمي العبء على المصارف لتزيد الاستثمار والقروض، وإلا فإنها ستكون عرضة للخسائر.
ويشير شعبو إلى أن السياسة النقدية التركية، فيما لو نجحت، كما رأينا بزيادة الإيداعات بعد حماية الايداع بالليرة، فإن أنقرة ستضيف أدوات للسياسة النقدية التقليدية، ليبقى السؤال حول ارتفاع الاستثمارات وخروج الإيداعات نحو القطاعات التي تستهدفها تركيا"صناعة وزراعة".
ولا يستبعد المتخصص شعبو مزيدا من المفاجآت التركية قبل عام الانتخابات، خاصة على صعيد سعر الفائدة، لأنها ورغم التخفيضين المتتاليين بعد تثبيت لسبع جلسات، لم تزل الفائدة بتركيا مرتفعة ولا بد من النظر إلى تكاليف الإنتاج وزيادة انسياب الصادرات، وليس إلى التفاخر بالأموال بخزائن المصارف.
ومرت الفائدة المصرفية بتركيا بحالة تذبذب منذ مايو/أيار عام 2020، وقت خُفّضت من %11.25 وصولا إلى سعر 8.25، لتبقى على هذا السعر حتى شهر سبتمبر/أيلول، لترتفع من جديد إلى نسبة 10.25%، ويستمر محافظ المركزي السابق، ناجي أقبال، برفع سعر الفائدة حتى 17% في الأشهر الأخيرة من 2020، ومن ثم إلى 19% في مارس/آذار 2021.
واقع دفع الرئيس التركي رحب طيب أردوغان لعزله وتعيين شهاب قافجي أوغلو، الذي قاد مشوار تخفيض الفائدة المستمر، إذ جرى تخفيض سعر الفائدة 100 نقطة في 23 سبتمبر/أيلول العام الماضي، لتتابع لجنة السياسات المالية بالمصرف المركزي خفض السعر في أكتوبر بواقع 200 نقطة ليصبح السعر 16%، تلاه في 18 نوفمبر/تشرين الثاني بنحو 100 نقطة أساس وآخر تخفيض مماثل في ديسمبر/كانون الأول، ليتابع المركزي التركي التخفيض حتى وصلت الفائدة إلى 12% اليوم.